تمسك ترمب بموقفه منح إردوغان «الضوء الأخضر»

TT

تمسك ترمب بموقفه منح إردوغان «الضوء الأخضر»

رغم تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتركيا بأنها قد تدفع ثمناً اقتصادياً كبيراً فيما لو تمادت عمليتها العسكرية خارج نطاق الحدود، فإن تغريداته الجديدة التي أطلقها صباح أمس الأربعاء، عدّت رسالة غير مباشرة حول تغاضيه عن احتمال انطلاقها في أي لحظة، بعدما كرر موقفه المعارض للتدخل العسكري الأميركي في المنطقة.
وقال في تغريدته: «لقد أنفقت الولايات المتحدة 8 تريليونات دولار في القتال والسياسات في الشرق الأوسط. لقد مات الآلاف من جنودنا العظام أو أصيبوا بجروح خطيرة. لقد مات ملايين الناس على الجانب الآخر». وأضاف: «إن الذهاب إلى الشرق الأوسط هو أسوأ قرار على الإطلاق في تاريخ بلادنا! ذهبنا إلى الحرب في ظل فرضية خاطئة وغير صحيحة عن أسلحة الدمار الشامل. لم يكن هناك شيء! الآن نحن نحضر ببطء وعناية جنودنا للعودة إلى الوطن. ينصبّ تركيزنا على الصورة الكبيرة! الولايات المتحدة الأميركية أكبر من أي وقت مضى!».
وبدا أن تركيا التي تشجعت بالمواقف المتناقضة في واشنطن، قد تلتزم في تنفيذ عمليتها بضوابط، لم تحدد طبيعتها بعد، بحسب محللين أميركيين تحدثوا إلى وسائل إعلام أميركية غطت أمس نبأ العملية التركية وردود الفعل الأميركية عليها.
وأعلن أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أنهم بدأوا بصياغة تشريع لفرض عقوبات على أصول كبار المسؤولين الأتراك، بمن فيهم الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي دعاه ترمب لزيارة واشنطن الشهر المقبل.
وجدد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي يقود تلك الجهود، تحذيراته الشديدة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، من مغبة القيام بعملية عسكرية في الشمال السوري.
وقال غراهام في تغريدة مساء الثلاثاء: «نقول للرئيس التركي ليس لديك ضوء أخضر للدخول إلى شمال سوريا». وأضاف: «إذا كان الرئيس التركي يرغب في تدمير ما تبقى من علاقات هشة، فما عليه سوى اجتياح سوريا».
وأكد غراهام على أن «هناك رفضاً جماعياً من الحزبين في الكونغرس لأي عمل عسكري تركي. وعلى إردوغان أن يأخذ ذلك بمثابة ضوء أحمر».
لكن بدا أن الضوء لم يكن أحمر بشكل كاف للرئيس التركي، خصوصاً أن مصادر أميركية كانت أشارت إلى أن الرئيس ترمب ينسق موقفه وتصريحاته بالتشاور مع كل من وزير الدفاع مارك إسبر ورئيس أركان الجيوش الأميركية الجديد مارك ميلي، اللذين حضرا خلال المكالمة الهاتفية التي جرت بين ترمب وإردوغان، بحسب تأكيدات من مصادر عدة.
وتؤكد تلك الأوساط أن الحديث عن العملية العسكرية التركية، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، لم يعد ذا أهمية بالنسبة إلى تهديدات الأكراد عن احتمال عودة تنظيم «داعش»، في ظل تصميم ترمب على تسليم مهمة مواجهته للأتراك «المتمسكين» على ما يبدو بتزعم «الدولة السنية» في المنطقة. وكانت وسائل إعلام أميركية عدّت أن «تمادي» القادة الجمهوريين في انتقاد الرئيس على سياساته الخارجية، خصوصاً في الملف السوري؛ المتشابك مع ملفات سياسية خارجية حساسة، كالملف الإيراني والعلاقة مع روسيا و«هشاشة» الموقف مع تركيا، لا يتعارض مع دعمهم المستميت للرئيس في ملفاته الداخلية، خصوصاً في المعركة المندلعة مع الديمقراطيين لعزله.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».