فوز الشاعر الأميركي تشارلز سيميك بجائزة «الأركانة» العالمية للشعر 2019

قصيدته لم تتوقف عن «الحفر في شعاب الألم الإنساني»

فوز الشاعر الأميركي تشارلز سيميك بجائزة «الأركانة» العالمية للشعر 2019
TT

فوز الشاعر الأميركي تشارلز سيميك بجائزة «الأركانة» العالمية للشعر 2019

فوز الشاعر الأميركي تشارلز سيميك بجائزة «الأركانة» العالمية للشعر 2019

أعلن «بيت الشعر في المغرب»، أوّل من أمس، فوز الشاعر الأميركي تشارلز سيميك، بجائزة «الأركانة» العالميّة للشعر، لعام 2019، في دورتها الرابعة عشرة.
وجاء إعلان فوز الشاعر سيميك بهذه الجائزة، التي يَمنحُها «بيت الشعر» في المغرب، بشراكة مع مُؤسّسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير ووزارة الثقافة والاتصال، بأن قصيدة سيميك لم تتوَقّف، مُنذ ستينات القرن الماضي، عن «الحَفر في شِعاب الألم الإنساني وفي طيّات القلق الوجودي وعن توسيعِ أفُق المَعنى وتطوير الشكل الشعريّ». وكان سبق أن فاز بهذه الجائزة الصيني بي ضاو (2003)، والمغربي محمد السرغيني (2005)، والفلسطيني محمود درويش (2008)، والعراقي سعدي يوسف (2009)، والمغربي الطاهر بن جلون (2010)، والأميركية مارلين هاكر (2011)، والإسباني أنطونيو غامونيدا (2012)، والفرنسي إيف بونفوا (2013)، والبرتغالي نونو جوديس (2014)، والألماني فولكر براون (2015)، والمغربي محمد بنطلحة (2016)، والنيجري محمدين خواد (2017)، واللبناني وديع سعادة (2018).
وأضاف بيان الفوز بالجائزة، التي تكونت لجنة تحكيمها من الشاعر حسن مكوار (رئيساً)، والمترجم تحسين الخطيب، والشعراء حسن نجمي (أمين عام الجائزة)، ونجيب خداري، ومراد القادري، ونبيل منصر، ونور الدين الزويتني، والناقد خالد بلقاسم أعضاء، أنّ شعر تشارلز سيميك يتحدى «كُلَّ تصنيفٍ مُطمئِنٍّ إلى معاييرَ ثابتة»، فيما «يبدو مَسارُهُ الكتابيّ، الذي يَمتدُّ لأكثر مِنْ نصف قرن، كما لو أنّهُ يَنمو مُحَصَّناً ضدّ كلّ تصنيف جامد»، وأنه «بقدر ما تنفُذُ قصائدُ سيميك إلى آلامِ الإنسان وأهوال الحياة، تنطوي أيضاً على بُعدٍ ميتافيزيقي يَخترقُها ويَكشفُ فيها عمّا يفيضُ عن الواقعي وعمّا يُؤمِّنُ للمعنى سَعَتَهُ وشُسوعه وتَعَدُّدَ مَساربه، كما تنطوي، فضلاً عن ذلك، على تكثيفٍ فكري ونَفسٍ تأمّلي مَشدوديْن إلى مَقروءٍ مُتنوِّع».
وزاد البيان: «لربّما كان نفاذُ قصائد سيميك إلى طيّات الواقعِ البعيدة هو ما حَدا بدارسيه إلى الحديث عن المسْحَة الواقعيّة في شِعره، غير أنّ هذه المسحة لا تنفصِلُ، من جهة، عن رهان شعري مَكين، ولا تجعلُ، من جهة أخرى، شعرَهُ واقعيّاً بالمعنى الضّيِّق لهذا التصنيف ولا قابلاً لأنْ يُختَزَل أساساً في هذا التصنيف. إنّها مسحة تُجدِّدُ فَهمَ الواقعيِّ، وتُلامس، في حَفْرها عن اللامرئي في المَرئيّ، تُخومَ السرياليّة، لا بوَصف السرياليّة تصوُّراً كتابيّاً في ممارسة سيميك النصيّة، بل بما هي خَصيصة واقعٍ فادحٍ في بُؤسه؛ سرياليّة تتكشّفُ من داخل التوغُّل الشعري في الحَفر عن المعنى، أي من قُدرة شعر تشارلز سيميك على النفاذ بعيداً في طيّات الواقع والعُثور فيها على ما لا يُرَى. فشعرُ سيميك مُنشغِلٌ باللامرئي المَحجوب بالمَرئيّ. وفداحة ما يتكشّفُ من اللامرئي في الواقع وأهواله تَجعلُ السرياليّة، التي قد تتبدّى في بعض نُصوص الشاعر، مُتحصّلة لا عن اختيار كتابي بل، أساساً، عن الصُّورة التي بها يتكشّفُ الواقعي بَعْدَ أن يَنفُذَ الشعرُ إلى أغواره. لعلّ رهانَ تشارلز سيميك على استجلاء الخَبيء واللامرئي في واقع الإنسان، وعلى استغوار القلق الوُجودي المُخترِق لهذا الواقع، هُو ما يُفسِّرُ، بصُورة ما، الحُضورَ اللافتَ للأشياء في شِعره. تَحضُرُ الأشياء، في قصائده، عبر آليّة الانكشاف. كما لو أنّ شعرَ سيميك لا يَتوَجّهُ إلى الأشياء إلاّ كي يُحرِّرَها مِن كُلّ ما يَعمَلُ على حَجبها. إنّهُ شعرٌ مُنشغِلٌ بالكشْف عما يُحْجب في الأشياء».
ومع أنّ سيميك يَكتُبُ، مُنذ ستينات القرن الماضي، بوَتيرة مُنتظِمة جَعلتْهُ يُصدِرُ مجموعة شعريّة كلّ سنة أو سَنتيْن، فإنّ الكتابة عنده، يضيف بيان فوزه بالجائزة، «ظلّت دوماً مُحصَّنة ضدّ كلِّ استعجال أو تسرّع؛ فهو حريصٌ على إنجازها بالمَحو والتعديل والتشطيب والمُراجعة، لأنّ علاقته باللغة اتّسَمَت بالتوتّر وبالوعي بأنَّ ثمّة ما يتملّص مِنْ ممكنها، من جهة، ولأنّ الكتابة عنده لم تكُن مُنفصلة، من جهة أخرى، عن القراءة، إذ كان سيميك يُغذّي ممارَستَهُ النصيّة بمَقروءٍ متنوّع، شملَ نصوصَ الصينيين القدماء والرمزيين الفرنسيين والحداثيين الأميركيين والنصوص الفلسفيّة والفكريّة، على نَحْوٍ يَكشفُ وَعْي سيميك بحَيَويّة المعرفة في الكتابة الشعريّة. وَعي يُعضّدُهُ حِرْصُهُ، موازاة مع أعماله الشعريّة، على تأليفِ كتُب نثريّة كثيرة، وعلى إنجاز ترجماتٍ إلى الإنجليزيّة لأشْعار مِنْ لغات مُختلفة».
كما أبرز بيان الفوز أنّ المَسار الكتابي لسيميك «رافدٌ من الروافد التي أغْنَت الشعرَ بوَجْهٍ عامّ والشعرَ الأميركي بوَجْه خاصّ»، وأن ممارَسَتُهُ النصيّة كشفت عن «الإمكانات التي يُتيحُها التفاعل بين الشعر والنثر في تنويع الشكل الشعري وتَجديده»، كما كشفَت عن «البُعد النقدي الذي يَضطلعُ به الشعر».
وُلد سيميك في بلغراد عام 1938، وغادرَ عام 1954 مسقطَ رأسه، رفقة أمّه وأخيه، باتّجاه باريس، التي فيها أقاموا بضعة أشهر قبل الانتقال إلى أميركا حيث كان والد تشارلز يَعملُ منذ نحو ستّ سنين. وصدرَت مجموعتُهُ الشعريّة الأولى «ما يقوله العشب» (1967)، ثمّ توالت مجاميعه الشعريّة، التي تجاوَزَ عددُها الثلاثين، منها: «تفكيك الصّمت» (1971)، «العَودة إلى مكان مُضاء بكوب حليب» (1974)، و«كتاب الآلهة والشياطين» (1990)، و«فندق الأرَق» (1992)، و«زواج في الجحيم» (1994)، و«نزهة ليليّة» (2001)، و«الصَّوت في الثالثة صباحاً» (2003)، و«قردٌ في الجوار» (2006)، و«ذلك الشيء الصغير» (2008)، و«سيّد التخفّي» (2010) و«المعتوه» (2014).
كما فاز سيميك بجوائز كثيرة، منها جائزة «بوليتزر» (1990)، وجائزة غريفين العالميّة في الشعر (2005)، وجائزة «والاس ستيفنز» (2007)، وصار عام 2007 «شاعر أميركا» المُتوّج الخامس عشر.
ومن المنتظَر أن يتسلم الشاعر الفائز الجائزة في حفل ثقافي وفني كبير يُنظّم في العاصمة المغربية الرباط، في 5 فبراير (شباط) المقبل، على أن يُحيي أمسية شعرية يوم 8 من الشهر ذاته، ضمن فعاليات البرنامج الثّقافي للمعرض الدُّولي للنشر والكتاب، الذي تنظّمه وزارة الثقافة والاتصال في مدينة الدار البيضاء.



إطلاق أول «باربي» كفيفة تستعين بعصا

العدالة مُلحَّة بجميع أشكالها (ماتيل)
العدالة مُلحَّة بجميع أشكالها (ماتيل)
TT

إطلاق أول «باربي» كفيفة تستعين بعصا

العدالة مُلحَّة بجميع أشكالها (ماتيل)
العدالة مُلحَّة بجميع أشكالها (ماتيل)

بعد 6 عقود على طَرْح دمية «باربي» الأصلية في الأسواق، دشَّنت شركة «ماتيل» الأميركية أول «باربي» كفيفة، في محاولة لإضفاء الشمولية على مجموعتها. وذكرت أنّ الدمية التي تتوفّر حالياً عبر الإنترنت وفي المتاجر، تمثّل الأطفال المكفوفين وضعاف البصر داخل المجتمع بدرجة أكبر.

في هذا السياق، نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن نائبة مدير دمية «باربي» ورئيسة الدمى كريستا بيرغر، قولها، في بيان: «إنها أكثر من مجرّد دمية. فهي تمثّل التعبير عن الذات والشعور بالانتماء».

عملت الشركة مع «المؤسّسة الأميركية للمكفوفين» لضمان تصوير كل تفاصيل الدمية -من عينيها إلى ملابسها- للمكفوفين وضعاف البصر بدقّة.

تحمل الدمية عصا للمكفوفين باللونين الأبيض والأحمر؛ طرفها من حلوى «المارشميللو»، وعيناها تتطلّعان نحو الأعلى للخارج، «لتوضح بدقّة النظرة المميَّزة للمكفوف». وبعد إجراء اختبار مع أطفال مكفوفين وبعض ضعاف البصر، اتُّخذ قرار بارتدائها ملابس ذات قماش لمسي مكوَّن من قميص رياضي حريري زهري، وتنورة أرجوانية اللون من التُّل. وأُضيفت تفاصيل مثل مشبك تثبيت على الجزء الخلفي من قميصها، وحزام مرن مطّاطي على التنورة، لضمان سهولة إلباسها. وكذلك أصبح فتح عبوة التغليف أسهل من شكل العرض القياسي المعتاد، واسم «باربي» مكتوب بطريقة «برايل» على الوجه الأمامي للعبوة.

وقالت الناشطة في مجال الإعاقة والمذيعة المكفوفة التي تظهر في حملة مع «باربي» الجديدة، لوسي إدواردز، إنَّ تدشين الدمية يعني «كل شيء بالنسبة إليّ». وأضافت: «في مرحلة المراهقة، شعرتُ بالعزلة عند فقدان بصري وبسبب عدم قدرتي على رؤية نماذج مثلي. شعرتُ بالإحراج بسبب العصا التي أستخدمها. لو علمتُ أنّ لدى (باربي) عصا، لاختلف شعوري تجاه عصاي، ولأحسستُ بقدر أقلّ من الوحدة في رحلتي نحو تقبُّل فقدان البصر».

خطوة لمجتمع أفضل (ماتيل)

حظي تدشين الدمية بدعم «المعهد الوطني الملكي للمكفوفين» في بريطانيا، فعلَّقت مديرة استشارات العملاء والدعم في الجمعية، ديبي ميلر: «تمثّل الدمية البهجة، واكتشاف العالم وفهمه من خلال اللعب. من الرائع رؤية الأطفال المعاقين بصرياً وهم يلعبون بـ(باربي) التي تُشبههم». وأضافت: «نحن سعداء بالتفاصيل المُضافة إلى التصميم الخاص بالدمية الجديدة؛ منها الملابس اللمسية، وعصا المكفوفين، والنظّارات الشمسية. إنها اعتراف بعدم قدرة الجميع على الرؤية، وهو يعني كثيراً للمكفوفين وضعاف البصر. إنها خطوة إيجابية نحو الأمام في مساعدة الأطفال والبالغين المكفوفين على الشعور بالانتماء وباعتراف الآخرين بوجودهم».

إضافة إلى أول دمية «باربي» مكفوفة، انخرطت شركة «ماتيل» في شراكة مع «الجمعية الوطنية لمتلازمة داون»، وهي مؤسَّسة أميركية، من أجل تدشين أول دمية ذات بشرة سمراء تحمل ملامح الإصابة بهذه المتلازمة. جاء ذلك بعد تدشين دمية بيضاء البشرة تحمل ملامح الإصابة بالمتلازمة العام الماضي. وتظهر، بإرشاد من الجمعية، بقامة أقصر وجذع أطول وقوة عضلية أقل لإظهار الصفات البدنية لبعض الأشخاص الذين يعانون هذه الحالة الوراثية. وكذلك بشَعر مجدول، وهو ملمح أساسي طلبته مجموعة تركيز مكوَّنة من أفراد من ذوي البشرة السمراء من مجتمع المصابين بمتلازمة داون، عملت معها الجمعية.

تمثّل الدميتان جزءاً من مجموعة «باربي فاشونيستا» التي دُشِّنت عام 2009، وقدَّمت للمرّة الأولى مجموعة صغيرة مُختارة من الدمى تضمّ أشكالاً متنوّعة للجسم ولون البشرة. ووُسِّع نطاقها عام 2019 لتشمل 176 دمية لها 9 أشكال جسم مختلفة، و35 درجة بشرة، و94 تصفيفة شَعر. كذلك عُرضت للمرّة الأولى دمية لها رِجل اصطناعية وأخرى مُستخدمةً كرسياً مدولباً. وفي عام 2022، دُشِّنت أول «باربي» صماء، إلى جانب دمية «كين» تظهر عليها ملامح الإصابة بمرض البهاق؛ وهو من أمراض المناعة الذاتية ويؤدّي إلى فقدان البشرة صبغتها الطبيعية.