«العفو الدولية» تندد بـ«مناخ القمع» في الجزائر

TT

«العفو الدولية» تندد بـ«مناخ القمع» في الجزائر

ندّدت «منظمة العفو الدولية»، بما وصفته بـ«مناخ قمع» للحركة الاحتجاجية الشعبية في الجزائر، وذلك في بيان نشرته في اليوم نفسه، الذي أوقف فيه قيادي في الحركة. ونددت حسينة أوصديق، مديرة مكتب المنظمة في الجزائر، أمس، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بـ«التصاعد» في الأسابيع الأخيرة «في عدد التوقيفات العشوائية لنشطاء وصحافيين ومحامين ومواطنين عاديين، وذلك في انتهاك صارخ للحقوق التي يكفلها الدستور».
وتم، صباح أول من أمس، توقيف رئيس «تجمع العمل الشبابي» عبد الوهاب فرساوي خلال تجمّع دعما لموقوفي الحراك، بحسب ما أعلن الأمين العام للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مؤمن خليل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، كما أوقف، الأحد الماضي، خمسة من نشطاء «تجمُّع العمل الشبابي»، ووجهت إليهم تهم «الحض على التجمهر»، و«المساس بحرمة ووحدة التراب الوطني»، وهي جرائم يمكن أن تصل عقوبتها إلى السجن عشر سنوات، وذلك «بناء على تدوينات على (فيسبوك)»، بحسب فرساوي، الذي قال إنه «بالنسبة للمحامين الملف فارغ (...)، والقضية محض سياسية». لكن النيابة العامة في الجزائر العاصمة قالت في بيان إن الملفات «ليست ذات طبيعة سياسية».
وبحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، وهي منظمة غير حكومية، فقد تم توقيف أكثر من 80 شخصاً منذ يونيو (حزيران) الماضي في العاصمة على صلة بحركة الاحتجاج، ولا يزالون رهن التوقيف الاحتياطي.
بدوره، قال «مرصد حماية الحقوقيين» إن حرية التعبير والتظاهر «مهددة بشدة» في الجزائر، بسبب «القمع المتنامي» لحركة الاحتجاج التي شهدت «موجة اعتقالات تعسفية»، وفي هذا السياق قالت ألكسندرا بوميون، مسؤولة المرصد المنبثق عن شراكة بين الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، في بيان، إن «النظام يحاول بكل الوسائل البقاء في الحكم، وكتم حركة الاحتجاج السلمي الجارية، وهو ما أشاع أجواء من الخوف من خلال القمع».
وأضاف البيان موضحاً: «في ظل قمع يتفاقم لمتظاهرين سلميين بيد قوات الأمن الجزائرية، تم توقيف مئات الأشخاص تعسفياً منذ بداية سبتمبر (أيلول) الماضي، بينهم كثير من الحقوقيين»، داعياً إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط»، عن الموقوفين، و«احترام حرية التعبير والاجتماع والتظاهر، التي (...) تواجه تهديداً كبيراً في الجزائر»، التي تشهد حركة احتجاج ضد النظام منذ 22 من فبراير (شباط) 2019. وتم خلال الأسابيع الماضية توقيف كثير من الصحافيين والناشطين وقيادات الاحتجاج. وبحسب المحتجين، فإن النظام الذي تجسده قيادة الجيش يسعى، بأي ثمن، إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 من ديسمبر (كانون الأول)، لانتخاب خلف للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان أرغم على الاستقالة في أبريل (نيسان) الماضي. لكن قيادة حركة الاحتجاج، التي تطالب برحيل رموز نظام بوتفليقة، ترفض هذه الانتخابات، بحجة أنها تهدف إلى إدامة النظام القائم في الجزائر منذ استقلالها عن فرنسا في 1962.
وأضافت بوميون: «قبل شهرين من موعد الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر (كانون الأول)، تشكّل موجة الاعتقالات التعسفية التي استهدفت بوضوح الحقوقيين، مؤشراً سيئاً جداً لعملية انتقال محتمل إلى الديمقراطية في الجزائر».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.