بروكسل ترفض التعليق على مقترحات لندن الجديدة لـ«بريكست»

عقد رئيس فريق التفاوض الأوروبي في ملف «بريكست» ميشال بارنييه محادثات مكثفة صباح أمس (الجمعة)، في بروكسل مع الوزير البريطاني المكلف بملف «بريكست» ستيفن باركلي، وجرى خلالها تبادل الآراء والأفكار المتعلقة بعملية انسحاب بريطانيا من الاتحاد، المقرر في 31 من الشهر الحالي، بحسب ما صرحت به مينا أندريفا المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية. وأضافت في مؤتمر صحافي بمقر المفوضية ببروكسل أن بارنييه عقب المحادثات مع الوزير البريطاني التقى بسفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لإطلاعهم على آخر المستجدات، وتطورات المفاوضات الجارية بين بروكسل ولندن. لكنها رفضت الإجابة عن سؤال يتعلق بتقديم الجانب البريطاني مقترحات جديدة للأوروبيين، أو هل هناك تفاؤل أو أمل في التوصل إلى اتفاق حول الانسحاب البريطاني؟ واكتفت بالقول إن الاجتماعات التي تنعقد والمفاوضات بين الجانبين تظهر وجود رغبة في التوصل إلى اتفاق.
وصرح رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في وقت سابق اليوم (الجمعة)، بأنه تلقى «مؤشرات تبشر بالأمل» من فارداكار عقب اجتماعه مع جونسون، مضيفاً أنه يتعين الاستفادة من «أقل فرصة» للتوصل إلى اتفاق. وتتمثل النقطة الشائكة الرئيسية في المفاوضات بين الجانبين في الحدود بين جمهورية آيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، وآيرلندا الشمالية التي تمثل جزءاً من بريطانيا.
وكان توسك يتحدث من العاصمة القبرصية نيقوسيا، حيث يقوم بزيارة عمل هناك قبل أسبوع من القمة الأوروبية الدورية، قائلاً: «نتعامل مع أي بارقة أمل، لأن (بريكست) من دون اتفاق ليس خياراً أوروبياً». ولم يعطِ توسك مزيداً من التفاصيل، في حين لمحت مصادر أوروبية مطلعة إلى أن الأمر قد يكون عبارة عن بعض «التنازلات» من طرف جمهورية آيرلندا حول «تدابير» يتوافق عليها الطرفان لحماية وحدة السوق الأوروبية وتجنب عودة الحدود بين آيرلندا وآيرلندا الشمالية. والحديث عن وجود بارقة أمل في إمكانية التوصل إلى اتفاق قبل موعد الخروج، يأتي بعد أن وصف بعض المراقبين الأمر بأن المفاوضات بين لندن وبروكسل دخلت نفقاً مظلماً بعد تسريب المحادثة بين رئيس الوزراء البريطاني والمستشارة الألمانية التي استنتج من خلالها بوريس جونسون أن المفاوضات ميتة. كما نقلت تقارير إعلامية أمس، تصريحات عن كبير المفاوضين الأوروبيين يصف بها المفاوضات بين لندن وبروكسل بأنها شبيهة بعملية تسلق جبل كبير.
لكن اتفق الجانبان على «تكثيف المفاوضات» بينهما على مدار الأيام المقبلة، بحسب ما ذكرته المفوضية الأوروبية في بيانها. وجاء في البيان: «موقف الاتحاد الأوروبي لا يزال ثابتاً»، مشيراً إلى أن اتفاقاً يجب أن يحتوي على «حل تنفيذي قانوني» يضمن تجنب وجود حدود مشددة على شبه الجزيرة الآيرلندية، وفي الوقت نفسه يحمي اقتصاد الجزيرة واتفاق سلام الجمعة العظيمة والسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي. وقال البيان إن المفوضية ستقوم بتقييم هذا التقدم يوم الاثنين المقبل.
وكانت مصادر بالاتحاد الأوروبي ذكرت في وقت سابق اليوم (الجمعة)، أن التكتل يرى مقترحات بريطانيا كافية للبدء في التفاوض مع لندن بشأن التوصل إلى اتفاق جديد.
وجاءت هذه التصريحات بعد تحول مفاجئ في الأحداث خلال اجتماع جرى الخميس، بين رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ونظيره الآيرلندي ليو فارداكار. وسوف تبدأ المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق معدل لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قبل أقل من أسبوع من قمة زعماء الاتحاد المزمعة في بروكسل، التي يأملون أن يتوصلوا خلالها إلى اتفاق بشأن «بريكست». وفي الوقت نفسه، سيظل موعد انعقاد القمة الأوروبية المقررة في بروكسل يومي 17 و18 من الشهر الحالي هو الأهم بالنسبة للمراقبين والمتابعين لملف «بريكست»، حيث إنه من المقرر أن يتلقى قادة الدول الـ27 الأعضاء من لندن الضمانات والردود الكافية على كل الشكوك والتساؤلات، التي طرحت عقب المقترحات الأخيرة من الحكومة البريطانية، وبناء عليه سيكون قرار قادة أوروبا في القمة بشأن إتمام عملية الخروج من دون اتفاق، وهو أمر سبق أن حذر الجميع من تداعياته على الجانبين، أو وجود تفاهم بشأن إتمام عملية انسحاب بشكل منظم لتفادي التداعيات السلبية للخروج من دون اتفاق سواء على المواطنين أو الشركات.
وأعلن البنك المركزي الآيرلندي أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق سوف يكلف آيرلندا أكثر من 73 ألف وظيفة على مدار عامين. وذكر البنك في تقريره ربع السنوي الذي صدر في العاصمة دبلن أمس (الجمعة)، أنه إذا خرجت بريطانيا من الكتلة الأوروبية من دون اتفاق، فإن معدل البطالة في آيرلندا سوف يرتفع بنسبة 8.‏5 في المائة في 2020 و9.‏6 في المائة في 2021. وأضاف التقرير الذي أوردته وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن خروج بريطانيا بموجب اتفاق مع الاتحاد سوف يخفض نسبة البطالة إلى 5 في المائة خلال العامين المقبلين. وذكر البنك أنه «في حال الخروج من دون اتفاق، سوف تتأثر القنوات الاقتصادية الرئيسية من خلال صدمات تصب معدلات الفائدة والتجارة والاستهلاك والاستثمار، ما سيؤدي إلى تدهور واضح في الأوضاع الاقتصادية».
وأعلن وزير الأعمال البريطاني نديم زهاوي أن بلاده تبحث عن الأدوات التي يمكن استخدامها لدعم صناعة السيارات في البلاد حال الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق. ونقلت «بلومبرغ» عن زهاوي قوله إن الحكومة تجري محادثات مع شركات السيارات مثل مجموعة «بي إس إيه» و«تويوتا» و«فورد» و«نيسان» و«جاجوار» و«لاند روفر»، للتعرف على المشكلات التي سوف تحدث إذا خرجت بريطانيا من الكتلة الأوروبية من دون اتفاق.
وأضاف: «هناك عدد من الأدوات المتاحة أمامنا في الحكومة من أجل مساعدة هذه الشركات». وأوضح أنه يعمل على مساعدة شركات تصنيع السيارات «في إطار قواعد المساعدات الحكومية الخاصة بمنظمة التجارة العالمية أو قواعد الاتحاد الأوروبي في حالة الخروج من الكتلة بموجب اتفاق». وأعربت شركات السيارات عن معارضتها الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، وهو ما يلوح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون باللجوء إليه حال عدم التوصل إلى اتفاق مع التكتل الأوروبي قبل الموعد المحدد. وتقول شركات السيارات إن هذه الخطوة سوف تكون «مدمرة» للصناعة، حيث ستؤدي إلى تعطيل خطوط التوريد وزيادة الرسوم الجمركية، ما سيؤدي إلى ارتفاع التكلفة ويقوض القدرة التنافسية للسيارات البريطانية التي يتم تصديرها.