نبع جمالي عن «الفن المعاصر» ينطلق من مهد الدولة السعودية

لطالما استمرت رحلة أعمال الفن المعاصر السعودي بين أقطاب عواصم العالم الفنية، وبقيت القطع الفنية والأعمال الموسومة بأيدي الفنانين السعوديين جائلة بين الذائقة الأميركية والأوروبية بمعارض وأعمال شكلت الصورة الثرية للإمكانات الفنية للفنان السعودي؛ فمن معرض «ايبي سنتر أكس» في ميتشغان... يقع اليوم «متحف غرين بوكس» المكرس للأعمال السعودية على بعد أمتار قليلة من «متحف فان غوخ» الشهير، في قلب العاصمة الهولندية أمستردام، إلى ممرات البندقية، وصولاً إلى بينالي «بينالسور» في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس... لتبقى أعمال العشرات من الفنانين السعوديين محلقة على مشهد الذائقة الفنية العالمية، معززة الدور الحضاري بين السعودية والفن.
وتعمل هيئة تطوير بوابة الدرعية ووزارة الثقافة على تأسيس المتحف السعودي للفن المعاصر في حي البجيري بالرياض، في سياق تطوير الدرعية (العاصمة السعودية الأقدم) بوصفها مركزاً ثقافياً وترفيهياً وسياحياً؛ وجعلها وجهة مفتوحة للعالم، غنية بالاكتشاف، وتشجع التعبير الفني الخلاّق.
وكانت «الثقافة» وقّعت مذكرة تفاهم مع هيئة تطوير بوابة الدرعية للتعاون في تنفيذ مشروع المتحف الذي سيتم تصميمه وفق مفهوم إبداعي حديث متأثر بالطراز المعماري المحلي التقليدي.
وأعلن الأمير بدر بن عبد الله، وزير الثقافة، أمس الخميس، عن تأسيس «المتحف السعودي للفن المعاصر» بالتعاون بين وزارة الثقافة وهيئة تطوير بوابة الدرعية (DGDA) التي أنشئت في يوليو (تموز) 2017 من أجل المحافظة على تاريخ الدرعية وتطويرها لتصبح من المواقع التاريخية الجاذبة على مستوى العالم، ويلعب الترويج للثقافة دوراً مهماً لتحقيق هذا الهدف.
ويهدف «المتحف السعودي للفن المعاصر» إلى تحقيق أدوار مهمة في المشهد الثقافي السعودي؛ من أهمها تعزيز وتشجيع الفن الوطني ليصبح المتحف مركزاً للهوية البصرية السعودية، ومنصة لترويج أفضل القطع الفنية المعاصرة، إلى جانب أنه حاضنة للأصوات التعبيرية الجديدة في المملكة.
وقال الأمير بدر بن عبد الله، وزير الثقافة، عبر حسابه الرسمي على «تويتر»: «إن هذه خطوة لتعزيز الفن الوطني ليصبح مركزاً للهوية البصرية المعاصرة السعودية، ومنصة لترويج أفضل القطع الفنية المعاصرة».
وأكد أهمية وجود «متحف للفن السعودي المعاصر» الفنان راشد الشعشعي؛ أحد البارزين في الفن المعاصر بالسعودية، لـ«الشرق الأوسط»، باعتبار أن المتاحف هي الملاذ الأخير للعمل الفني المقدر، وقال: «موطن ولادة الفنون وتسليط الضوء على الأعمال الفنية هو أسلوب حياة للأجيال المقبلة، ودائماً الأعمال الفنية هي أثمن وأغلى ما تملكه الدول، ووجود مكان يهتم بهذا النتاج يعني وجود مركزية للإبداع واكتمال دائرة الفن».
وأضاف الشعشعي: «لطالما أقمنا معارض للفنون بأنواعها، وكانت تلقى صدى ونجاحاً، إلا إن جمهور الفن المعاصر هو الأكثر إقبالاً بسبب استخدام مواد وخامات مثيرة أكثر، ومتعايشة مع الإنسان وأقرب لبيئته، فهو ما يثير التساؤل والتفكير، لأنه يخاطب فكر المجتمع، وتفسير لظواهره، فلهذا لغته أقوى تأثيراً».
ويأتي إنشاء «المتحف السعودي للفن المعاصر» انطلاقاً من «رؤية 2030»، حيث الاهتمام بالمتاحف والتركيز عليها. كما أطلق الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، رؤية وتوجهات وزارة الثقافة في أواخر مارس (آذار) الماضي، وجاء قطاع المتاحف أحد قطاعات الوزارة الـ16 التي ستركز عليه جهودها وأنشطتها، كما أعلنت الوزارة عن «المتاحف المتخصصة» في مبادرة ضمن 27 مبادرة تشكل الحزمة الأولى من مبادرات الوزارة.