عزز لقاء فكري في السعودية من الاتجاه نحو تفعيل النقد وفتح أبواب التسامح التي شرحتها كتب التاريخ حول المشتركات بين الأديان خدمة للبشرية والسلم بين المجتمعات.
وخلال محاضرة أقامها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عن «المنظور السعودي والأوروبي حول التسامح الديني والتنوع» شارك فيها الشيخ أحمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، والدكتور مايكل بريفت مؤسس المعهد الأوروبي لدراسات الإسلام، قال العيسى إن السماحة في الإسلام جاءت من منطلق الرسالة الإسلامية، مبيناً خلال حديثه بأنه عندما يتحدث عن السماحة في الإسلام فإنه يقصد السماحة في المملكة العربية السعودية. وأكد أن بلاده تطبق وتحكم بالشريعة الإسلامية.
وحول الاختلاف المتعدد بين البشر في الأديان والثقافات والحضارات، أوضح العيسى أن «احترام الآخرين ينطلق من عدة منطلقات وهي: احترام الوجود الإنساني، والأخوة الإنسانية»، مضيفاً أن «هذا لا يكون إلا باحترام التنوع والاختلاف والتعددية».
وقال العيسى إن السماحة «قيمة مجردة عليا في الإسلام»، معاتبا دور بعض المفكرين «بأنهم لم يستوعبوا هذا المعنى وأنهم قدموا أطروحات تناقض كتاباته وحواراته»، مضيفاً أن هناك من يعتقد بأن هذه الثقافات والحضارات لا يمكن أن يكون بينها تفاهم ولا تعايش كامل بل جزئي، وبالتالي لا يكون هناك سماحة أو تسامح كامل، فيبرر بأنه من الطبيعي أن يكون هناك صدام حضاري وثقافي.
وفي حديث مختلف حول الجهاد، فسر الأمين العام معنى الكلمة بالإنجليزية بأن معناه «To Strive» أي التحمل أو العمل بجد، وأوضح أن الآيات التي بالقرآن وتتحدث عن الجهاد كلها جاء بعدها «ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين»، مضيفاً بالآية القرآنية «لا إكراه في الدين». فيما أكد الدكتور مايكل بريفت مؤسس المعهد الأوروبي لدراسات الإسلام الحاجة إلى إعادة فتح الأبواب التي أغلقت لأسباب تاريخية، مؤكداً {أننا في هذا العصر يجب ألا نبقى على ما كانت عليه الأحوال في الماضي}.
وأضاف في حديثه أن الناس جميعهم متساوون حيث يعيشون في بيئة واحدة، مشيراً إلى أهمية «الرحمة» والتفكير في الطريقة التي تنعكس فيها العدالة في القرآن الكريم على سبيل المثال.
وتحدث العيسى عن وثيقة المدينة، التي تعد من أهم المعاهدات النبوية التي عقدها النبي محمد مع اليهود، سواءً التي كانت في المدينة المنورة أم خارجها، بسبب اتساع رقعة الدولة الإسلامية وكثرة التعامل مع اليهود، حيث نصت الوثيقة على أن لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، إضافة إلى التناصر بين المسلمين واليهود على من يحارب نصوص الوثيقة، حيث وصفها الدكتور العيسى بأنها من مفاخر التشريع المدني في التاريخ الإسلامي، والتي تمثل تشريعاً ملزماً للمسلمين باتجاه الأقليات الدينية وشملت رعاية الحقوق المدنية والدينية. وأكد أنه «في تفاصيل هذه الوثيقة ما لا يمكن أن يستوعبه التطرف ولا التشدد».
وتعمل رابطة العالم الإسلامي على تعزيز الصورة الحقيقة للإسلام وإبراز أوجه التسامح بين الأديان، حيث استقبلت السعودية الشخص الثاني في الفاتيكان حينها الكاردينال توران، حيث زار قيادة البلاد بدعوة من رابطة العالم الإسلامي. كما تم توقيع اتفاقية تعاون لتحقيق الأهداف المشتركة في يونيو (حزيران) من العام 2018 في الرياض. وقال العيسى إن جميع مؤتمراتهم الخارجية تحضرها جميع الأديان.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، وقعت رابطة العالم الإسلامي اتفاقية باريس للعائلة الإبراهيمية مع جميع المكون الديني الفرنسي الكاثوليكي والأرثوذكسي والبروتستانتي لتكون بذلك أول منظمة إسلامية تجمع ممثلين عن أتباع الأديان الكتابية في وثيقة تعاون واحدة للعمل على المشتركات بينها الموضحة في تفاصيل الاتفاقية من أجل تعزيز جهود السلام والوئام في مواجهة خطاب التطرف والكراهية والعنصرية والتحريض على استقرار وسلم المجتمعات.
وكان 1200 شخصية إسلامية من 139 دولة يمثلون 27 مكوناً إسلامياً من مختلف المذاهب والطوائف، قد أقروا، في مايو (أيار) الماضي، من جوار البيت الحرام «وثيقة مكة المكرمة»، وعدّوها دستوراً تاريخياً لإرساء قيم التعايش بين الأديان والثقافات والأعراق والمذاهب في البلدان الإسلامية من جهة، وتحقيق السلم والوئام بين مكونات المجتمع الإنساني كافة من جهة أخرى، مستلهمين الأثر البالغ لـ«وثيقة المدينة المنورة»، التي عقدت قبل 14 قرناً لحفظ تنوع الدولة الإسلامية وتعايشها باختلاف مكوناتها.
لقاء فكري في السعودية يشدد على التسامح الديني لتحقيق السلم المجتمعي
لقاء فكري في السعودية يشدد على التسامح الديني لتحقيق السلم المجتمعي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة