المجتمع الدولي لم يبذل جهودا جدية لحماية أكراد سوريا

في تناقض صارخ مع الإجراءات المتخذة ردا على هجوم «داعش» على الأقليات من الإيزيديين والأكراد في العراق

محتجون أكراد هاربون من الغاز المنبعث من القنابل المسيلة للدموع التي ألقاها الجنود الأتراك في مواجهات على الحدود التركية السورية أمس (أ.ف.ب)
محتجون أكراد هاربون من الغاز المنبعث من القنابل المسيلة للدموع التي ألقاها الجنود الأتراك في مواجهات على الحدود التركية السورية أمس (أ.ف.ب)
TT

المجتمع الدولي لم يبذل جهودا جدية لحماية أكراد سوريا

محتجون أكراد هاربون من الغاز المنبعث من القنابل المسيلة للدموع التي ألقاها الجنود الأتراك في مواجهات على الحدود التركية السورية أمس (أ.ف.ب)
محتجون أكراد هاربون من الغاز المنبعث من القنابل المسيلة للدموع التي ألقاها الجنود الأتراك في مواجهات على الحدود التركية السورية أمس (أ.ف.ب)

مع سماع دوي إطلاق النيران من جانب «داعش» في مختلف أنحاء المناطق الريفية داخل كوباني، أول من أمس، هرع الصحافيون المتمركزون على قمة جبلية تركية قريبة، لضبط الكاميرات لتصوير أعمدة الدخان التي تتصاعد من المدينة الكردية التي تقع على الجانب الآخر من الحدود في سوريا. والتف الجنود الأتراك برؤوسهم لمشاهدة ما يجرى. بينما كان يتراجع آخر السكان المقيمين الفارين مما بدا وكأنه الهجوم الأخير على المدنية، وخطواتهم تتراجع أحيانا إلى الخلف، ليروا الأماكن التي تعرضت للقصف، وما إذا كانت عمليات القصف هذه طالت أحد بيوتهم.
كانت القوات التركية تلاحظ تقدم «داعش» إلى مدينة كوباني الكردية المهملة، ورُصدت تلك التحركات من جانب بعض الأشخاص المطلعين على الأوضاع، وجرى بثها على الهواء مباشرة في مختلف أنحاء العالم بواسطة القنوات الإخبارية منذ أن شن المسلحون هجومهم قبل أسبوعين. وتُعد المدينة قريبة جدا من تركيا لدرجة أنه يمكن مشاهدة مآذن المساجد بها بوضوح من الجانب التركي للحدود، كما يمكن رصد بعض التحركات الوشيكة لمقاتلي «داعش».
ولكن في تناقض صارخ مع الإجراءات المتخذة للرد على الهجوم الذي شنه «داعش» ضد الأقلية من الإيزيديين والأكراد في العراق في أغسطس (آب)، لم تكن هناك جهود دولية جادة لوقف هذا الهجود الذي يشنه «داعش» ضد الأكراد في سوريا، سواء من جانب القوات التركية المنتشرة بقوة في مختلف أنحاء المنطقة، أو الطائرات الحربية الأميركية التي تحلق الآن حسبما تشاء في جميع أنحاء شمال سوريا، وتقذف قنابل بشكل منتظم على مواقع «داعش» في أماكن أخرى.
التساؤل الرئيس الذي يدور في أذهان الأكراد في كوباني، الذين لاذوا بالفرار الآن إلى تركيا، هو: لماذا لم تتخذ الولايات المتحدة تدابير لإنقاذ مدينتهم؟!
شنت طائرات حربية أميركية ضربات في محيط كوباني في نحو 4 وقائع منذ بدء الهجوم، بينما شنت أكثر من 90 غارة جوية في مختلف أنحاء كردستان العراق في الأسبوعين اللذين أعقبا إصدار الرئيس أوباما أمرا بعودة عمل الجيش الأميركي في العراق، في يونيو (حزيران). وأفاد نشطاء من الأكراد، مساء يوم الجمعة، بمعلومات حول الهجوم الأخير الذي شنته الولايات المتحدة، ولا يمكن التحقق من ذلك بشكل مستقل. ومن جهتها، قالت حميدة محمد (30 عاما): «لو أراد الأميركيون، يمكنهم القضاء على (داعش) في غضون يوم واحد». وتجدر الإشارة إلى أن حميدة كانت واحدة من بين القلة الأخيرة من اللاجئين الذين تمكنوا من الفرار من البلدة المهملة، حيث بدأ (داعش) شن هجومه يوم الجمعة الماضي. وأوضحت: «لا نعرف لماذا لم يتخذوا إجراء حيال (داعش)»، مضيفة: «لا أحد يفهم السبب».
وجد المسؤولون الأميركيون صعوبة كبيرة في الإجابة عن هذا السؤال، فيما تداول النشطاء الأكراد على «تويتر» على نطاق واسع، فيديو نشره موقع «سي إن إن» يُظهر تلعثم وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل في الرد على سؤال مثار حول سبب تقاعس القوات الأميركية، الذي أوضح فيه أن الولايات المتحدة تجري محادثات مع «شركائها في التحالف» بشأن سبل التعامل مع الوضع في كوباني، قائلا: «لا يتعلق الأمر بعدم إدراكنا للوضع، أو أننا لا نبحث بشكل فعال في الخيارات التي يتعين علينا التعامل معها».
ويرى أندرو تابلر، بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن السبب الحقيقي وراء ذلك مرده أن الغارات الجوية بقيادة الولايات المتحدة لا تزال تركز بالأساس على العراق، بينما كانت تهدف أي هجمات جرى شنها في سوريا، بالأساس، إلى إضعاف قدرة «داعش» على العمل هناك، قائلا: «يبدو أن الاهتمام ينصب على تحقيق الاستقرار في العراق، دون إيلاء الاهتمام بالأقليات الموجودة هناك»، مضيفا: «يبدو أن سوريا تشكل أمرا ثانويا، وأنه لم يجرِ شن الضربات دون وجود استراتيجية سياسية وإنسانية ملموسة».
وقد أدلى المسؤولون الأميركيون الذين طُلب منهم تفسير سبب التقاعس في كوباني، بإجابات مشابهة، وإن كانت أقل وضوحا.
وبدوره، أوضح الأميرال جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، في ندوة صحافية أنه جرى شن غارات جوية في محيط المدينة، مضيفا إلى أنه إذا كان من الممكن شن تلك الغارات «بطريقة لا تتسبب في حدوث المزيد من الأضرار أو وقوع خسائر في صفوف المدنيين.. فلن نتردد في القيام بذلك»، وأردف: «إننا ركزنا على الوضع بوجه عام، ولم نركز فقط على مدنية أو بلدة واحدة. وعلينا الاستمرار في التركيز على المنطقة بأسرها».
وفي سياق متصل، قال: «محور التركيز في سوريا يدور، في الواقع، حول الملاذ الآمن الذي يتمتعون به.. وفي العراق، أولينا تركيزا أكبر حيال دعم قوات الأمن العراقية والقوات الكردية على الأرض».
هناك أيضا مجموعة من التحديات تتعلق بسوريا أكثر تعقيدا بكثير من تلك المتعلقة بالعراق، حيث تدعم الحكومة العراقية والسلطات الإقليمية الكردية المهمة الأميركية هناك. حتى الآن لم يكن لدى الولايات المتحدة شريك قادر على الصمود في سوريا، وأفادت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي بأن الحكومة الأميركية تركز جهودها على العمل مع تركيا بغية إيجاد حل للصراع الدائر على حدودها، بما في ذلك إمكانية إيجاد سبيل لتوحيد فصائل المتمردين الأكراد والسوريين المتناحرين لإنقاذ كوباني.
ولكن لا تزال تركيا مترددة بشأن الانضمام إلى التحالف ضد «داعش»، رغم أن البرلمان التركي أجاز التدخل العسكري يوم الخميس الماضي، ذلك أن تركيا تحرص على عدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تُجرِّئ خصومها على أحد جانبي الحدود، وعيّن القرار حزب العمال الكردستاني (المنظمة الأم للميليشيات الكردية التي تقاتل في كوباني) أحد الأهداف المحتملة لأي تدخل عسكري تركي مستقبلي، إلى جانب تنظيم «داعش» والرئيس السوري بشار الأسد.
ومن جانبه، أشار رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، مساء الخميس، إلى أن تركيا قد تستعد لاتخاذ خطوات. وفي حديثه إلى صحافيين أتراك، قال: «لا نريد أن تسقط مدينة كوباني. وسوف نفعل ما بوسعنا للحيلولة دون حدوث ذلك».
ولكن لا يزال من غير الواضح الإجراءات التي تستعد تركيا للقيام بها. وفي غضون ذلك، وجهت الحكومة السورية وإيران تحذيرا لتركيا يوم الجمعة من التدخل في سوريا، وعدّوا أن أي تدخل من جانبها سوف يكون بمثابة «عدوان»، ومن شأن ذلك أن يزيد الأمور تعقيدا.
ومن جانبهم، يقول الأكراد إنهم مستعدون للدفاع عن كوباني دون مساعدة. ويثق المقاتلون الأكراد السوريون، جنبا إلى جنب، مع وحدات حماية الشعب، في قدرتهم على الصمود لأيام وربما لأسابيع.
وأوضح إبراهيم قادر (ناشط من كوباني موجود في تركيا) أنهم موحدون ولا تنقصهم الدوافع، حيث إنهم على دارية جيدة بالشوارع، على النقيض من الميليشيات الإسلامية المتشددة.
ولكن تعوق القوات التركية وصول الإمدادات إلى المدينة، و«داعش» تحيط بهم من 3 جهات. كما أن المساعدات الغذائية التي أرسلها أكراد العراق، الأسبوع الماضي، أوشكت على النفاد.
وأظهر شريط فيديو نُشر على الإنترنت في وقت سابق من هذا الأسبوع مقاتلين أكراد يطلقون النار على دبابات «داعش»، ويحملون بنادق كلاشنيكوف القديمة.
ومن جهته، قال أحمد مصطفى أحد اللاجئين الفارين يوم الجمعة الماضي: «لو كانت وحدات حماية الشعب لديها دبابات، كان من الممكن أن نلحق الهزيمة بهم، ولكننا لا يوجد لدينا أسلحة ثقيلة»، مضيفا: «ونأمل فقط في أن تزيد الغارات الجوية الأميركية».

* خدمة «واشنطن بوست»



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.