قلق عالمي واسع من الهجوم التركي

الدخان يتصاعد من أراضٍ سورية نتيجة القصف التركي (أ.ب)
الدخان يتصاعد من أراضٍ سورية نتيجة القصف التركي (أ.ب)
TT

قلق عالمي واسع من الهجوم التركي

الدخان يتصاعد من أراضٍ سورية نتيجة القصف التركي (أ.ب)
الدخان يتصاعد من أراضٍ سورية نتيجة القصف التركي (أ.ب)

عبرت دول عدة عن قلقها بعد بدء الهجوم التركي على مناطق الأكراد في شمال شرقي سوريا، فيما يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا اليوم (الخميس) للبحث في العملية العسكرية.
وأدانت السعودية ومصر والأردن بشدة الهجوم العسكري التركي على الأراضي السورية. وأعلنت جامعة الدول العربيّة أمس (الأربعاء) أنّها ستعقد (السبت) المقبل اجتماعاً طارئاً للبحث في الهجوم التركي. وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربيّة حسام زكي إنّه تقرَّر عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجيّة العرب (السّبت)، بناء على طلب مصر، وذلك «للبحث في العدوان التركي على الأراضي السورية»، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
بدوره، طالب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بوقف العمليات التركية، وقال لأنقرة إن الاتحاد لن يدفع أموالاً لإقامة ما يسمى «المنطقة الآمنة». وأقر أمام البرلمان الأوروبي أن لدى تركيا «قلقا أمنيا» على طول الحدود لكنه حذر من أن الأعمال العسكرية لن تؤدي إلى «نتائج جيدة»، مشيراً إلى أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لوقف النزاع السوري.
وحض الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ تركيا على التحلي بـ«ضبط النفس»، لكنه أقر في الوقت نفسه بوجود «قلق أمني مشروع» لدى أنقرة. وقال: «من المهم تجنب أعمال قد تؤدي إلى زعزعة استقرار إضافية للوضع وتصعيد التوتر والتسبب بالمزيد من المعاناة الإنسانية».
وأعلنت النرويج، العضو في حلف شمال الأطلسي، تعليق تصدير أي شحنة أسلحة جديدة لأنقرة، وقالت وزيرة الخارجية النرويجية، أين أريكسن سوريدي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لأن الوضع معقد ويتغير بسرعة، لن تنظر وزارة الخارجية في سياق إجراء وقائي في أي طلبات لتصدير معدات دفاعية ومعدات ذات استخدامات مختلفة إلى تركيا حتى إشعار آخر».
وفي باريس، أبلغ مصدر دبلوماسي وكالة الصحافة الفرنسية أن وزارة الخارجية استدعت اليوم سفير تركيا إثر العملية العسكرية. وندد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بالعملية التركية قائلا إنها «يجب أن تتوقف»، فيما دعت منظمات عدة إلى تجمعات السبت في باريس دعماً للأكراد في سوريا وضد الهجوم التركي.
 واستدعت إيطاليا السفير التركي في روما، وقالت وزارة الخارجية الإيطالية: «إثر الخطوات العسكرية التركية في شمال شرق سوريا، أمر وزير الخارجية، لويجي دي مايو، باستدعاء السفير التركي في إيطاليا»، وأضافت: «مع تأكيدها مجددا أهمية وقف أي عمل أحادي الجانب، تكرر إيطاليا أن السبيل الوحيد الممكن لحل دائم للأزمة السورية يكمن في العملية السياسية القائمة برعاية الأمم المتحدة».
وعبّر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لنظيره التركي مولود جاويش أوغلو في اتصال هاتفي عن تحفظ برلين عن العملية العسكرية. وغردت الخارجية الألمانية على «تويتر» قائلة إن الوزير الألماني عبر عن مخاوف بلاده والاتحاد الأوروبي من «العواقب السلبية لهذا الهجوم، والتي قد تصل إلى تعاظم نفوذ تنظيم داعش في سوريا مجدداً»، وذلك «رغم تفهم المصالح الأمنية التركية».
بدوره، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ترغب في حصول محادثات بين تركيا والنظام السوري حول الأكراد المستهدفين منذ (الأربعاء)، وقال: «سندافع من الآن فصاعدا عن ضرورة إجراء حوار بين تركيا وسوريا»، مضيفاً أن موسكو ستسعى أيضا إلى إجراء اتصالات بين دمشق والأكراد. وأضاف في المقابل أنه «يتفهم قلق تركيا بخصوص أمن حدودها».
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو اليوم أن إسرائيل تدين بشدة اجتياح تركيا للمناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا، محذراً من «تطهير عرقي» للأكراد.
من جهتها، دعت طهران إلى «وقف فوري» للهجوم التركي. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية اليوم أن إيران «التي تعبر عن قلقها» إزاء تداعيات هذه العملية على الصعيد الإنساني «تشدد على ضرورة الوقف الفوري للهجمات وانسحاب الوحدات العسكرية التركية المنتشرة على الأراضي السورية». وأضاف البيان أن إيران «تتفهم قلق تركيا في مجال الأمن، لكنها تعتقد، كما قالت من قبل، أن التدابير العسكرية ليست حلا للتعامل مع مصادر هذا القلق».
بدورها، دعت الصين اليوم إلى احترام سيادة سوريا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية غينغ شوانغ إن «الصين تعتقد دائما أنه يتعين احترام سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، والحفاظ عليها»، مضيفاً أن على المجتمع الدولي «أن يتفادى دائماً المزيد من عوامل تعقيد الوضع».
وأدانت وزارة الخارجية القبرصية الهجوم العسكري التركي على شمال سوريا ودعت أنقرة إلى «وقف كل الأنشطة العسكرية فوراً».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.