«عين عيسى»... من مستودع أقطان إلى مخيم لآلاف النازحين

صورة لمخيم عين عيسى شمال سوريا (أرشيفية - رويترز)
صورة لمخيم عين عيسى شمال سوريا (أرشيفية - رويترز)
TT

«عين عيسى»... من مستودع أقطان إلى مخيم لآلاف النازحين

صورة لمخيم عين عيسى شمال سوريا (أرشيفية - رويترز)
صورة لمخيم عين عيسى شمال سوريا (أرشيفية - رويترز)

في الوقت الذي بدأت فيه العملية العسكرية التركية بشمال سوريا، طال القصف التركي الجوي مخيم «عين عيسى» للنازحين، بالبلدة الواقعة على بعد 30 كيلومتراً من الحدود التركية، الذي يقطنه نحو 13 ألف نازح، بينهم أفراد عائلات عناصر تنظيم «داعش» الأجانب.
وأكد مسؤول في المخيم لوكالة الصحافة الفرنسية، أن القصف وقع على الطريق الدولية بالقرب من القسم المخصص بعائلات التنظيم المتطرف.
ونقلت صفحة الإدارة الذاتية على «فيسبوك» عن عبد القادر موحد، مسؤول مكتب الشؤون الإنسانية وشؤون المنظمات، أن المخيم «بات بلا حراسة وبلا إدارة»، مشيراً إلى أن «الحامية التابعة لقوى الأمن الداخلي انسحبت منه بعد أعمال الشغب التي قام بها عوائل مقاتلي تنظيم (داعش) داخل المخيم، إثر القصف التركي» على أطرافه.
ويضم مخيم عين عيسى الواقع في ريف الرقة الشمالية، أكثر من 13 ألف نازح، غالبيتهم من مدينتي الرقة ودير الزور، إلى جانب نازحين فروا من العراق، هرباً من المعارك والقصف الذي استهدف المناطق التي كانت خاضعة سابقاً لمقاتلي تنظيم «داعش».
وتبعد مدينة عين عيسى نحو 55 كيلومتراً عن مدينة الرقة (المعقل السابق لتنظيم «داعش» في سوريا) باتجاه الشمال الغربي، ويبلغ عدد سكانها نحو 200 ألف، وفقاً لإحصائيات سكانية محلية عام 2011.
كانت «الإدارة الذاتية» أعلنت، الجمعة، أنها تبحث عن حل أو موقع بديل للمخيم الذي أصبح معسكراً للنازحين منذ يوليو (تموز) 2016، وكان في تسعينيات القرن الماضي، مستودعاً لتسلم محصول القطن من المزارعين، وتابعاً لوزارة الزراعة السورية، ويسمي «حلقة أقطان عين عيسى»، وذلك وفقاً لوسائل إعلام محلية.
وتقع مخيمات النزوح في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، ويوجد في مخيم عين عيسى نحو 2500 خيمة مخصصة لنازحي دير الزور، بالإضافة إلى 20 خيمة جماعية كبيرة تسكن فيها أكثر من 20 عائلة. ويقدَّر عدد النازحين بنحو 23 ألف نازح من دير الزور.
كما يتوزع 12 ألف شخص من عائلات التنظيم المتطرف على 3 مخيمات تسيطر عليها القوات الكردية، هي مخيمات عين عيسى (شمال) وروج والهول (شمال شرق). ويقبع غالبية هؤلاء في مخيم الهول، وذلك وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتؤوي تلك المخيّمات، وأبرزها مخيم الهول في محافظة الحسكة، 12 ألف أجنبي، هم 4 آلاف امرأة و8 آلاف طفل من عائلات المتطرفين الأجانب، يقيمون في أقسام مخصّصة لهم وتخضع لمراقبة أمنية مشددة. ولا يشمل هذا العدد العراقيين.
ويُشكّل قاطنو تلك المخيمات عبئاً كبيراً على «الإدارة الذاتية» التي تطالب الدول المعنية باستعادة مواطنيها. وقد تسلمت دول قليلة عدداً من أفراد عائلات المتطرفين، مثل أوزبكستان وكازاخستان وكوسوفو، وأعداد مواطنيها الذين سلموا إليها كبيرة، وأخرى تسلمت أعداداً محدودة مثل السودان والنرويج والولايات المتحدة.
وتسلمت النرويج، بداية الشهر الحالي، خمسة أطفال من يتامى عائلات عناصر كانوا في عداد تنظيم «داعش». كما أعلنت «الإدارة الذاتية» تسليم امرأتين أميركيتين و6 أطفال إلى الولايات المتحدة. ويقبع مئات المتطرفين الأجانب ممن التحقوا بصفوف التنظيم المتطرف في سجون المقاتلين الأكراد. فيما يعرب مراقبون عن خشيتهم من أن تشكّل السجون والمخيمات سبباً لانتعاش التنظيم.
وتقوم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، منذ بدء الحرب على «داعش»، بتعزيز التحضيرات في المخيمات القريبة من الرقة، حيث قامت بتوسيع مخيم عين عيسى عام 2017، لاستقبال مزيد من السوريين النازحين من كل من الرقة ودير الزور.
يشار إلى أن المفوضية تقوم بإيواء أكثر من 34 ألف مشرد داخلي في مخيمات عين عيسى ومبروكة والعريشة والحول، كما أن لديها القدرة لاستيعاب المزيد عند الحاجة، حيث يجري توسيع المخيمات وتجهيزها كونها المكان الآمن الذي يستطيع النازحون فيه الحصول على المساعدات والغذاء والمياه والمأوى والرعاية الصحية الأولية والتعليم والدعم النفسي والاجتماعي.
وحذّرت الأمم المتحدة لاحقاً من حالات نزوح جديدة من المناطق الريفية في محيط تل أبيض ورأس العين، مع إشارة التقديرات الأخيرة إلى أن العدد «تجاوز 130 ألف شخص».
وأكدت الوكالة الدولية، في آخر تقييم لها، على أنه «لا يمكن التحقق من الأرقام الدقيقة».
واستقر كثير من النازحين عند أقاربهم أو لدى مجتمعات محلية مضيفة، لكن أعداداً متزايدة تصل إلى ملاجئ جماعية، بما فيها مدارس.
وحذّرت الأمم المتحدة من تأثير أي تصعيد إضافي في العملية التركية أو التحولات المفاجئة في الجهات المسيطرة على الأرض. وأفادت: «لا يزال القلق بالغًا بشأن المخاطر التي تواجه آلاف النازحين الضعفاء بمن فيهم نساء وأطفال في مخيمات عدة» للنازحين.
ونوهت كذلك إلى وجود تداعيات عدة أخرى للهجوم العسكري الذي يجري على عدة جبهات على الحدود بين سوريا وتركيا. وأعربت عن قلقها على سلامة موظفي 113 منظمة إغاثة دولية وتابعة للأمم المتحدة في المنطقة، بينما خفضت عدد موظفيها الدوليين إلى 200 من 384.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».