حيرة غير مسبوقة في الأسواق النقدية الأميركية

بين تحفيز بضخ السيولة وتشديد بخفض الفائدة

اضطر الاحتياطي الفيدرالي في 17 سبتمبر لضخ 53 مليار دولار في الأسواق لخفض فوائد «الريبو» التي صعدت فجأة (أ.ف.ب)
اضطر الاحتياطي الفيدرالي في 17 سبتمبر لضخ 53 مليار دولار في الأسواق لخفض فوائد «الريبو» التي صعدت فجأة (أ.ف.ب)
TT

حيرة غير مسبوقة في الأسواق النقدية الأميركية

اضطر الاحتياطي الفيدرالي في 17 سبتمبر لضخ 53 مليار دولار في الأسواق لخفض فوائد «الريبو» التي صعدت فجأة (أ.ف.ب)
اضطر الاحتياطي الفيدرالي في 17 سبتمبر لضخ 53 مليار دولار في الأسواق لخفض فوائد «الريبو» التي صعدت فجأة (أ.ف.ب)

«إنه ليس برنامج تيسير أو تحفيز نقدي كمي كثيفاً لشراء الأصول... لكنه يشبه ذلك»، هذا ما استنتجه المراقبون للأسواق النقدية الأميركية خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وعلى هذا الصعيد، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الثلاثاء الماضي، أنه جاهز لزيادة ما بحوزته من الأصول المشتراة من سندات الخزينة؛ بهدف تجنب أي اضطرابات في سوق «الريبو» فيما بين البنوك التي تلجأ لبيع وشراء السندات لتوظيف السيولة أو الحصول عليها لزوم استخدامات الأجل القصير جداً.
واضطر الاحتياطي الفيدرالي في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى ضخ 53 مليار دولار في الأسواق لخفض فوائد «الريبو» التي صعدت فجأة إلى 10 في المائة، بعدما اضطربت سوق تداول السندات بين البنوك بيعاً وشراءً لفترات المدى القصير.
وهذا التدخل أتى لضخ «زيوت في ماكينة كان يخشى أن تضطرب آلياتها أو تتعطل»، كما قال أحد المصرفيين المعنيين. إلا أن الاحتياطي الفيدرالي أصر على أن ذلك التدخل كان آنياً ولا يعني تغييراً شاملاً في سياسته، التي كان بدأ فيها بالتخلي عن أصول.
لكن بعد 5 أيام من ضخ 53 مليار دولار، عاد «الفيدرالي» إلى ضخ جديد أكبر، بواقع 75 مليار دولار يومياً، وذلك في برنامج قصير الأجل يفترض أن يكون قد انتهى العمل به أمس. وساهم ذلك في تهدئة الأسواق والعودة بفوائد «الريبو» إلى 1.8 في المائة.
«هدأت الأسواق، لكن النفوس لم تهدأ»، كما يؤكد مصرفيون في وول ستريت؛ لأن العملية تشبه تقريباً ما كان يحصل إبان الأزمة المالية عندما لعب البنك المركزي الدور الأول والأخير في تأمين السيولة التي شحت في المصارف، وكان ذلك على نحو مستدام لسنوات طويلة. لكن التدخل الأخير أتى آنياً ولتأمين سيولة ليلة واحدة ولمدة أسبوعين تقريباً.
أحد كبار المتداولين يؤكد أن الأمر ليس آنياً كما ذكر الاحتياطي الفيدرالي، متوقعاً تكرار السيناريو الأسبوع المقبل وربما الأسابيع المقبلة حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وأضاف: نعلم أن الاحتياطي الفيدرالي هو الآن في طور التفكير لإيجاد حل طويل الأمد، أي أنه سيتجنب التدخل الانتقائي المحدد في الحجم والوقت، باتجاه إيجاد حل مستدام لهذه الظاهرة الطارئة وغير المنتهية التداعيات بعد.
وعلى الصعيد عينه، تؤكد البنوك الاستثمارية في وول ستريت أن جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، وبإعلانه هذا البرنامج الشرائي الذي سيزيد ما في ميزانيته من أصول مالية بعدما كان أعلن أنه سيخفضها، يريد آلية جديدة بين التدخل الانتقائي المحدد الأجل وبين التدخل المستدام على النسق الذي اعتمد خلال سنوات الأزمة. لذا؛ فالمعادلة صعبة، لكنها في متناوله وباستطاعته حتى لا تشح السيولة تحت أي ظرف وينتج عن ذلك الشح صعوداً لأسعار الفائدة.
وعن الأسباب الطارئة، يشير المصرفيون إلى نقص الاحتياطات في القطاع المصرفي؛ ما يعني أن اضطراباً بسيطاً يمكن أن يؤدي إلى قلق هنا وربما هلع هناك، ولا سيما في سوق «الإنتربنك». لذا؛ يرجح صدور إعلان تطميني، ربما يُفهم منه أن الاحتياطي الفيدرالي جاهز للتدخل لشراء سندات خزينة لمدة سنة على الأقل، وتحديداً حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإلا فإن جيروم باول سيتعرض لهجوم من الرئيس دونالد ترمب الذي لا يتوانى عن اتهام أي أحد كان يفترض أنه قد يقوم بدور ما للحؤول دون إعادة انتخابه رئيساً لولاية ثانية.
وقد يتركز الشراء في سندات الأجل القصير، أي سنة وما دون؛ حتى لا تجد المصارف أي حجة وتستمر في إدارة عملياتها كالمعتاد، ولا سيما الإقراض لقطاعات الإنتاج وأسواق المال.
في المقابل، تستدرك مصادر الاحتياطي الفيدرالي لتوضح أن الأمر ليس تيسيراً كمياً كبيراً وكثيفاً كما يعتقد البعض، بل هو عبارة عن آلية تصحيحية لاضطرابات الأسواق الآنية. وأن «الفيدرالي» كان أعلن صراحة في سبتمبر الماضي أنه سيشتري أصولاً لموازنة موجوداته ومطلوباته. وأن لا علاقة لذلك بالانتقادات التي وجهها ترمب، ولا يشكل استجابة لطلب الرئيس التوسع في الشراء. وكان الرئيس قال إن البنك المركزي يحجم عن الشراء لأنه راغب في التشدد النقدي الضار بالاقتصاد والأسواق.
وفي اختلاف الآراء بين توصيف التدخل آنياً أو مستداماً، يبدو بالنسبة للمصرفيين أن الاحتياطي الفيدرالي عاد إلى التيسير الكمي، لكن بخطوات مدروسة وحذرة، كأنه في حقل ألغام بين حاجات الأسواق من جهة واللهجة العالية التي يستخدمها ترمب من جهة أخرى. ولا يريد البنك المركزي الظهور بمظهر المذعن لإملاءات الرئيس؛ لأنه حريص كل الحرص على استقلاليته، مقابل القيام بما يلزم القيام به حتى لا تقع أزمة سيولة وتصعد الفوائد القصيرة الأجل من دون مبرر لمجرد أن الأسواق تحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات أو ربما إلى بضع مئات المليارات التي لا تمثل نسبة تذكر مما لدى الاحتياطي الفيدرالي من أصول تبلغ قيمتها حالياً 3946 مليار دولار.
ويبدو البنك المركزي مطمئناً نسبياً حتى الآن لأن شح السيولة لم يظهر إلا للآجال القصيرة بينما المتوسطة والطويلة مستقرة ولا تظهر أي علامات ضعف. وهنا يكمن الفرق؛ لأن الشح في سنوات الأزمة كان أعمق وأشمل ولكل الآجال، ولا سيما الطويلة منها.
ولزيادة حيرة المتابعين، أكد تقرير لوكالة «بلومبرغ» أن احتمالات خفض الفائدة تصل نسبتها هذه الأيام إلى 80 في المائة، علماً بأن القرار منتظر في 30 أكتوبر الحالي. وتلك الحيرة ناتجة من تناقض ما في التوجهات: سياسة تحفيزية في ضح سيولة في الأسواق، مقابل سياسة تشددية في خفض الفائدة!



النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.


وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
TT

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)

شكلت تصريحات وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال «منتدى الدوحة 2025»، نقطة محورية في مناقشات المنتدى الذي افتتحه أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في نسخته الثالثة والعشرين تحت شعار: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس». وأكد الكعبي على رؤية متفائلة للغاية لمستقبل الغاز، مشدداً على أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب المستقبلي بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

وأكد الكعبي أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيظل قوياً بفضل تزايد احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 600 و700 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035. وأبدى في الوقت نفسه، قلقه من أن يؤثر نقص الاستثمار على الإمدادات المستقبلية للغاز الطبيعي المسال والغاز.

وقال الكعبي: «لا أشعر بأي قلق على الإطلاق بشأن الطلب على الغاز في المستقبل»، مُضيفاً أن الطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستكون مُحرّكاً رئيسياً للطلب. عند بلوغه كامل طاقته الإنتاجية، من المتوقع أن يُنتج مشروع توسعة حقل الشمال 126 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بحلول عام 2027، مما سيعزز إنتاج قطر للطاقة بنحو 85 في المائة من 77 مليون طن متري سنوياً حالياً.

وأضاف أن أول قطار من مشروع «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مشترك مع «إكسون موبيل» في تكساس، سيبدأ العمل بحلول الربع الأول من عام 2026.

وأكد الكعبي أن أسعار النفط التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل ستوفر إيرادات كافية للشركات للاستثمار في احتياجات الطاقة المستقبلية، مضيفاً أن الأسعار التي تتجاوز 90 دولاراً ستكون مرتفعة للغاية.

كما حذّر من كثرة العقارات التي تُبنى في الخليج، ومن احتمال «تشكُّل فقاعة عقارية».

الاتحاد الأوروبي

كما أبدى الكعبي أمله أن يحل الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول).

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، أعربت يوم الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية. وأكّدت دول المجلس أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

كما أعربت قطر عن استيائها من توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وهدّدت بوقف إمدادات الغاز. ويتمحور الخلاف حول إمكانية فرض توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات غرامات على المخالفين تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية. وقد صرّح الوزير مراراً بأن قطر لن تحقق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.

من جهة أخرى، أطلق الكعبي تحذيراً بشأن النشاط العمراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك «بناءً مفرطاً للعقارات في منطقة الخليج»، ما قد يؤدي إلى «تشكُّل فقاعة عقارية».

استراتيجية مالية منضبطة

من جهته، أكد وزير المالية القطري، علي أحمد الكواري، خلال المنتدى، قوة ومتانة المركز المالي للدولة. وأوضح أن التوسع المخطط له في إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيعمل كعامل تخفيف رئيسي يقلل من تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار النفط مستقبلاً. وأضاف أن السياسة المالية «المنضبطة» التي تتبعها قطر تمنحها مرونة كبيرة، مما يعني أنها لن تضطر إلى «اللجوء إلى أسواق الدين» لتلبية احتياجاتها من الإنفاق في أي مرحلة.