مجلس الأمن يحذر من فرار الإرهابيين... وواشنطن تطالب بوقف النار فوراً

موسكو: وحداتنا تمنع الصدام التركي - السوري وتيسر الانسحاب الأميركي

TT

مجلس الأمن يحذر من فرار الإرهابيين... وواشنطن تطالب بوقف النار فوراً

تمكن مجلس الأمن من اتخاذ موقف مقتضب من التطورات في شمال شرقي سوريا؛ إذ حذر بالإجماع من خطر «فرار» الإرهابيين المعتقلين في المنطقة، معبراً عن «القلق البالغ» من الأوضاع الإنسانية المتردية. غير أن روسيا حالت دون تضمين البيان غير الرسمي أي مطالبة بوقف الحملة العسكرية التركية ضد الجماعات الكردية المسلحة.
وإثر الجلسة التي طلبتها الدول الأوروبية؛ فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا وبولندا، تلا رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي مندوب جنوب أفريقيا جيري ماتجيلا، موقفاً موحداً ولكنه مقتضب يعبر فيه الأعضاء عن «قلقهم البالغ من خطر فرار الإرهابيين من الجماعات المصنفة لدى الأمم المتحدة، بما فيها (داعش)»، مضيفاً أنهم «يشعرون بقلق شديد أيضاً من خطر حدوث مزيد من التدهور في الوضع الإنساني».
وأكد المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا لـ«الشرق الأوسط» أن وحدات من الشرطة العسكرية الروسية اجتازت نهر الفرات في اتجاه منبج بشمال شرقي سوريا بغية «منع حدوث صدام عسكري» بين الجيشين التركي والسوري، ومن أجل «تيسير انسحاب» القوات الأميركية من المنطقة. ولاحظ أن كثيراً من أعضاء مجلس الأمن «يتحدثون هنا عن أوضاع معينة، لكنهم لا يعرفون حقيقة الوضع على الأرض». وقال نيبينزيا للصحافيين إنه «ينبغي للمجلس أن يأخذ في الاعتبار الجوانب الأخرى من الأزمة السورية، وليس فقط العملية التركية». وكشف عن أن أنقرة أبلغت موسكو بأنها ستحترم وحدة الأراضي السورية وأن هدفها النهائي هو ضمان سيادة سوريا ووحدتها.
وقالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت إن الولايات المتحدة تطالب تركيا بـ«وقف تقويض الحملة الهادفة إلى هزيمة تنظيم (داعش)» بالإضافة إلى «وقف تعريض المدنيين للخطر، ووقف تهديد السلام والأمن والاستقرار في المنطقة»، علاوة على «وقف هجومها وإعلان وقف النار على الفور».
وفي موقف موحد منفصل تلاه المندوب الألماني كريستوف هيوسيغن، طالبت الدول الأوروبية تركيا بوقف العمل العسكري. وقال: «نحن نأسف بشدة لأن تركيا لم تستجب بعد لهذه النداءات المتكررة من حلفائها لأننا لا نعتقد أن العمل العسكري الأحادي سيعالج المخاوف الرئيسية على أمن تركيا»، مضيفاً أن «استمرار العمل العسكري التركي يقوض بشكل خطير الاستقرار والأمن في المنطقة كلها، مما أدى إلى معاناة المدنيين وتشريدهم وإعاقة شديدة لوصول المساعدة الإنسانية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.