الحريري: زيارة باسيل لسوريا تخصه وسنرحب بعودة النازحين إذا تحققت

ردود رافضة لمواقف وزير الخارجية من «الاشتراكي» و«القوات»

TT

الحريري: زيارة باسيل لسوريا تخصه وسنرحب بعودة النازحين إذا تحققت

لم تمر المواقف التصعيدية التي أطلقها وزير الخارجية اللبناني رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، في ذكرى «حرب التحرير»، أول من أمس، مرور الكرام؛ خصوصاً تلك المتعلقة بإعلانه أنه سيذهب إلى سوريا للبحث في إعادة النازحين، وبدور مزعوم للرئيس ميشال عون في انسحاب الجيش السوري من لبنان. وكانت حاضرة كذلك على طاولة جلسة الحكومة التي عقدت أمس لاستكمال البحث في موازنة 2020.
وفيما أثنى حلفاء باسيل على مواقفه، أعلن خصوم النظام السوري رفضهم لها، بينما عبر رئيس الحكومة سعد الحريري، عن موقف لافت بقوله: «إذا أراد رئيس (التيار الوطني الحر) زيارة سوريا لمناقشة إعادة النازحين السوريين فهذا شأنه... وإذا تحققت العودة سنكون أول المرحبين». كان باسيل قد أعلن أنه سيزور سوريا «كي يعود الشعب السوري إلى بلده كما عاد جيشها».
وقال الحريري، في بيان، «للتذكير فقط... دم الرئيس رفيق الحريري أعاد الجيش السوري إلى سوريا. إذا أراد رئيس (التيار الوطني الحر) زيارة سوريا لمناقشة إعادة النازحين السوريين فهذا شأنه. المهم النتيجة، فلا يجعل النظام السوري من الزيارة سبباً لعودته إلى لبنان، لأننا لا نثق بنيّات النظام من عودة النازحين. وإذا تحققت العودة فسنكون أول المرحبين». وأضاف: «البلد لا تنقصه سجالات جديدة، والهمّ الأساسي عندي اليوم كيف نوقف الأزمة الاقتصادية. وإذا لم يحصل ذلك، ستنقلب الطاولة وحدها على رؤوس الجميع».
في المقابل، رأى وزير الدفاع إلياس بوصعب، قبيل جلسة مجلس الوزراء، أنه «إذا كانت هناك من حاجة للذهاب إلى سوريا، فلا أحد يمكنه أن يمنع وزيراً من الذهاب، فالعلاقات الدبلوماسية ما زالت قائمة بين البلدين».
وأكد وزير العمل المحسوب على حزب «القوات اللبنانية» كميل أبو سليمان، أنه سيطرح كلام باسيل في جلسة الحكومة، فيما رد وزير التربية أكرم شهيب، على وزير الخارجية قائلاً قبيل الجلسة، إن «مجلس الوزراء هو من يقرر إن كان أي وزير سيذهب إلى سوريا، وإذا قرر أحد زيارة سوريا فليذهب بصفته الشخصية».
من جهته، علّق رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، على كلام باسيل من دون أن يسميه، وكتب على «تويتر»: «تذكروا أنهم دخلوا على دم كمال جنبلاط وخرجوا على دم رفيق الحريري. تزوّرون التاريخ وتحتقرون تضحياتكم وتضحياتنا. تنهبون البلاد وتدمرون (الطائف). تريدون تطويع الأمن، كل الأمن، لصالح أحقادكم، إلى جانب الجيش. تستبيحون الإدارة على طريقة (البعث) لكن تذكروا: أتى بكم الأجنبي وسيذهب بكم نهر الشعب».
من جهته، علّق النائب في «القوات اللبنانية» جورج عقيص، على خطاب باسيل، واصفاً إياه بأنه «خطاب إنكار للتاريخ، تنفيذ دفتر شروط، ارتهان لمحور، تجييش غرائز، حرف أنظار». وأضاف أنه «خطاب الآمن من الاغتيال الذي يقف خلف الجلّاد، يستظلّه، يصرخ باسمه مهدّداً العزّل الذين يقاومون بالموقف والكلمة، ويقول لهم: سأجرفكم إن خالفتم قرارات من أصيح باسمه».
وشنّ وزير الصناعة وائل أبو فاعور، هجوماً عنيفاً على باسيل من دون أن يسميه، قائلاً: «تذهبون إلى سوريا لتتوسلوا الرئاسة لأن هناك من قال لكم إن طريق الرئاسة يمر من دمشق، وآن الأوان لأن يقول لكم الشعب ارحلوا». وأضاف خلال مسيرة دعت إليها «منظمة الشباب التقدمي الاشتراكي» من منطقة الكولا في بيروت إلى وسط المدينة: «تقلبون الطاولة على مَن؟ الطاولة طاولتكم والقرار قراركم والوزراء وزراؤكم والأزلام أزلامكم وأنتم تحتكرون كل مواقع السلطة والطاولة ومَن عليها، فمَن تهدّدون؟».
وأكد «أننا لن نقبل أن تتحول أجهزة أمنية إلى ألعوبة بيد السلطة، ونطلب من الحريري أن يمارس صلاحياته في وضع حد لهذه الأجهزة... حررنا لبنان من هذه الساحة وسنحرر لبنان من هذه الطغمة الجديدة المالية الاقتصادية الفاسدة التي تتجرأ على (الطائف) والحريات... لا تستحقون أن ننتظركم على ضفة النهر ولا على ضفة بستان صغير في البساتين وقبرشمون».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.