مظاهرات في الجزائر ضد قانون جديد للمحروقات

TT

مظاهرات في الجزائر ضد قانون جديد للمحروقات

تظاهر أكثر من ألف شخص أمس في الجزائر العاصمة احتجاجاً على قانون جديد للمحروقات صادق عليه مجلس الوزراء مساء، معتبرين أنه يشكّل رضوخاً للشركات الأجنبية.
وذكر بيان لرئاسة الجمهورية أن مجلس الوزراء صادق في اجتماعه الأحد على قانون المحروقات، مضيفا أن «مراجعة النظام القانوني الحالي للمحروقات لا سيما على المستوى التعاقدي والجبائي، باتت ضرورة حتمية (...) مع تقلص في كميات الإنتاج في ظل التزايد المطرد للاستهلاك الوطني في هذا المجال». وتابع «في حال الاستمرار بنفس المنظومة القانونية الحالية سنكون أمام عجز هيكلي بين العرض والطلب الوطنيين ابتداء من 2025».
وطالبت غالبية الأحزاب وخبراء الاقتصاد بتأجيل إقرار هذا القانون، إلى غاية انتخاب رئيس جديد أواخر العام الحالي.
وتجمَع عدد كبير من الأشخاص، غالبيتهم من متظاهري «الحراك الشعبي» الأسبوعي، أمام مقر «المجلس الشعبي الوطني» (غرفة التشريع)، وكانوا محاطين بحزام من رجال الأمن لمنعهم من التقدم باتجاه ساحة البريد المركزي، ومنها إلى قصر الحكومة القريبين. وندّد المحتجون بالمراجعة الي أدخلتها الحكومة على قانون المحروقات، بمنح امتيازات هامة للمستثمرين الأجانب في مجال التنقيب على النفط في الصحراء الكبرى واستغلاله. وقال الكاتب والمترجم لحسن عيساني: «شاركت في المظاهرة أمام البرلمان، وأفخر أني واحد من هذا الشعب الصامد».
وكتب أستاذ الفلسفة بجامعة الجزائر، إسماعيل مهنانة: «لنفترض أن قانون المحروقات مسألة تخص الخبراء، والمتخصصين في مجال بيع النفط، وأنه لا علاقة للشعب بالقضية... مظاهرات اليوم رسالة موجهة إلى البرلمان، مفادها أنه ليس مؤهلاً لمناقشة أي قانون مصيري ولم يعد له أي دور ويجب حلّه في أقرب وقت. الرسالة الثانية تقول إن الشعب فقد كل ما تبقى من ثقة في السلطة وكل رموزها، مما يعني إعلان طلاق بائن لا رجعة بعده. الرسالة الثالثة هي أن الثورة (الحراك) صارت مجنّدة في كل أيام الأسبوع، وكلما استدعى الأمر للتظاهر».
وحول فحوى القانون الجديد، قال حسين مالطي الخبير في مجال الطاقة ومساعد المدير التنفيذي لشركة النفط والغاز الجزائرية «سوناطراك»، إن «الدولة ستمنح لشركات النفط مساحة للتنقيب عن النفط وكل ما يجدونه يصبح ملكا لهم». وبذلك يصبح صاحب هذا الامتياز «مالكا لاحتياطي البئر التي حفرها وليس الكميات المستخرجة فقط».
في المقابل، قال مصطفى حنيفي مدير المحروقات بوزارة الطاقة، في مؤتمر صحافي أمس، مبرراً مراجعة القانون «لا يمكن للشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك، أن تدير كامل مشاريع النفط وحقولها لوحدها، بل لا بد من وجود شريك أجنبي. فالشراكة مع الأجنبي معادلة حتمية وقانون المحروقات كان يجب تعديله». وأضاف أن القانون الجديد «هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وقد تم إعداده من طرف طاقات وكفاءات جزائرية، ولم تملِه علينا الشركات العالمية»، ونفى أن تكون الحكومة رضخت لشروط مستثمرين أجانب كبار في مجال النفط، مقابل رضا دول كبرى على مسعى تنظيم انتخابات الرئاسة رغم رفضها شعبياً.
وطالب المتظاهرون برحيل وزير الطاقة محمد عرقاب وكل طاقم رئيس الوزراء نور الدين بدوي، الموروث عن الرئيس السابق. واتهموا الحكومة بـ«رهن مستقبل الأجيال بواسطة قانون يهدي ثروات البلاد إلى الأجانب». وشهدت وهران، كبرى مدن الغرب، مظاهرات ضد نفس القانون. كما عاشت بعض مدن الشرق وورقلة في الجنوب، حيث آبار النفط، احتجاجات ضده أيضاً.
وهاجم المتظاهرون التلفزيون الحكومي بقنواته الخمس، والقنوات الفضائية الخاصة التي يفوق عددها الـ20. بسبب «تغاضيها» عن مظاهرات أمس، بينما ظلت تبث طوال اليوم «الخبر العاجل» الذي يتعلق باجتماع مجلس الوزراء برئاسة بن صالح.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم