الرئيس العراقي يدعو إلى إصلاح النظام الانتخابي وحوار وطني شامل

صالح خلال لقائه مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شنكر (الرئاسة العراقية)
صالح خلال لقائه مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شنكر (الرئاسة العراقية)
TT

الرئيس العراقي يدعو إلى إصلاح النظام الانتخابي وحوار وطني شامل

صالح خلال لقائه مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شنكر (الرئاسة العراقية)
صالح خلال لقائه مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شنكر (الرئاسة العراقية)

قال الرئيس العراقي الدكتور برهم صالح، إن الوقت قد حان لإعادة الثقة المفقودة بين المجتمع والنظام السياسي، في البلاد، الذي وصل طبقا لتعريف سابق لصالح، «إلى طريق مسدود».
وفي وقت تستعد فيه لجنة تحقيق مركزية لإعلان النتائج بشأن عمليات قتل واسعة النطاق ضد المتظاهرين، أدت إلى وقوع أكثر من 130 قتيلا، وجرح أكثر من ستة آلاف آخرين، فإن الحكومة العراقية تسابق الزمن من أجل تحقيق ولو الحد الأدنى المقبول لمطالب المتظاهرين.
الخبراء والمتابعون للشأن العراقي يرون أن الكثير مما يمكن حصوله بمن في ذلك المظاهرة التي يجري الإعداد لها يوم الخامس والعشرين من هذا الشهر، يتوقف على إعلان نتائج التحقيق. وفي هذا السياق دعا الرئيس برهم صالح إلى إحداث تعديل جذري في قانون الانتخابات في البلاد كجزء من إصلاح المنظومة السياسية في البلاد التي تصدعت كثيرا بعد مظاهرات الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي فيما دعا إلى حوار وطني شامل بهدف الخروج برؤية موحدة حيال الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد.
وقال صالح خلال لقائه في قصر السلام ممثلين عن الأمم المتحدة ومفوضية الانتخابات المستقلة، إضافة إلى عدد من أساتذة الجامعات والناشطين وأصحاب الاختصاص من الخبراء إن «عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة (عام 2018) هو دليل واضح على ضرورة تعديل قانون الانتخابات العامة لما يمثله ذلك من استحقاق وطني عاجل لبناء الدولة وإصلاح مؤسساتها والقضاء على الفساد المالي والإداري».
وأضاف صالح في بيان رئاسي عقب الاجتماع، أن اللقاء الذي يجريه مع أصحاب الاختصاص يأتي في ظروف بالغة التعقيد ويهدف إلى التمهيد للقاء القوى السياسية والكتل، مبينا أن «الاستماع إلى الرؤى المختلفة يساعد في الوصول إلى تعديلات منطقية على القانون تخدم المصلحة العامة».
وأوضح صالح أن «العراق مقبل على تحولات كبيرة ونحن بحاجة إلى إصلاحات كبيرة تعيد الثقة بمنظومة الحكم في البلاد وأهمها مراجعة المنظومة الانتخابية بشكل جدي يوفر للعراقيين فرصة مناسبة للتعبير عن رؤيتهم حول بلدهم من دون انتقاص أو تلاعب». وأكد صالح قائلا: «لنا الجرأة في أن ندعو إلى حوار وطني شامل نعالج فيه مكامن الخلل في منظومة الحكم في بلادنا وبما يحقق الحياة الكريمة لأبناء شعبنا».
وفي هذا السياق يقول الرئيس السابق للدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات في العراق مقداد الشريفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الإطار السياسي للقانون الذي يعمل عليه الرئيس برهم صالح مهم ويمكن القول إنه يحقق العدالة وإنه أكثر إنصافا من القانون الحالي باعتماده طريقة الفائز الأول لكنه يواجه نوعين من المشاكل».
وفي إطار سرده لطبيعة المشاكل التي يعانيها هذا التعديل المقترح يقول الشريفي إن «هناك إشكاليات إدارية يصعب تخطيها وهي العلاقات الملتبسة بين الكثير من الأقضية والنواحي في عموم العراق، فضلا عن الخلافات بين مجالس المحافظات ووزارة التخطيط بشأن استحداث أقضية ونواح جديدة الأمر الذي يجعل من الصعوبة تطبيق مثل هذه التعديلات على أرض الواقع»، مضيفا أن «الإشكال الثاني هو أن القانون الذي يعمل عليه رئيس الجمهورية يلغي الرمزية وبالتالي لم يعد بمقدور هذا الزعيم السياسي أو ذاك الحصول على مئات آلاف الأصوات، وبالتالي يكون بمقدوره أن يفوز عدد من المرشحين ضمن قائمته ممن لم يحصلوا على الأصوات اللازمة وبالتالي فإن مثل هذا التعديل سوف تعترض عليه القوى السياسية لأنه لا يخدم مصالحها بينما يمثل فرصة للناس بتحقيقه مبدأ العدالة برغم وجود ملاحظات نأمل من رئيس الجمهورية بحثها مع ذوي الاختصاص للخروج برؤية موحدة ومعمقة بشأنه».
إلى ذلك وبشأن إعادة الثقة بمنظومة الحكم يقول السياسي العراقي وعضو البرلمان آراس حبيب كريم لـ«الشرق الأوسط» إن «الطبقة السياسية العراقية الحالية تحتاج بالفعل إلى إعادة الثقة التي اهتزت بين الشعب لا سيما فئة الشباب وبين الطبقة السياسية»، مبينا أن «اهتزاز الثقة ناتج عن عدم قدرة هذه الطبقة على استيعاب تطلعات هذا الجيل التي تحولت بفعل الخلل المتراكم طوال 16 عاما بعد التغيير إلى هموم». وأوضح أن «المهم في الأمر هو أن ترتفع هذه الطبقة السياسية إلى مستوى ما يريد هؤلاء الشباب الذين لم يعاصروا الفترات الماضية ولم يحملوا عقدها بل هم يتطلعون إلى المستقبل الذي يحلمون به».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.