5 أعمال لرواد الفن في السعودية تعرض للمرة الأولى في مزاد عالمي

المتابع للمشهد الفني بالسعودية في الـ10 سنوات الأخيرة يلحظ زيادة الاهتمام بالفنانين المحليين والعالميين، وانصب الاهتمام على الفنانين المعاصرين الذين نجحوا في فرض أسمائهم على الساحة عبر معارض عالمية أطلقتها مجموعة «إدج أوف أرابيا»، تلاها بعد ذلك عدد من المعارض المحلية والإقليمية وأسابيع الفنون التي أقيمت بجدة والرياض. وكان من الطبيعي أن يترجم ذلك الاهتمام من الجمهور إلى حركة اقتناء وجمع للوحات والأعمال الفنية، بلغت ذروتها في تسجيل أرقام عالية لفنانين سعوديين معاصرين في مزادات «كريستيز» و«سوذبيز» في منطقة الخليج العربي.
الجو العام الذي تنبه لأهمية الفن في حياة المجتمع، أعاد إلى الواجهة أعمال لقدامى الفنانين في السعودية، أو «الرعيل الأول» من فناني الحداثة، وهو ما ظهر في أسبوع جدة للفنون الذي أقيم في شهر فبراير (شباط) الماضي وسلط الضوء على فناني الرعيل الأول في المملكة. وهو أيضا ما حرص غاليري «أيام في جدة» على إبرازه بإقامة معرض في شهر يوليو (تموز) الماضي ضم أعمالا لـ8 فنانين تحت عنوان «الطليعة: بدايات الفن التشكيلي السعودي».
التوجه لإبراز دور الفن الحديث في تهيئة الساحة للفن المعاصر ظهر أيضا في «آرت دبي»، حيث خصص جناح «آرت دبي مودرن» لهذا الغرض.
ومن المعارض إلى دور المزادات، تظهر أعمال لعدد من كبار الفنانين السعوديين تعرض للبيع في مزاد عالمي للمرة الأولى ضمن مزاد دار «سوذبي» للفن المعاصر الذي يقام بالدوحة يوم 13 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وتضم الأعمال السعودية تحديدا لوحات لأسماء رائدة في حركة الفن التشكيلي في المملكة مثل عبد الحليم رضوي وطه الصبان ومحمد السليم وعبد الرحمن السليمان ومحمد الرصيص ومحمد السليم وعبد الله حماس.
في حديث مع «الشرق الأوسط»، تعلق لينا لازار، المديرة والمختصة بالأعمال الفنية العالمية المعاصرة في دار «سوذبيز»، بأن الأعمال السعودية المشاركة ستعرض قبل المزاد في مركز كتارا للفنون بالدوحة من يوم 7 أكتوبر الحالي، وتشير إلى أن الفن السعودي المعاصر الذي استقطب الاهتمام العالمي في الفترة الماضية كان يجب أن يوضع في الإطار الزمني الصحيح لإبراز مكانته في سياق الحركة التشكيلية السعودية، ومن هذا تأتي أهمية التركيز على الفنانين والتيارات التي ظهرت في السبعينات والثمانينات. تقول: «عندما سجلت مبادرة (إدج أوف آرابيا) أعمالا فنية معاصرة من المملكة ساهمت في خلق حالة خاصة، ومن تلك المجموعة التي انطلقت للعالم في عام 2008 ظهرت أسماء لمعت وشقت مسارات منفصلة عن المجموعة وحققت نجاحات عالمية ومحلية؛ مثل أحمد ماطر وعبد الناصر الغارم».
وتستطرد لازار قائلة: «نرى الآن اتجاها للعودة للجذور بين مقتني الفنون، واجهنا تساؤلات كثيرة ومفاهيم مغلوطة حول الفن السعودي بين المتلقين وجامعي الأعمال الفنية التي لا تضع الموجة المعاصرة في مكانها المنطقي، وهو بعد موجات سابقة وفنانين وضعوا أسسا للحركة الفنية في السعودية». وتضيف: «أرادت (سوذبيز) أن تكون طرفا في تلك المناقشة المثيرة عبر اختيار عدد من الأعمال التي أنجزت في السبعينات والثمانينات لعرضها في المزاد إلى جانب أعمال معاصرة لفنانين من السعودية وقطر وإيران والعراق وسوريا ولبنان ومصر والجزائر والمغرب وتونس وفلسطين إلى جانب تحف وأعمال فنية لفنانين عالميين من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة».
من الأعمال المعروضة لوحة «حارة الشام» للفنان عبد الحليم رضوي، نفذها في عام 1985. وفيها، يقدم الفنان تصوره لحارة الشام، إحدى حارات جدة القديمة، يجسد فيها النبض وإيقاع الحياة اليومية في الحارة عبر أشخاص نراهم أمام المحال أو «البسطات» أو في المقاهي، مع إبراز الطراز المعماري، في الخلفية نرى استخدام الفنان للخطوط الهندسية. التراث كتيمة أيضا يظهر في لوحتي الفنان طه الصبان «بيت التشكيليين»، وعبد الرحمن السليمان «مكان» التي تحتفي بصور البيوت والمزارع والأسواق وأشجار النخيل.
ومن اللوحات التي تحتفي بالأماكن والأشخاص وتهتم بإبراز التراث كهوية، ننتقل إلى لوحات اتخذت من التجريدية وسيلة للتعبير، نرى ذلك في لوحة الفنان محمد السليم «من دون عنوان»، ويقدم لنا فيها منظرا يبدو لكثبان رملية متتالية تمتد على الأفق، تتوازى وتختلط حدودها مستعينة في ذلك بلوحة ألوان هادئة. خلال عقد الثمانينات، برز السليم بصفته واحدا من أهم الفنانين التجريديين بين أبناء جيله، ومن رواد الفن في منطقة الخليج. وفي أعقاب حرب الخليج، اتجه إلى استحضار واستخدام الأشكال الهندسية والألوان النقية في لوحاته وأعماله الفنية.
ويقدم مزاد العام الحالي أعمالا رائعة لأهم الفنانين المعاصرين وأكثرهم رواجا، وكذلك الفنانين الناشئين أصحاب المواهب الرائعة من منطقة الشرق الأوسط والعالم. وتتراوح التقديرات الأولية لما قبل البيع بالنسبة لقيمة الأعمال الفنية التي سيطرحها المزاد ما بين 10 آلاف إلى مليون دولار، كما اختيرت المجموعة المعروضة بعناية لإرضاء أذواق الفئات العمرية الشابة، والهواة الجدد، بالإضافة إلى جمهور المؤسسات.
- مزاد سوذبيز للفنون المعاصرة يقام بالدوحة بتاريخ 13 أكتوبر الحالي، ومعرض ما قبل البيع بتاريخ 7 أكتوبر في مركز كتارا للفن، بالدوحة.