الحكومة المغربية تشيد بالعفو الملكي عن الصحافية الريسوني

TT

الحكومة المغربية تشيد بالعفو الملكي عن الصحافية الريسوني

قوبل العفو الذي أصدره العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء أول من أمس، في حق الصحافية هاجر الريسوني وخطيبها السوداني الجنسية، والطاقم الطبي في القضية المتعلقة بـ«الإجهاض»، بترحيب واسع داخل البلاد، واحتفى به المغاربة، حكومة وشعباً، في وسائل التواصل الاجتماعي، ونوهوا بحكمة القرار الملكي.
وأشادت الحكومة المغربية بقرار العفو الملكي عن الصحافية الريسوني، واعتبرت على لسان الناطق الرسمي باسمها، الوزير حسن عبيابة، العفو ملكي «قرار سامٍ فيه عطف وعمل إنساني»، موضحا أن مفهوم العفو في «الثقافة المغربية والعربية والإسلامية، وارتباطه بمفهوم أمير المؤمنين يبقى مليئاً بالعواطف والجانب الإنساني».
وأضاف عبيابة في لقاء صحافي، عقب اجتماع المجلس الحكومي أمس، أن القرار الملكي «خلف ارتياحا كبيرا في أوساط الشعب المغربي، ونحمد الله أن يكون في الدستور وتقاليدنا هذا العفو»، معبرا عن إشادة الحكومة بـ«حكمة وتبصر جلالة الملك وقراره الحكيم».
وعمت حسابات المغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي فرحة عارمة بخبر الإفراج عن الصحافية الريسوني، التي أدانتها المحكمة بالسجن النافذ مدة سنة، رفقة خطيبها رفعت الأمين، بتهمة «الإجهاض والمساهمة فيه»؛ حيث تداولوا صور الصحافية عند مغادرتها سجن «العرجات» ضواحي العاصمة الرباط.
وبدت الصحافية الريسوني مسرورة بالقرار الملكي؛ حيث اعتبرت في تصريحات صحافية، عقب مغادرتها السجن مساء أول من أمس «أنه كان مفاجئا وغير متوقع، وجاء في وقته بعد صدور الحكم الظالم والجائر، وقد جاء العفو الملكي لتصحيح مسار المحاكمة، والظلم الذي تعرضنا له»، وعبرت عن شكرها للمتضامنين معها في محنتها، من صحافيين وحقوقيين وفعاليات مدنية وسياسية.
وأضافت الريسوني أن الصيغة التي ورد بها قرار العفو الملكي «تقر ببراءتي وضد بيان النيابة العامة، الذي اتهمني بتهم ما زلت لم أستوعبها حتى الآن»، معبرة عن أملها في أن تكون آخر امرأة وصحافية مغربية تتعرض لما تعرضت له من تشهير وظلم.
وتعليقا على قرار العفو الملكي، قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، إن الملك محمد السادس كعادته «يأبى إلا أن يعيد الأمور إلى نصابها، ويتجاوب في التفاتة إنسانية متميزة مع أماني وتطلعات كافة محبي الخير لهذا البلد، الحريصين على مسيرته الحقوقية الثابتة».
وأضاف الرميد أن العاهل المغربي أصدر «عفوه الكريم على الصحافية الريسوني وخطيبها، وأفراد الطاقم الطبي المتابعين في نفس القضية»، معتبرا القرار «التفاتة تعبر عن حكمة وبصيرة قل نظيرها»، وذلك في إشادة واضحة بالقرار الملكي.
وعبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي المغاربة في تدوينات مختلفة عن الشكر والامتنان للملك محمد السادس على قرار العفو، الذي كان مفاجئاً للكثير منهم، واعتبروه انتصاراً وإنصافاً للصحافية وباقي المتابعين في القضية، التي حظيت باهتمام واسع من طرف الشارع المغربي.
في غضون ذلك، رأى مراقبون أن قرار العفو الملكي كان محكوما بالبعد الإنساني للقضية، التي شغلت الرأي العام الوطني والدولي؛ حيث حاولت أطراف خارجية استثمارها لضرب صورة البلاد وترويج أحكام «مسبقة وغير موضوعية». في إشارة إلى المنظمات الحقوقية الدولية التي أصدرت بيانات ودعوات تطالب بالإفراج الفوري عن الصحافية الريسوني.
واستغرب هؤلاء المراقبون «مستوى وحجم تدخل الأطراف الخارجية في هذه القضية، التي ارتبطت بالإجهاض»؛ خصوصاً أن المغرب «لم يعتد على التدخل في القضايا المجتمعية للدول الأخرى».
وأفاد ذات المراقبين بأن القرار الملكي يأتي ليؤكد مرة أخرى أن النقاش حول القضايا، التي تهم المجتمع المغربي، تبقى «خاصة بالمغاربة، وترفض أي وصاية أو تدخل من الخارج»، مؤكدين أن مكونات المجتمع المغربي «قادرة على مناقشة قضاياه بهدوء، والتوصل إلى حلول متوافق عليها، مهما كان تباعد وجهات النظر فيما بينها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.