«السيادي» السوداني وممثلو الحركات المسلحة يجددون التزامهم السلام

جولة جديدة من المحادثات احتضنتها جوبا بحضور رؤساء دول وحكومات

البرهان يتوسط آبي أحمد وسلفاكير في جوبا أمس (رويترز)
البرهان يتوسط آبي أحمد وسلفاكير في جوبا أمس (رويترز)
TT

«السيادي» السوداني وممثلو الحركات المسلحة يجددون التزامهم السلام

البرهان يتوسط آبي أحمد وسلفاكير في جوبا أمس (رويترز)
البرهان يتوسط آبي أحمد وسلفاكير في جوبا أمس (رويترز)

قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، إن السلطة الانتقالية ملتزمة بتحقيق السلام الشامل في البلاد، الذي يقود إلى حكم ديمقراطي يلبي تطلعات الشعب السوداني، فيما أكد الجيش السوداني أهمية تعزيز العلاقات والتعاون العسكري مع دولة الإمارات العربية المتحدة واليمن.
وأضاف البرهان، في كلمة له خلال افتتاح جولة جديدة من مفاوضات السلام مع الحركات المسلحة احتضنتها جوبا: «نسعى للتوصل إلى حل يرضي الشعب السوداني والأخوة في الكفاح المسلح». وأكد البرهان، بحضور رؤساء دول وحكومات الإقليم، أن التغيير الذي حدث في السودان يفتح أفقاً جديداً للسلام، وأصبحت معه مفاوضات السلام مبنية على الشراكة، مشيراً إلى أن قادة الكفاح المسلح شركاء في التغيير الذي جرى في البلاد.
ودعا البرهان إلى ضرورة قيام تكتل إقليمي يهتم بالأمن والسلام ضد المؤامرات التي تحاك بالمنطقة، مشيداً بمبادرة رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، واحتضان جوبا لعملية السلام.
وجدد البرهان حرصه على أن يصل «منبر جوبا» إلى حل يضع حداً للحرب، من خلال مخاطبة جذور المشكلة السودانية. وحث رئيس جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية، جميع الأطراف على الإقبال على المفاوضات بثقة من أجل الشعب السوداني والإقليم، مضيفاً: «لولا ثقتنا في القيادة الجديدة في السودان لما استطعنا تنظيم هذا المنبر».
ومن جانبه، أعلن رئيس حركة تحرير السودان - قطاع الشمال، عبد العزيز آدم الحلو، استعداد حركته للتوصل إلى اتفاق سلام يخاطب جذور المشكلة، مشيداً بالمبادرة التي تقدم بها رئيس جنوب السودان لإحلال السلام في السودان. وبدوره، قال الهادي إدريس، رئيس «الجبهة الثورية» التي تضم عدداً من الحركات المسلحة، إن «الجبهة الثورية» ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق سلام شامل بالبلاد، وأشار إلى أن التغيير في السودان ومساهمة قوى الكفاح المسلح أفرزا واقعاً جديداً يطوي الخلافات، ويفتح صفحة جديدة تتجاوز إخفاقات الماضي. كما تحدث في الجلسة كل من الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبى أحمد، ورئيس وزراء مصر الدكتور مصطفى مدبولي، الذين أكدوا التزامهم بدعم عملية السلام في السودان.
ويقود وفد التفاوض الحكومي نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، ويضم الفريق الركن شمس الدين كباشي، والفريق الركن ياسر العطا، ومحمد حسن التعايشي، ومحمد الفكي سليمان، ووزير رئاسة مجلس الوزراء عمر مانيس، ووزير الحكم الاتحادي يوسف آدم الضي، ورئيس مفوضية السلام سليمان آدم الدبيلو.
وفي سياق آخر، أكد رئيس أركان الجيش السوداني المكلف، الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، أهمية تعزيز العلاقات والتعاون العسكري مع دولة الإمارات العربية المتحدة واليمن، وسبل تعزيزها. وجدد الحسين لدى تلقيه رسالتين من رئيسي الأركان العامة اليمني الفريق بحري ركن عبد الله سالم النخعي، والإماراتي الفريق الركن حمد محمد ثاني الرميسي، حرص السودان على الأمن والاستقرار في اليمن الشقيق. والتقى رئيس الأركان اللواء ركن أحمد علي سالم الشعناء الملحق العسكري لجمهورية اليمن، والعقيد طيار ركن عبيد أحمد المحرزي الملحق العسكري لدولة الإمارات العربية المتحدة بالخرطوم، كلاً على حدة، حيث تسلم منهما الرسالتين.
ومن جهة ثانية، أعلن تجمع المهنيين السودانيين تبنيه الدعوة للخروج في مواكب سلمية في 21 من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في الخرطوم والولايات للاحتفال بذكرى ثورة أكتوبر (تشرين الأول) 1964، رغم رفض قوى إعلان الحرية والتغيير المسبق لهذه الدعوات.
وقال، في بيان، إنه سيكشف عن مسارات المواكب السلمية بعد التشاور مع لجان المقاومة في الأحياء، والقطاعات الشعبية المختلفة، والتي ستنادي بحل حزب المؤتمر الوطني، وإقالة رموز النظام، والوقوف في جبهة موحدة من أجل تصفية الفساد والإرهاب. ووصف التجمع تعيين رئيس القضاء والنائب العام بالخطوة المهمة لتثبيت الدولة المدنية، وتحقيق العدل، والسير في طريق أهداف الثورة، وإزالة مظاهر التمكين للنظام السابق في الدولة.
وفي تطور جديد، تقدم أمام مسجد خاتم المرسلين، عبد الحي يوسف، لدى المحكمة الدستورية بطلب رفع الحصانة الإجرائية عن وزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي، بناء على انتقادات وجهتها له الوزيرة عبر حسابها الشخصي في «فيسبوك». ودونت الوزيرة، الأسبوع الماضي، بلاغاً جنائياً لدى النيابة العامة في مواجهة عبد الحي، لاتهامه لها باتباع محمود محمد طه، زعيم الحزب الجمهوري الذي أعدم بتهمة «الردة» عام 1985. وكان مجلس الوزراء قد أعلن تضامنه مع الوزيرة، ودعا وزارة العدل لإظهار مؤازرتها، على اعتبار أن سياستها تعبر عن برنامج الحكومة الانتقالية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».