محظورات جديدة تُفرض على متقاعدي الجيش الجزائري

سيضطر مئات المتقاعدين من الجيش الجزائري إلى البقاء بعيداً عن المرشحين لرئاسية نهاية العام وحملاتهم المرتقبة بعد أسابيع، بسبب محظورات تضمنتها مراجعة جديدة لقانون المستخدمين العسكريين، تتمثل في منعهم من النشاط الحزبي والسياسي ومن الترشح للانتخابات، وذلك خلال فترة 5 سنوات تلي نهاية انتسابهم إلى المؤسسة العسكرية.
وتم الإعلان عن «الممنوعات» التي تقيّد العسكريين المتقاعدين، بعد انتهاء الخدمة بالجيش، أول من أمس بمناسبة اجتماع لمجلس الوزراء، شارك فيه الفريق أحمد قايد صالح بصفته نائب وزير الدفاع، وهو أيضاً رئيس أركان الجيش. وصادق مجلس الوزراء على التعديلات، التي تقضي بإلزام العسكري الذي يقرر التوقف نهائياً عن الخدمة في صفوف «الجيش الوطني الشعبي»، بعدم ممارسة أي نشاط سياسي حزبي، أو أن يترشح لأي وظيفة سياسية انتخابية، لفترة مدتها 5 سنوات ابتداء من تاريخ التوقف.
وقال صالح أثناء عرض مبررات تعديل القانون، إنه «يفرض على العسكري، الذي يحال على الحياة المدنية، بعضاً من التزامات السرّ المهني، كون العسكري المقبول للتوقف نهائياً عن الخدمة، يوضع في الاحتياط ويحال على وضعية الاستيداع لمدة 5 سنوات». وأوضح أن العسكري «يبقى تحت تصرّف الجيش لمدة 5 سنوات، يمكن خلالها إعادة استدعائه في أي وقت».
وأضاف «تبقى وضعية العسكري المحال على احتياط الجيش في حالة جاهزية، ما يخالف أي نشاط سياسي أو وظيفة عمومية انتخابية وكلاهما قد ينجرّ عنهما خرق واجب التحفظ والالتزام، أثناء التصريحات والنقاشات الحرّة». وتابع قايد صالح أنه من واجب العسكريين الاحتياطيين «كتمان الأسرار». وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية بأن هذا التعديل «يستهدف منع أي مساس بشرف واحترام مؤسسات الدولة، وكذلك بالسمعة المميزة للمؤسسة العسكرية».
ويعدّ القانون، في صيغته الجديدة، تحذيراً مباشرا لعسكريين غادروا حديثاً مؤسسة الجيش ويدعمون مرشحين لانتخابات 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. فهم بذلك يمارسون نشاطاً سياسيا محظوراً.
وفاق عدد الذين سحبوا استمارات التوقيعات المطلوبة للترشح للرئاسة (50 ألف استمارة) 130 مرشحاً محتملاً بحسب ما أعلنت «السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات»، ولا يوجد من بينهم أي عسكري متقاعد. ويرجح أن البرلمان سيصادق على مشروع القانون قبل موعد الاستحقاق، بالنظر إلى سرعة إعداد التعديلات وإحالتها على مجلس الحكومة ثم على مجلس الوزراء في زمن قياسي.
وجرى في أغسطس (آب) 2016 إدخال تعديل على قانون المستخدمين العسكريين، أثار حينها جدلاً كبيراً، إذ فرض على العسكريين المتقاعدين «واجب التحفظ» مدى الحياة. وعدّت الخطوة آنذاك، من طرف المعارضة «تكميماً لأفواه» مجموعة من الضباط المتقاعدين، عارضوا سياسات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وكان رئيس أركان الجيش قايد صالح من أشدّ الموالين للرئيس آنذاك قبل أن يضغط عليه للتنحي في أبريل (نيسان) الماضي.
وقالت «مجلة الجيش»، في وقت سابق، إن «العرفان للمؤسسة العسكرية والولاء لها، يقتضيان أن يتقيد جميع كوادرها» بما في ذلك الذين توقفوا عن الخدمة وأحيلوا على الاحتياط، بـ«الأخلاق العسكرية سيما ما تعلق بواجب التحفظ».
وأول من طبّقت عليه التعديلات الجنرال المتقاعد حسين بن حديد (76 سنة)، الذي سجن عام 2016 بسبب تصريحات حادة ضد قائد الجيش، أطلقها أثناء استضافته في إذاعة خاصة. وأفرج عنه بعد أن قضى 8 أشهر في الحبس الاحتياطي. وسجن من جديد قبل 3 أشهر بسبب مقال نشره بصحيفة محلية، تناول فيه أيضاً قايد صالح.