تعهدت المؤسسة العسكرية في الجزائر بأن تكون الرئاسية، التي قررتها في 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، «مختلفة تماماً عن المواعيد الانتخابية السابقة»، وهي إشارة إلى أنها ستكون أكثر نزاهة من سابقاتها. ودعت وسائل الإعلام، التي يشتكي أغلبها من التضييق منذ بداية الحراك قبل 8 أشهر، إلى «توخي الصدق في تناول ونقل الأحداث، والتصدي للتهويل والإثارة التي يسلكها مرتزقة».
وجاء في «مجلة الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع، في عددها الشهري الجديد الصادر أمس، أن «ملامح الجزائر الجديدة بدأت تَلوح في الأفق مع الجهود الحثيثة التي تم بذلها والخطوات الجبارة التي تم قطعها حتى الآن». في إشارة إلى حملة شنها الجيش ضد الفساد بواسطة القضاء، أفضت إلى سجن عدد كبير من وجهاء النظام، من بينهم رئيسا وزراء سابقان وعدة وزراء سابقين، ورجال أعمال محسوبون على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفيلقة (1999 - 2019).
ويرى الجيش، من خلال تصريحات قائده، أن هذه الحملة «وضعت الجزائر على طريق بناء دولة جديدة»، بدايتها تكون بالانتخابات المقبلة، التي يرفضها الحراك الشعبي.
وأفادت النشرية العسكرية، التي تعبّر عادةً عن المواقف السياسية للمؤسسة العسكرية حول أحداث جارية، أن الجيش «رافق القضاء في محاربة الفاسدين وتحييد العصابة التي عاثت في البلاد فساداً ونهباً، وحاولت جعل البلاد رهينة لمآربها، إلى جانب تحديد معالم طريق إجراء رئاسيات حرة ونزيهة، وتوفير كل الظروف المناسبة التي تسهم في إنجاحها والاحتكام إلى إرادة الشعب». ويقصد بـ«العصابة» رموز نظام بوتفليقة.
وأكدت المجلة أن «القرار الصائب بإجراء الانتخابات الرئاسية في آجالها سيجنّب البلاد، بلا أدنى شك، الوقوع في الفراغ وفي مآلات لا تُحمد عقباها، وتنظيمها في موعدها المحدد يعد ضرورة ملحّة تقتضيها الظروف الصعبة، التي تمر بها بلادنا». وأضافت المجلة أن «الشعب أيقن، خلافاً لما تروّج له العصابة وأذنابها، بأنه لا طموحات سياسية للجيش، وأنه لا يزكّي أحداً من المترشحين»، في إشارة إلى حديث بعض وسائل الإعلام عن كون عبد المجيد تبون هو مرشح الجيش في الانتخابات. ورفضت أحزابُ المعارضة المشاركةَ في الانتخابات، لعدم توفر شروط تنظيمها، حسب قادتها. واشترطت قبل إعلان الرفض إطلاق سراح نشطاء سياسيين وإقالة الحكومة. غير أن قائد الجيش الجنرال قايد صالح، تحفظ بشدة على ذلك. وفي المقابل ستخوض المنافسة وجوه بارزة في نظام الحكم، أبرزهم رئيسا الوزراء سابقاً عبد المجيد تبون وعلي بن فليس، ووزير الثقافة سابقاً عز الدين ميهوبي. فيما قالت «السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات» إن عدد الذين سحبوا استمارات الترشيحات (50 ألفاً) بلغ 133.
من جهتها، قاطعت هيئة دفاع الناشط البارز السجين كريم طابو، أمس، جلسة نظّمتها غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالعاصمة، لبحث طلبها الإفراج المؤقت عنه. وصرح رئيس الهيئة المحامي الناشط مصطفى بوشاشي، أن سبب المقاطعة «اعتقادنا أنه لا جدوى من المرافعة بعد تأييد غرفة الاتهام لأوامر حبس سابقة، صدرت عن قضاة تحقيق تابعين لها، ضد معتقلي الرأي».
وقال محامون إن طابو موجود في زنزانة المحكوم عليهم بالإعدام. ويقع طابو، وهو رئيس حزب قيد التأسيس، تحت طائلة تهمة «إضعاف معنويات الجيش» التي سُجن بسببها عدة نشطاء، منهم رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة، والكاتب الصحافي فضيل بومالة، والناشط سمير بلعربي.
ووُضع 5 من طلبة الجامعة، أمس، تحت الرقابة القضائية من طرف النيابة بالعاصمة، بعد أن تم اعتقالهم في مظاهرات أول من أمس (الثلاثاء).
في سياق متصل، قال مرصد حماية الحقوقيين، أمس، إن حرية التعبير والتظاهر «مهددة بشدة» في الجزائر بسبب «القمع المتنامي» لحركة الاحتجاج، التي شهدت «موجة اعتقالات تعسفية».
وقالت ألكسندرا بوميون، مسؤولة المرصد المنبثق عن شراكة بين الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، في بيان تلقّت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه: «يحاول النظام بكل الوسائل البقاء في الحكم، وكتم حركة الاحتجاج السلمي الجارية، ما أشاع أجواء من الخوف من خلال القمع». وأبرز البيان أنه «في ظل قمع يتفاقم لمتظاهرين سلميين بيد قوات الأمن الجزائرية، تم توقيف مئات الأشخاص تعسفياً منذ بداية سبتمبر (أيلول)، بينهم العديد من الحقوقيين».
ودعا المرصد إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط» عن الموقوفين، و«احترام حرية التعبير والاجتماع والتظاهر التي (...) تواجه تهديداً كبيراً في الجزائر».
الجيش الجزائري يتعهد برئاسية «مختلفة تماماً» عن الانتخابات السابقة
الجيش الجزائري يتعهد برئاسية «مختلفة تماماً» عن الانتخابات السابقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة