ألمانيا تبحث عن أجوبة لهجوم هاله... ووزير الداخلية يتعرض لانتقادات

اتهامات بمحاولة تشتيت الانتباه عن الأسباب الرئيسية للتطرف

أكاليل من الورود تأبيناً للضحايا بوسط ساحة المعبد اليهودي بمدينة هاله الألمانية أول من أمس (أ.ف.ب)
أكاليل من الورود تأبيناً للضحايا بوسط ساحة المعبد اليهودي بمدينة هاله الألمانية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا تبحث عن أجوبة لهجوم هاله... ووزير الداخلية يتعرض لانتقادات

أكاليل من الورود تأبيناً للضحايا بوسط ساحة المعبد اليهودي بمدينة هاله الألمانية أول من أمس (أ.ف.ب)
أكاليل من الورود تأبيناً للضحايا بوسط ساحة المعبد اليهودي بمدينة هاله الألمانية أول من أمس (أ.ف.ب)

تواجه ألمانيا منذ أيام صعوبة في تفسير وتقبل «جريمة هاله» التي حاول فيها يميني متطرف، ارتكاب مجزرة داخل دار عبادة لليهود وبثها مباشرة في محاكاة لمجزرة كرايستشيرش.
ورغم أن المجزرة لم تقع، ليس بفضل من القوى الأمنية، بل بسبب فشل المعتدي في خلع باب المعبد، فإن الجدل حول من يتحمل مسؤولية هكذا فعل لم يهدأ في ألمانيا.
وفي وقت اتهم البعض حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف، أكبر حزب معارض في البرلمان، بالمسؤولية غير المباشرة عن هكذا جرائم عبر الترويج لخطاب الكراهية، ترددت دعوات لتشديد قوانين وبرامج مواجهة عنف اليمين المتطرف المتزايد. ووسط كل ذلك، صدرت تصريحات عن وزير الداخلية هورست زيهوفر عرضته للكثير من الاستهزاء، حين قال في مقابلة تلفزيونية، إن «ألعاب الفيديو» تشكل ملتقى حراً لعناصر اليمين المتطرف لبث أفكارهم «غير القانونية» والتواصل، متحدثاً عن ضرورة مراقبة هذه المنصات بشكل أكثر دقة.
وكان منفذ عملية هاله التي قتل فيها شخصان، من هواة ألعاب الفيديو، وكان يقضي الكثير من وقته بحسب معارفه، أمام شاشة الكومبيوتر. إلا أن منتقدي زيهوفر اتهموه بمحاولة تشتيت الانتباه عن مشكلة اليمين المتطرف في ألمانيا وتحديدها بـ«مجتمع لاعبي الفيديو» ليضعهم موضع شك.
وألعاب الفيديو منتشرة بكثرة في ألمانيا، وبحسب موقع «ستاتيستا» للإحصاءات، فإن ما يقارب الـ34 مليون ألماني (من أصل نحو 83 مليون عدد السكان)، يلعبون ألعاب الفيديو عبر أي وسيلة تكنولوجية من الكومبيوتر إلى الهاتف الذكي. وفي المقابلة التي أدلى بها وزير الداخلية، قال «المشكلة كبيرة جداً. الكثير من مرتكبي الجرائم (من اليمينيين المتطرفين) أو مرتكبي جرائم محتملين يأتون من عالم ألعاب الفيديو. بعضهم يأخذ المحاكاة التي يشاهدونها مثلاً «لتنفيذ جريمتهم».
وأضاف «علينا النظر بانتباه إذا كان هناك لعبة كومبيوتر فيها محاكاة لاعتداء؛ ولهذا علينا النظر أكثر في عالم ألعاب الفيديو».
وفور إدلائه بتصريحاته، انتشرت ردود على «تويتر»، من بينها لسياسيين في المعارضة ينتقدون مقاربة زيهوفر. وكتب النائب عن حزب الليبراليين كونستانتين كول على «تويتر»: «...عنف اليمين المتطرف مشكلة يجب التعاطي معها.
لكن وضع كل لاعبي الفيديو في خانة الاتهام ليست المقاربة الصحيحة لذلك».
وانتقدت وزير الداخلية كذلك النائبة عن حزب الخضر ريناتا كوناست، وقالت: «علينا النظر إلى هذه المشكلة عن قرب وعدم السماح لزيهوفر بأن يضللنا باستخدام مصطلح (مجتمع ألعاب الفيديو) وتحميله المسؤولية في ذلك». ورد كذلك مدير عام جمعية الألعاب الفيدرالية فليكس فالم قائلاً «على وزير الداخلية ألا يلوم بعجز وسيطا والمجتمع، بل مواجهة المشاكل الاجتماعية التي تؤدي إلى التطرف وكره الأجانب بفاعلية، وهي التي تؤدي إلى أفعال مشينة مثل التي شهدناها في هاله».
وبعد الانتقادات عاد وكتب زيهوفر على «تويتر» مفسراً فكرته: «في الوقت الحالي نحن نبحث في كل الطرق لمواجهة عنف اليمين المتطرف. ونحن نرى أن عناصر اليمين المتطرف يستغلون الإنترنت ومنصات الألعاب مسرحاً لبث محتوى غير قانوني... نريد أن نواجه اليمين المتطرف أينما كانوا ناشطين». ورغم الدعوات من سياسيين، وبخاصة من «الخضر» ودي لينكا للاستثمار، في مشاريع ومنظمات تواجه الكراهية والتطرف اليميني، فإن الحكومة لم تخرج ببرامج واضحة لذلك. وقبل جريمة هاله، كان القيّمون على برنامج تحت اسم «إغزيت» أو «الخروج» يخشون من اقتطاع التمويل الفيدرالي عنهم؛ ما كان سيؤدي إلى إنهاء البرنامج الذي يساعد المتطرفين على الخروج من تطرفهم.
وبعد عملية هاله، أعلنت الحكومة أنها ستزيد التمويل للبرنامج وبرامج أخرى شبيهة. لكن المسؤولين عن هذه البرامج دائماً ما يشكون من مشاكل تمويل مستمرة وغياب لالتزام واضح باستمرار التمويل.
ويواجه زيهوفر انتقادات كذلك لمطالبته بمنح الاستخبارات الداخلية صلاحيات إضافية للاطلاع على البيانات الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل الخاصة والاتصالات للمواطنين. ويعتزم زيهوفر تقديم اقتراح قانون بهذا الشأن أمام الحكومة والبرلمان للتصويت عليه. وانتقد مفوض الحكومة المعني بالخصوصية أولريش كلبر اقتراح زيهوفر هذا، وقال في تصريحات لصحيفة «فيلت»، إن هكذا قانون إذا تم تمريره سيكون، «تدخلاً عميقاً في الحقوق الأساسية للأشخاص الذين لم يفعلوا شيئاً». وفي وقت تبحث الحكومة في سبل مكافحة التطرف اليميني، تستمر المظاهرات الشعبية الرافضة للعنف.
وقد خرجت في برلين يوم الأحد مظاهرة واسعة شارك فيها ما يزيد على الـ10 آلاف شخص بحسب المنظمين. وجال المتظاهرون شوارع نويكولن وكرويتزبيرغ المعروفتين بخليطهما السكاني، رفضاً للعنصرية ومعاداة السامية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».