ترمب يدافع عن قراره سحب الجنود الأميركيين من سوريا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يدافع عن قراره سحب الجنود الأميركيين من سوريا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

دافع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الأربعاء)، عن قراره سحب الجنود الأميركيين من سوريا ووصفه بأنه «رائع استراتيجياً» في حين دان مجلس النواب بغالبية كبيرة هذا القرار في اتفاق نادر بين الديمقراطيين والجمهوريين.
ويأتي ذلك بينما توجه نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو إلى تركيا لمحاولة إقناع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بوقف الهجوم في شمال سوريا.
وانضم 129 من نواب الحزب الجمهوري إلى الديمقراطيين لإدانة سحب القوات الأميركية من شمال سوريا بأغلبية 354 - 60 صوتاً. ودعا القرار المشترك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في سوريا.
وفي إشارة إلى تدهور علاقة ترمب بالكونغرس بينما يجري مجلس النواب تحقيقاً يهدف إلى عزله، انسحبت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر مما وصفوه بأنه لقاء عاصف في البيت الأبيض مع ترمب. وقال شومر إن ترمب وصف بيلوسي بأنها «سياسية من الدرجة الثالثة» بينما قالت بيلوسي إن الرئيس كان في حالة «انهيار».
وانتقل ترمب إلى «تويتر» متهماً بيلوسي بأنها «تعاني من الانهيار»، وأضاف أن المسؤولة الديمقراطية «نانسي بيلوسي تحتاج إلى مساعدة وبسرعة! إما أن شيئاً ما لا يعمل (في عقلها) أو أنها ببساطة لا تحب بلدنا».
في مواجهة تصاعد الانتقادات من الحزبين في واشنطن بشأن الانسحاب المفاجئ للقوات الأميركية من سوريا، نفى ترمب أنه أعطى إردوغان «ضوءاً أخضر» لشن عملية عسكرية ضد الأكراد.
وقال للصحافيين في البيت الأبيض: «قرار الرئيس إردوغان لم يفاجئني لأنه أراد القيام بذلك منذ فترة طويلة (...) كان يحشد قوات على الحدود مع سوريا منذ فترة طويلة».
وذهب الرئيس الأميركي إلى حد الاستخفاف بالحلفاء الأكراد الذين تخلى عنهم في وجه الهجوم التركي، ليصفهم بأنهم «ليسوا ملائكة»، وكذلك بمنتقديه الجمهوريين.
وقال ترمب عن محادثة هاتفية أجراها مع إردوغان قبل التوغل التركي في سوريا: «لم أعطه ضوءاً أخضر. وإنما عكس الضوء الأخضر». وأضاف: «كتبت رسالة مباشرة بعد تلك المحادثة، رسالة قوية للغاية».
في الرسالة المؤرخة في 9 أكتوبر (تشرين الأول)، كتب ترمب لإردوغان «لا تريد أن تكون مسؤولاً عن ذبح الآلاف»، وحضه على ألا يكون «متصلباً» أو «أحمق». وأضاف: «سينظر إليك التاريخ بشكل إيجابي إذا قمت بذلك بالطريقة الصحيحة والإنسانية».
وأكد ترمب للمراسلين الصحافيين أن القوات الأميركية باتت في مأمن وأن تداعيات الانسحاب الأميركي ستحض سوريا وتركيا وروسيا على تسوية الأمور في ما بينها. وقال: «أرى أن الوضع على الحدود التركية مع سوريا بالنسبة للولايات المتحدة رائع من الناحية الاستراتيجية. جنودنا خارج تلك المنطقة، جنودنا آمنون تماماً». وتابع: «دخلت تركيا إلى سوريا. إذا ذهبت تركيا إلى سوريا، فهذا بين تركيا وسوريا وليس بين تركيا والولايات المتحدة، مثلما يريد كثير من الأغبياء أن يجعلوكم تصدقون».
ودافع مجدداً عن موقفه في تغريدة أرسلها في وقت متقدّم من الليل. وقال: «أنا الوحيد الذي يمكنه الكفاح من أجل سلامة قواتنا وإعادتهم إلى الوطن من حروب لا نهاية لها سخيفة ومكلفة، ثم أتعرض للسخرية. كان الديمقراطيون يحبذون دائماً هذا الموقف، حتى تبنيته».
وعبر ترمب عن ثقته في أن الأسلحة النووية الأميركية المخزنة في قاعدة إنجرليك الجوية التركية آمنة، رغم التوتر الشديد بين أنقرة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) بشأن التوغل في سوريا. وقلل من شأن هروب مقاتلي «داعش» الذين كان يحتجزهم الأكراد كمحاولة «لجعلنا نبدو وكأنه علينا أن نعود إلى هناك».
أما الأكراد، فقال ترمب إنهم «يعرفون كيف يقاتلون، وكما قلت فهم ليسوا ملائكة. إنهم ليسوا ملائكة إذا نظرتم جيداً».
ورأى ترمب أن حزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً منذ عقود ضد أنقرة، يمثل «على الأرجح» تهديداً أكبر من جماعة «داعش». وقال إن «حزب العمال الكردستاني الذي هو جزء من الأكراد، كما تعلمون، هو على الأرجح أسوأ في الإرهاب ويمثل تهديداً إرهابياً أكبر من نواحٍ كثيرة». وهاجم منتقدي قرار الانسحاب، وخصوصاً السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي كان مدافعاً قوياً عن الرئيس. وقال : «يود ليندسي غراهام البقاء في الشرق الأوسط لألف سنة مقبلة مع الآلاف من الجنود الذين يخوضون حروب الآخرين. أريد أن أخرج من الشرق الأوسط. دعهم يخوضون حروبهم».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.