هل أصبحنا أكثر تسامحاً؟

هل أصبحنا أكثر تسامحاً؟
TT

هل أصبحنا أكثر تسامحاً؟

هل أصبحنا أكثر تسامحاً؟

مرة أخرى يعود الجدل، ولكن برداء آخر: هل يمثل الفنّ والترفيه خطراً على ثقافتنا وهويتنا وأخلاقنا؟ سبب هذا القلق، فورة النشاط الترفيهي غير المسبوق الذي تشهده العاصمة السعودية الرياض.
من يقرع أجراس التحذير والتخويف، هم أنفسهم الذين نصّبوا أنفسهم حُراساً على قيم الناس وسلوكهم، لا شيء تغير بالنسبة لهم، سوى أنهم وجدوا أنفسهم في الزاوية، تهاوت الأسلحة والأدوات التي كانت بأيديهم، انفضّ الناس من حولهم، تجردوا من قوة المؤسسة التي كانوا يستخدمونها، أصبحوا أناساً عاديين، لا شيء يميزهم عن آلاف الشباب والشابات الذين تسابقوا نحو صالات الفنّ والترفيه.
هذا هو التحول الأهم. أن يصبح الناس متساوين في الحقوق بين من يريد هذا المسار أو ينزع لمسار آخر. لا هيمنة لأي طرف على الآخر، وليس من حقّ أحد أن يصادر حريات الناس ويستولي على خياراتهم، ويصوغ المجتمع وفق رأيه وفكره ومنهجه!
في السعودية، الجدل بشأن الفنّ قديم. ويلامس على نحو خاص شرعيته، ودوره، ورسالته، وحاجة الناس إليه. لكن الجديد هو ما يجادل به المثقفون (مؤيدون أو معارضون) على حدٍ سواء: هل أصبحنا أكثر تسامحاً وأقل تشدداً بعد أن فتحنا الأبواب أمام كل هذه الفنون السمعية والبصرية والتعبيرية؟ هل أصبح المجتمع أكثر تعايشاً وقبولاً بالتنوع والاختلاف ومتسامحاً ومتصالحاً... وأكثر بُعداً عن التطرف الفكري، والتشدد؟
هذه أسئلة مشروعة. من البديهي أن حلقة التطرف تتفكك تدريجياً، كلما انحلّت هيمنتها عن المجتمع. لم تعد تشعر بالقوة الفولاذية التي تصادر بها المشهد العام وتحتكر صورته وهويته وشخصيته. أما الفن بذاته فله دور مهم في ترقيق أحاسيس الناس وتليين طباعهم ونزع التوحش من سلوكهم، والتطرف لا يتعايش مع الفنّ، طبيعة الفنّ أنه النقيض الطبيعي للتشدد، وحين غاب الفنّ بتمثلاته المختلفة، أصبح المجتمع أكثر انغلاقاً، وأكثر تشدداً، بغياب الفنّ والمرأة فقد كثير من الناس صورتهم الطبيعية قبل أن تُشكّلها عناصر الإكراه والتوجيه والبرمجة الثقافية. نعم الفنّ وسيلة للانفكاك من هيمنة التطرف الفكري، مثلما أنه وسيلة لدمج الناس فوق الفواصل الآيديولوجية، فالفنّ يقرب الناس بعضهم من بعض، ويمنحهم فضاء مشتركاً يتعايشون فيه، بوصفه عابراً للهويات والنسقيات والتمايز بين البشر.
لكن بنية التطرف صلبة، ومن المبالغة القول إنها تذوب بفعل حضور المرأة أو إقامة أمسيات فنية هنا أو هناك، أو فتح الأبواب أمام ثقافات العالم... على العكس سينزوي الممانعون إلى حصونهم، ربما يحاول هذا أو ذاك استثمار خطأ من شاب، أو فتاة لتمرير رسالته في التوجس والارتياب والتخويف... لأن خطاب الكراهية لا يتبدل بسهولة، يستمد طاقته من روح استعلائية، أو استحواذية، أو إقصائية، أكثر من كونه يستفيد من أخطاء لشباب يافعين بالغوا في إظهار المرح.
مرة أخرى، هل أصبحنا مع هذا الفن والترفيه أكثر تسامحاً؟ هل توارى الفكر المتطرف والمتعصب والأحادي والإقصائي إلى الوراء؟ هذا السؤال بحد ذاته يصب في صالح قوى التغيير الناعمة... (ثقافة وفنون) الكلّ يتوقع أن تخلق سلوكاً حضارياً عميقاً في المجتمع ولذلك يسألون بعد بضعة أيام فقط من وجودها: هل تمكنت من تغيير ثقافة متأصلة منذ عشرات السنين؟



احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
TT

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)

احتفت مصر بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ، عبر فعاليات متنوعة في متحفه وسط القاهرة التاريخية، تضمّنت ندوات وقراءات في أعماله وسيرتيه الأدبية والذاتية، واستعادة لأعماله الروائية وأصدائها في السينما والدراما.

وأعلن «متحف نجيب محفوظ» التابع لصندوق التنمية الثقافية في وزارة الثقافة، أن الاحتفال بـ«أديب نوبل» يتضمّن ندوة عن إبداعاته ومسيرته، يُشارك فيها النّقاد، إبراهيم عبد العزيز، ومحمد الشاذلي، والدكتور محمود الشنواني، والدكتور تامر فايز، ويديرها الدكتور مصطفى القزاز. بالإضافة إلى افتتاح معرض كاريكاتير عن نجيب محفوظ، وشاعر الهند الشهير رابندراناث طاغور، ومعرض لبيع كتب نجيب محفوظ.

وأوضح الكاتب الصحافي والناقد محمد الشاذلي أن «الاحتفالية التي أقامها (متحف نجيب محفوظ) في ذكرى ميلاده الـ113 كانت ممتازة، وحضرها عددٌ كبير من المهتمين بأدبه، وضمّت كثيراً من المحاور المهمة، وكان التركيز فيها على السيرة الذاتية لنجيب محفوظ».

«متحف نجيب محفوظ» احتفل بذكرى ميلاده (صفحة المتحف على فيسبوك)

ولد نجيب محفوظ في حيّ الجمالية بالقاهرة التاريخية في 11 ديسمبر (كانون الأول) عام 1911، وقدم عشرات الأعمال الروائية والقصصية، بالإضافة إلى سيناريوهات للسينما، وحصل على جوائز عدة أهمها جائزة «نوبل في الأدب» عام 1988، ورحل عن عالمنا عام 2006.

حضر الاحتفالية بعض ممن كتبوا عن سيرة نجيب محفوظ، من بينهم إبراهيم عبد العزيز، الذي له أكثر من كتاب عن «أديب نوبل»، بالإضافة إلى الطبيب الدكتور محمود الشنواني الذي رافق الأديب لمدة 30 سنة تقريباً، وفق الشاذلي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تَحدّث كلُّ شخص عن الكتاب الذي أصدره عن نجيب محفوظ. وإبراهيم عبد العزيز كان مرافقاً له في ندواته، وتحدّث عن كتاب (أنا نجيب محفوظ)، الذي تضمّن ما قاله محفوظ عن نفسه، بيد أني أرى أن كتابه الأهم هو (ليالي نجيب محفوظ في شيبرد) لأنه كان عبارة عن كناسة الدكان، فقد رصد السنوات الأخيرة لنجيب محفوظ».

وعن كتاب الشاذلي حول نجيب محفوظ يقول: «تعرّفت عليه بصفتي صحافياً منذ بداية الثمانينات، وقد تحدّثت عن موضوعين تناولتهما في كتابي عنه (أيام مع نجيب محفوظ ذكريات وحوارات)، وهو ما أُشيع عن هجومه على العهد الناصري، خصوصاً في روايته (الكرنك)، وهذا ليس صحيحاً، وفي الحقيقة كان محفوظ يُركّز على حقوق الإنسان والحريات أكثر من أي شيء آخر، وقد أنصف عبد الناصر في كثيرٍ من كتاباته، خصوصاً شهاداته عن هذا العصر، والنقطة الثانية ما أُشيع حول الاتهامات التي وجّهها بعضهم لنجيب محفوظ بحصوله على (نوبل) بدعم إسرائيل، وهذا ليس صحيحاً بالمرّة، وكانت تُهمة جاهزة لمن أراد إهانة الجائزة أو النّيل ممّن حصل عليها».

وأشار الشاذلي إلى أن محفوظ كان له رأيُّ مهم في السينما، وقد ترأس مؤسسة السينما في إحدى الفترات، وكان يرى أنه أصبح كاتباً شعبياً ليس بفضل القراءات ولكن بفضل السينما، فكان يحترم كلّ ما له علاقة بهذه المهنة، ويعدّها مجاورة للأدب.

محفوظ وطاغور في معرض كاريكاتير (منسق المعرض)

وتحوّلت روايات نجيب محفوظ إلى أعمال سينمائية ودرامية، من بينها أفلام «بداية ونهاية»، و«الكرنك»، و«ميرامار»، و«ثرثرة فوق النيل»، وثلاثية «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، وأيضاً «زقاق المدق»، و«اللص والكلاب»، بالإضافة إلى مسلسلات «الحرافيش - السيرة العاشورية»، و«أفراح القبة»، و«حديث الصباح والمساء».

وضمّ المعرض الذي أقيم بالتعاون بين سفارة الهند في القاهرة، ومتحف الكاريكاتير بالفيوم، ومنصة «إيجيبت كارتون»، 38 لوحة لفنانين من 12 دولة من بينها مصر والهند والسعودية وصربيا والصين ورومانيا وروسيا وفنزويلا.

وأشار الفنان فوزي مرسي، أمين عام «الجمعية المصرية للكاريكاتير» ومنسِّق المعرض إلى أن هذا المعرض اقتُرح ليُعرض في الاحتفال بذكرى طاغور في مايو (أيار) الماضي، إذ عُرض في المركز الثقافي الهندي، وكذلك في يوم الاحتفال بعيد ميلاد «أديب نوبل» المصري نجيب محفوظ.

وقال مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «يُعدّ المعرض جزءاً من الاحتفالية التي نظّمتها وزارة الثقافة (لأديب نوبل) الكبير، واهتمّ معظم الفنانين برسم البورتريه بشكلٍ تخيُّلي، في محاولة لعقد الصلة بين طاغور ومحفوظ».

فنانون من 12 دولة رسموا الأديبين طاغور ومحفوظ (منسق المعرض)

وفي السياق، أعلنت «دار المعارف» عن إصدار كتابٍ جديدٍ عن نجيب محفوظ في الذكرى الـ113 لميلاده، وكتب إيهاب الملاح، المُشرف العام على النشر والمحتوى في «دار المعارف» على صفحته بـ«فيسبوك»: «في عيد ميلاد الأستاذ نُقدّم هدية للقراء ولكل محبي نجيب محفوظ وهي عبارة عن كتاب (سردية نجيب محفوظ) للناقد الدكتور محمد بدوي».