بطاريات مائية صديقة للبيئة لتخزين الطاقة على نطاق أكبر

أكاسيد متعددة الطبقات تحتوي على الفاناديوم يمكن استخدامها كأقطاب سالبة في بطاريات الزنك - أيون المائية
أكاسيد متعددة الطبقات تحتوي على الفاناديوم يمكن استخدامها كأقطاب سالبة في بطاريات الزنك - أيون المائية
TT

بطاريات مائية صديقة للبيئة لتخزين الطاقة على نطاق أكبر

أكاسيد متعددة الطبقات تحتوي على الفاناديوم يمكن استخدامها كأقطاب سالبة في بطاريات الزنك - أيون المائية
أكاسيد متعددة الطبقات تحتوي على الفاناديوم يمكن استخدامها كأقطاب سالبة في بطاريات الزنك - أيون المائية

طور فريق من الباحثين في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) طريقة رخيصة وبسيطة لإنتاج أحد المكونات شديدة الأهمية لصناعة بطاريات الزنك - أيون القابلة للشحن، وتمتاز هذه البطاريات بقدرة أكبر في خزن الطاقة مقارنة ببطاريات الليثيوم - أيون الشائعة الاستخدام. وقالوا إنه يمكن للأكاسيد المتعددة الطبقات أن تشكل الأساس لإنتاج مواد عالية الكفاءة تُصنع منها أقطاب البطاريات.

بطاريات مطورة
والمعروف أن بطاريات الليثيوم - أيون تسهم في تشغيل معظم الأجهزة الإلكترونية المعاصرة، مثل الهواتف المحمولة، وأجهزة الحاسب المحمولة، غير أن ثمة حاجة متنامية إلى تخزين الطاقة على نطاق أكبر بكثير، مثل الحاجة إلى تخزين الكهرباء التي تولدها الخلايا الشمسية لاستخدامها في الليل. لكن تطوير تكنولوجيا بطاريات الليثيوم - أيون لكي تلائم مثل هذه الاستخدامات الصناعية الضخمة أمر باهظ التكلفة، وينطوي على مشكلات خطيرة تتعلق بالسلامة، منها السُّمِّيَّة، وقابلية اشتعال الإلكتروليتات (المحاليل الكيميائية الموصلة للتيار الكهربائي) التي تُصنع منها البطاريات.
ومن هذا المنطلق، يطور الفريق، الذي يقوده البروفسور حسام الشريف، أستاذ هندسة وعلوم المواد في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية في «كاوست»، بطاريات زنك - أيون تستخدم إلكتروليت مائي يتميز بالاستقرار في الهواء، والأمان، إضافة إلى أنه صديق للبيئة ورخيص التكلفة. ويقول حسام الشريف: «يمكن للبطاريات المائية المعتمدة على أيونات الزنك أن توفر حلّاً أكثر أمناً وأقل تكلفة لتخزين الطاقة على نطاق واسع مقارنة ببطاريات الليثيوم - أيون، إضافة إلى أنها تستخدم مواد صديقة للبيئة أكثر من بطاريات الرصاص الحمضية».

أقطاب ذات كفاءة
تعتمد طريقة عمل بطاريات الليثيوم - أيون، وبطاريات الزنك - أيون على تخزين الأيونات كهربائيّاً في قطب كهربائي. وفي أثناء عملية الشحن، تتدفق الأيونات عبر الإلكتروليت من قطب إلى آخر، حيث يجري حبسها بواسطة عملية تسمى «الإقحام» intercalation. ويعني هذا أن المواد التي تُصنَّع منها الأقطاب محورية في تحسين كفاءة أداء البطارية.
ومن بين المواد التي تَبيَّن أنها واعدة للغاية في أبحاث بطاريات الزنك - أيون الحديثة، المركبات القائمة على عنصر الفاناديوم (Vanadium) ؛ إذ تمتاز تلك المواد ببنية بلورية ذرية متعددة الطبقات ومنفتحة للغاية، وفيها الكثير من الفراغات التي تسمح باحتجاز أيونات الزنك وتخزينها. كما يمتلك هذا العنصر قيمة كبيرة في مجال التصنيع نظراً لخواصه الطيّعة، واللدنة والمقاوِمة للتآكل.
وطور الفريق أخيراً أساليب تستخدم موجات الميكرويف القصيرة لتركيب مواد الأقطاب السالبة في بطاريات الزنك - أيون بسرعة. ولتوضيح العملية التي استخدموها، قام الفريق بتركيب أقطاب سالبة من البيروفانديت (Zn3V2O7(OH)2·2H2O)، وبرونز أكسيد الفاناديوم (Ca0.25V2O5·nH2O). أُذيبت المواد الأولية في ماء منزوع الأيونات، ثم عُرِّضَت لإشعاع الميكروويف لتحفيز التفاعل، وتشكيل الحالة البلورية المطلوبة في غضون دقائق. وبيَّن الفريق أن بطارية الزنك - أيون تلك يمكنها تحقيق كثافة طاقة تبلغ 260 واط-ساعة لكل كيلوغرام - وهو مقدار أكبر بكثير من بطاريات الزنك - أيون المائية السابقة وبطاريات الرصاص الحمضية المستخدمة على نطاق تجاري - مع تحسُّن خصائص الثبات لها.
ويعتقد الفريق أن طريقته التي تعتمد على موجات الميكرويف قد تكون مفيدة كذلك في صنع مركبات أخرى قائمة على الفاناديوم، وذلك وفقاً لقول تشوان شيا، طالب الدكتوراه والباحث الرئيسي في هذه الدراسة. ويضيف شيا: «لقد صنعنا مركبات تحل فيها كاتيونات أخرى محل الزنك، وقد صنعت تلك المركبات أشكالاً أكبر حجماً متعددة الأسطح من الأكسيد المعدني، قادرة على إقحام عدد أكبر من أيونات الزنك».



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً