حكومة تركيا تحاول خفض عجز الميزانية المتفاقم

عبر سياسات تهدف إلى دعم مواردها

يتوقع بلوغ عجز الميزانية في تركيا 23.8 مليار دولار لعام 2020 (رويترز)
يتوقع بلوغ عجز الميزانية في تركيا 23.8 مليار دولار لعام 2020 (رويترز)
TT

حكومة تركيا تحاول خفض عجز الميزانية المتفاقم

يتوقع بلوغ عجز الميزانية في تركيا 23.8 مليار دولار لعام 2020 (رويترز)
يتوقع بلوغ عجز الميزانية في تركيا 23.8 مليار دولار لعام 2020 (رويترز)

تخطط حكومة تركيا لتخفيض نسبة العجز في الميزانية العامة للدولة إلى الناتج المحلي الإجمالي تدريجياً حتى عام 2022، في إطار البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل، المعلن العام الماضي، والذي أعلنت الحكومة مؤخراً خريطة طريق لتنفيذه.
وتهدف الحكومة إلى الحفاظ على النسبة عند 2.9% خلال العامين المقبلين وخفضها إلى 2.6% في عام 2022، حسبما نُشر في الجريدة الرسمية.
كانت الميزانية العامة لتركيا قد سجلت عجزاً خلال عام 2018، بلغ 14.8 مليار دولار. وخلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي سجلت الميزانية عجزاً بلغ 12.5 مليار دولار مقابل 8 مليارات دولار تقريباً خلال الفترة ذاتها من العام الماضي بالتزامن مع صعوبات اقتصادية تواجهها السوق التركية، نتيجة أزمة سعر صرف الليرة التركية، التي أثرت على مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد.
ويعيش الاقتصاد التركي على وقع أزمة الليرة منذ أغسطس (آب) 2018، وسط عجز الحكومة والمؤسسات الرسمية عن وقف تدهورها، على الرغم من إجراءات وتشريعات طبّقتها لمواجهة الأزمة. وتتوقع الحكومة في إطار البرنامج الاقتصادي الممتد حتى عام 2022 أن يبلغ عجز الميزانية 23.8 مليار دولار لعام 2020، و27 مليار دولار لعام 2021، و27.44 مليار دولار لعام 2022.
ومن المتوقع أن تصل المصروفات إلى 180 مليار دولار في عام 2020، و200 مليار دولار في 2021، و220 مليار دولار في عام 2022.
وكانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق أن هدفها هو تقليص العجز في ميزانية العام الحالي إلى 13.3 مليار دولار، من خلال إيرادات تبلغ 145.5 مليار دولار، ومصروفات تصل إلى 158.8 مليار دولار. وتنبأت الحكومة في برنامجها الاقتصادي بمعدل نمو بنسبة 5% للسنوات الثلاث القادمة. وحقق الاقتصاد التركي نمواً بنسبة 2.6% في العام الماضي و7.4% في عام 2017، في حين أنه من المتوقع أن ينمو ما بين 0.1% إلى 1% في عام 2019، حسب العديد من المؤسسات.
وحذرت وكالة «موديز» الدولية للتصنيفات الائتمانية، في بيان الجمعة الماضي، من أن أهداف النمو الجديدة التي أعلنتها حكومة تركيا في إطار خريطة طريق لتنفيذ البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل تهدد بزيادة الاختلالات على مستوى الاقتصاد الكلي.
وذكرت الوكالة أن الأهداف تبدو غير متماشية مع بقية التقديرات التي وضعتها الحكومة التركية في إطار أهدافها الاقتصادية على مدى 3 سنوات، لافتةً إلى أن هدف تركيا تحقيق نمو نسبته 5% في السنوات الثلاث القادمة لن يكون ممكناً من دون تحفيز كبير.
كانت تقارير دولية قد أشارت إلى أن المحللين الذين حافظوا على تصوراتهم للمخاطر المرتقبة بالنسبة إلى الوضع الاقتصادي في تركيا، أصبحوا أكثر قلقاً، بسبب مزيج من العوامل السياسية والاقتصادية، وأن السياسة الخارجية والقضايا المحلية ما زالت تؤثر على نظرة المستثمرين إلى تركيا، حيث فشل الرئيس رجب طيب إردوغان وفريقه، بشكل روتيني، في تقديم حجج مقنعة ومطمئنة للمستثمرين وإثبات أنهم سيتعاملون بشكل كامل مع الحوكمة السياسية والمخاوف المؤسسية التي تسهم بشكل دوري في تقلب الليرة التركية، ومع ذلك، لا يزال الوضع أكثر تعقيداً مما تشير إليه تقارير وسائل الإعلام في تركيا.
وحسب التقارير، يعتقد المستثمرون والاقتصاديون أن البرنامج الاقتصادي للحكومة التركية متفائل للغاية، وغير واقعي بالنظر إلى الوضع الحالي، وتزايد حالة عدم اليقين، كما أنه لا يتماشى مع أهداف عجز الحساب الجاري.
كان وزير الخزانة والمالية التركي برات ألبيراق، قد أعلن في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، ما سماها «ملامح خريطة الطريق الجديدة للبرنامج الاقتصادي» متوسط الأجل المستهدف تحقيقه حتى عام 2022، تحت شعار «التغيير قد بدأ»، والتي شهدت تخفيضاً للأهداف التي أعلنتها الحكومة في البرنامج ذاته الذي كان ألبيراق قد أطلقه في 19 سبتمبر 2018. وبالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ذكر ألبيراق أن الخطة تستهدف نسبة نمو 0.5% في العام الحالي، ونسبة 5% في كلٍّ من الأعوام الثلاثة التالية. ورأى ألبيراق أن هناك احتمالاً قوياً أن يحقق اقتصاد بلاده نمواً إيجابياً بنهاية العام الحالي، قائلاً إنه «رغم توقعات انكماش الاقتصاد التركي، بعد تقلبات قيمة الليرة التركية في أغسطس 2018، فإن هناك احتمالات قوية أن يحقق الاقتصاد نمواً إيجابياً العام الحالي».
وأضاف أن عامي 2019 و2020، يعدّان فترة توازن بالنسبة إلى الاقتصاد التركي، وأن بلاده استطاعت النجاح في الفترة التي شهدت فيها الأسواق العالمية تخبطات، لافتاً إلى متانة البنية التحتية لاقتصاد بلاده، وقدرته على استعادة توازنه بسرعة بعد الهجمات التي تعرض لها، مشيراً إلى أن وزارته ستحافظ على المكتسبات التي تحققت في فترة التوازن.
كانت تركيا قد كشفت عن توقعات متشائمة في برنامجها الاقتصادي متوسط الأجل الذي أُعلن في 19 سبتمبر 2018، وتضمن خفض توقعات النمو وزيادة توقعات البطالة والتضخم. وتوقعت الحكومة عند إعلان البرنامج، الذي جاء على خلفية أزمة حادة لليرة التركية فقدت خلالها 42% من قيمتها، أن يتجاوز معدل البطالة في البلاد 12% في العام الحالي، ورفع ألبيراق التوقعات إلى 12.9% للعام الحالي.
وتضمن البرنامج الاقتصادي للحكومة التركية مواصلة الانضباط المالي بشكل ملائم، كهدف رئيس للسياسات المالية من خلال ضمان الاستخدام الكفء للموارد، وسيتم تنفيذ التغييرات الهيكلية لتوفير المدخرات في مجالات محددة. كما يهدف البرنامج إلى توفير موارد دائمة لرفع أداء إيرادات الميزانية وتقليل الاقتصاد السري.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.