يعتقد قطاع غير قليل من أنصار الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، أن مواقع التواصل الاجتماعي كان لها دور مهم في إذكاء وتنظيم الاحتجاجات، التي أطاحت به أثناء «ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011». لكن بعد أكثر من 8 سنوات على إزاحته من السلطة، عاد حسني مبارك ليطرق أبواب موقع عرض الفيديوهات الأشهر «يوتيوب»، حيث تحدث مساء أول من أمس لمتابعيه عبر قناة خاصة، حملت اسم «أرشيف مبارك»، عما وصفه بـ«ذكرياته عن حرب أكتوبر 1973»، وبالمواكبة مع ذكراها السادسة والأربعين.
وجاء الظهور النادر لمبارك (91 عاماً)، بعد أيام من تمهيد نجله الأكبر علاء لإطلالة والده، وذلك عبر تغريدة من حساب الابن على موقع «توتير»، كما استخدم الحساب نفسه لترويج مقطع الأب عبر قناة، دُشنت الأحد الماضي، واجتذبت أكثر من 15 ألف مشترك، رغم أنها لا تقدم سوى فيديو واحد حقق أكثر من 430 ألف مشاهدة تقريباً (حتى مساء أمس)، عبر منصة «يوتيوب» وحدها.
واعتبر مبارك أن حديثه يستهدف تعريف «الشباب بمدى التضحيات، التي قدمها جيل أكتوبر حتى يمحو آثار الهزيمة، وحتى تستعيد القوات المسلحة ثقتها في نفسها، وحتى يستعيد الشعب ثقته في قواته المسلحة»، موضحاً صعوبة الفترة التي أعقبت «نكسة يونيو (حزيران) 1976»، فضلاً عن تجربته في يوم استهداف المطارات المصرية من قبل القوات الإسرائيلية.
ومنذ خروجه من سدة الحكم، تحدث مبارك لمرات محدودة في مداخلات هاتفية لبرنامجين تلفزيونيين، وأجرى لقاءً صحافياً مع جريدة «الوطن الكويتية» في مايو (أيار) الماضي، وكان مرتكزاً على ذكريات حرب الخليج، فضلاً عن شهاداته أو دفاعه عن نفسه أمام المحكمة. لكنه لم يطل عبر قالب برامجي من قبل. كما ألغت قناة «مصر الحياة» الفضائية في مارس (آذار) الماضي بث لقاءٍ مع الرئيس الأسبق، بسبب ما قالت إنه «ظروف خارجة عن الإرادة فنياً».
وأظهر مقطع الفيديو، الذي لم يحدد ناشروه مكان تصويره، الرئيس الأسبق وهو يجلس على كرسي كلاسيكي، وقد بدا عليه آثار السن المتقدم والشيب، الذي غلب على رأسه، وفي خلفية المشهد صورة مرسومة لمبارك، مرتدياً الزي العسكري، بينما يوجد على يساره كتاب لوزير الخارجية الأميركي الشهير، هنري كيسنغر، بعنوان «الأزمة»، والذي يتناول ملابسات «حرب أكتوبر 1973»، والأيام الأخيرة من حرب «فيتنام 1975».
وتحدث مبارك عن إعداد خطة الحرب، وطريقة التدريب والإعداد للقوات الجوية، التي كان قائداً لها آنذاك، منوهاً بالتنسيق المصري - السوري للإعداد للحرب. ولم يخل كلام مبارك من التطرق لنقاط خلافية بين مؤرخي وقادة «حرب أكتوبر»، وأبرزها «ثغرة الدفرسوار»، التي رأى قادة عسكريون، ومنهم قائد الأركان الأسبق سعد الدين الشاذلي، أنها تسببت في خسائر كبيرة في صفوف الجيش المصري أثناء المعركة، محملاً القيادة السياسية حينها المسؤولية. فيما تبنى الرئيس الراحل أنور السادات، وخلفه حسني مبارك، وجهة النظر التي تشير إلى محدودية تأثير الثغرة.
وعادة ما كان يصرح مؤيدو مبارك بانتقادات موسمية، تتعلق بما يرونه أنه «تجاهل لتكريمه» في الاحتفالات، التي أعقبت خروجه من السلطة، لكن بعضا من النشطاء على أكبر الصفحات الداعمة له على موقع «فيس بوك»، والتي تحمل اسم «أنا آسف يا ريس»، استقبلوا ظهور الرجل باحتفاء لافت، انعكس في تعليقاتهم على مقطع الفيديو، والتي جاءت مرحبة بالخطوة وداعمة لها.
واللافت أيضاً أن مؤيدي مبارك بدوا مشغولين بحمى «الأكثر مشاهدة»، والرواج الإلكتروني لكلمة الرئيس الأسبق، وهو ما عبّر عنه أحد مديري الصفحة، ويدعى عاصم أبو الخير، بقوله إن «حصر عدد مشاهدات فيديو الرئيس (مبارك) على كل الصفحات، واليوتيوب ومواقع التواصل تخطت حاجز 5 ملايين مشاهدة»، مضيفاً أن تلك الأرقام وفق حصر أجراه هو عبر منصات متعددة، لم يُفصلها.