انفصاليو برشلونة يسعون لتحويلها إلى {هونغ كونغ ثانية}

حكومة مدريد تتهمهم بتحريك الاحتجاجات وأعمال العنف من جنيف

حواجز تحترق خلال الاشتباكات في قلب برشلونة عاصمة إقليم كاتالونيا أمس (إ.ب.أ)
حواجز تحترق خلال الاشتباكات في قلب برشلونة عاصمة إقليم كاتالونيا أمس (إ.ب.أ)
TT

انفصاليو برشلونة يسعون لتحويلها إلى {هونغ كونغ ثانية}

حواجز تحترق خلال الاشتباكات في قلب برشلونة عاصمة إقليم كاتالونيا أمس (إ.ب.أ)
حواجز تحترق خلال الاشتباكات في قلب برشلونة عاصمة إقليم كاتالونيا أمس (إ.ب.أ)

لم تنفع كل الدعوات إلى التهدئة والحوار بين الحكومة والانفصاليين في كاتالونيا، بعد قرار المحكمة العليا إرسال قيادات الحركة الانفصالية إلى السجن، لفترات تتراوح بين 9 سنوات و13 سنة. ونامت برشلونة ليلة الثلاثاء على مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين، وعشرات الحرائق وأعمدة الدخان الكثيف والفوضى، في معظم أحيائها، بينما كانت الاحتجاجات تتوالى في المدن الكاتالونية الأخرى، حتى ساعات الفجر الأولى من يوم أمس الأربعاء.
وأفاقت العاصمة الكاتالونية أمس على أصوات المروحيات تحلق في أجوائها، بينما كانت جماعات من المتظاهرين تحتشد في الساحات العامة، استعداداً ليوم آخر من الاحتجاجات، وراء شعارات مثل: «فلنجعل منها هونغ كونغ ثانية»، و«لا تراجع حتى إطلاق المعتقلين».
وبدأت احتجاجات «مسيرات من أجل الحرية» في خمس مدن كاتالونية بهدف الوصول إلى العاصمة الإقليمية برشلونة غداً الجمعة. وتم اعتقال أكثر من 50 شخصاً، وأصيب العشرات، بما في ذلك رجال شرطة.
وبعد ساعات من الدعوة إلى الحوار التي وجهتها حكومة سانشيز إلى الانفصاليين، والتصريحات التي صدرت عن نائبة رئيس الحكومة بأن الاحتجاجات «تسير بشكل سلمي ومعقول»، أصدرت حكومة مدريد المركزية بياناً رسمياً جاء فيه: «إن أعمال العنف والتخريب تعم كل الاحتجاجات ضد قرار المحكمة العليا... وأن هذه التصرفات العدوانية ليست ثمرة تحرك مدني سلمي؛ بل تنسقها مجموعات تستخدم العنف في الشارع لكسر التعايش في كاتالونيا، وهي أقلية تسعى إلى فرض العنف».
وأدان سانشيز العنف، قائلاً إن الحكومة ستواصل «ضمان الأمن» في المنطقة. وقال سانشيز في بيان على «تويتر»: «العنف يسعى لكسر التعايش في كاتالونيا».
وقالت مصادر وزارة الداخلية في مدريد، إن المنصة التي تقف وراء التحركات في الشارع ضد قرار المحكمة العليا تشكلت مطلع الشهر الماضي تحت اسم «تسونامي الديمقراطية» خلال اجتماع عُقد في مدينة جنيف، بين الرئيس الحالي للحكومة الإقليمية في كاتالونيا جواكيم تورا، والرئيس السابق الفار من العدالة كارليس بوتشيمون، وعدد من القيادات الانفصالية، بهدف «استعادة وحدة التحرك» للقوى المطالبة بالاستقلال.
وجاءت الأحكام بعد أكثر من عامين على إجراء الاستفتاء في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، حول ما إذا كان سيتم إعلان إقليم كاتالونيا القوي اقتصادياً دولة مستقلة أم لا.
وأكد وزير الداخلية فرناندو مارلاسكا، أن الأجهزة الأمنية والمخابرات تجري التحريات اللازمة للكشف عن الذين يقفون وراء هذه التحركات، وقال إن المعلومات المتوفرة حتى الآن تفيد بأن جميع الأحزاب والقوى الانفصالية شاركت في الاجتماع السري الذي عقد في جنيف.
وتجدر الإشارة إلى أن القوى الموالية لبوتشيمون، والتي تراجعت شعبيتها في الفترة الأخيرة لحساب اليسار الجمهوري، هي التي تقف وراء منصة «تسونامي الديمقراطية»، في محاولة لاستعادة زمام قيادة الحركة الانفصالية، بعد الانتقادات الكثيرة التي تعرضت لها خلال الأزمة، إثر فرار الرئيس السابق إلى الخارج.
وفر بوتشيمون إلى بلجيكا في عام 2017، عندما قامت السلطات الإسبانية بقمع الحركة الانفصالية. وجددت إسبانيا في الآونة الأخيرة محاولاتها لتسلمه.
وكان لافتاً أن حزب اليسار الجمهوري، الذي صدر الحكم بسجن زعيمه 13 سنة، قد أعلن في بيان رسمي صباح أمس، الأربعاء، أن «لا علاقة له بتلك المبادرة»، كما أن النائب السابق لرئيس الحكومة الإقليمية أوريول جونكيراس، والقياديين الثمانية الذين صدرت بحقهم أحكام السجن، قد أعلنوا صباح أمس الأربعاء: «رفضهم لجميع أعمال العنف والتخريب»، التي شهدتها كاتالونيا ومدن أخرى.
وكان متظاهرون قد عطلوا خط القطار السريع بين برشلونة وفيغيراس، وأقدموا على قطع عدد من الطرقات السريعة داخل إقليم كاتالونيا.
وتفيد المصادر الأمنية في مدريد بأن هذه المنصة تعتمد على قاعدة تنظيمية متطورة، بدعم مالي واستراتيجية قوي، تمكنها من التحرك والتعبئة بسرعة، وتوجيه آلاف الأشخاص إلى أماكن محددة في غضون ساعات قليلة، كما حصل أول من أمس الثلاثاء، عندما توجه الآلاف إلى مطار برشلونة، وتمكنوا من تعطيل الحركة فيه، ما أدى إلى إلغاء نحو 150 رحلة.
وبعد الدعوة التي وجهتها حكومة مدريد إلى القوى الانفصالية لبدء مرحلة جديدة من الحوار حول الوضع في كاتالونيا، دعا رئيس الوزراء بيدرو سانشيز زعماء الأحزاب السياسية الرئيسية الممثلة في البرلمان، إلى اجتماعات منفردة في مقر رئاسة الحكومة، للبحث في الوضع الراهن في الإقليم.
وكان زعيم الحزب الشعبي بابلو كاسادو قد طالب سانشيز بتفعيل قانون الأمن الوطني، الذي يخول الأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة تشمل الإشراف على أجهزة الأمن والشرطة الإقليمية، التي كانت حتى الآن في صدارة المواجهات مع المتظاهرين؛ حيث وقع عشرات الجرحى وتم اعتقال المئات من مرتكبي أعمال التخريب والشغب.
القوى الانفصالية من ناحيتها تعقد اجتماعات متواصلة في البرلمان والحكومة الإقليمية وعدد من البلديات الرئيسية، لتنسيق الخطوات المقبلة، كما جاء في بيان صدر عن حكومة الإقليم التي أكد رئيسها تورا بعد زيارته للقياديين المعتقلين، أنهم «يشعرون بالفخر والاعتزاز لردة الفعل الشعبية احتجاجاً على قرار المحكمة العليا الجائر»، وتعهد مواصلة التحركات على شتى الصعد.
ولم يُعرف حتى الآن موقف رئيس الحكومة بيدرو سانشيز من طلب تورا الاجتماع به وبالملك فيليبي السادس، لبحث الوضع في كاتالونيا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».