حكومة هونغ كونغ: كل الخيارات مطروحة لحل أزمة الاحتجاجات

تطورت الاحتجاجات التي تشهدها هونغ كونغ في الأيام الأخيرة إلى مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين وتحركات شبه يومية ترافقت مع أعمال تخريب وعنف واسعة النطاق. ولهذا لم تستبعد الرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ ذات الحكم شبه الذاتي الواقعة جنوب الصين، كاري لام، أمس الثلاثاء، إمكانية تدخل بكين لحل الأزمة السياسية في المدينة التي تواجه حركة احتجاجية تزداد عنفاً في سياق مطالبتها بالديمقراطية. وأوضحت لام في مؤتمر صحافي أسبوعي: «في هذه المرحلة، ما زلت على قناعة بأن علينا أن نجد الحل بأنفسنا. وهذا موقف الحكومة المركزية (في بكين) أيضاً، التي ترى أن على هونغ كونغ مواجهة الأزمة بمفردها». وتابعت: «لكن إذا بات الوضع خطيراً جداً، فلا يمكن استبعاد أي خيار إذا كنا نريد أن تحظى هونغ كونغ بفرصة ثانية». وأدت الاحتجاجات إلى أسوأ أزمة سياسية في هونغ كونغ منذ عقود، وأكبر تحدّ شعبي للرئيس الصيني شي جينبينغ منذ توليه السلطة في 2012. وأوضحت لام أن زيارتها إلى بكين للمشاركة في احتفالات الصين باليوم الوطني في أول أكتوبر (تشرين الأول) الحالي كانت قصيرة ولم تشمل أي اجتماعات مع مسؤولين بالحكومة المركزية.
واندلعت موجة العنف الأخيرة في أعقاب استحضار كاري لام الجمعة الماضي قانون طوارئ قديماً يعود إلى مرحلة الاستعمار ويمنع ارتداء الأقنعة خلال المظاهرات. وأسفرت الأضرار اللاحقة داخل محطات المترو وفي محيطها منذ مساء الجمعة عن شلّ الشبكة السبت، وعن تعقيد تحركات المواطنين بشكل بالغ، مما اضطرهم إلى التهافت على الحافلات المزدحمة. وحتى صباح الثلاثاء، كانت 13 محطة لا تزال مغلقة، مما خلّف اضطرابات أثرت سلباً على الموظفين الذين كانوا يستعيدون أعمالهم. وتمت إعادة فتح اثنتين خلال النهار.
وهاجمت مجموعات عشرات محطات المترو التي يتهم مشغّلها بالعمل خدمة لمصالح بكين، مما أدى إلى اضطراب في حركة الشبكة. كما تعرضت هذه المجموعات أيضاً إلى عدد من المتاجر والشركات المرتبطة بالصين القارية. وبعدما استعاد سكان المدينة أعمالهم الثلاثاء بعد نهاية أسبوع امتدت حتى الاثنين، عدّت رئيسة الحكومة التي تعدّ هدفاً مباشراً لغضب المحتجين، أنّ حكومتها قادرة على معالجة الأزمة. ولكنّها أضافت أنّها قد تستدعي مساعدة الصين في حال انزلقت التطورات أكثر. وتعرضت لام، التي عيّنتها لجنة في بكين، لانتقادات شديدة من المتظاهرين بسبب قرارها منع وضع الأقنعة. وتظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص في الأيام الثلاثة الأخيرة مرتدين الأقنعة تأكيداً على أنّهم لن يحترموا قرار الحكومة.
والاثنين الماضي وجّه اتهام لطالب وامرأة تبلغ من العمر 38 عاماً بسبب ارتداء الأقنعة، ولكن جرى إخلاء سبيلهما بكفالة. والثلاثاء، وجهت اتهامات أيضاً إلى 14 متظاهراً كانوا أوقفوا بعد ظهر الأحد. وعدّت لام أنّه «من المبكر جداً» الإقرار بما إذا كان منع ارتداء الأقنعة فعالاً أم لا، وقالت: «توافقون على أنّه ثمة حاجة إلى وقت لتنفيذ سياسة جديدة أو قانون جديد». في الأثناء، رفضت رئيسة الحكومة التعليق على مقترح النائب المقرب من بكين إيب كووك هيم، وهو أيضاً عضو المجلس التنفيذي، القائل إنّه بإمكان الحكومة الحد من الوصول إلى شبكة الإنترنت بغية مواجهة القدرات التنظيمية لدى المحتجين بشكل أفضل.
وانطلقت الحركة الاحتجاجية في شهر يونيو (حزيران) الماضي رفضاً لمشروع قانون يسمح بعمليات الترحيل نحو الصين القارية. ورغم التخلي عن النص في بداية سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنّ المحتجين نظروا إلى تلك الخطورة على أنّها متأخرة جداً ولا تلبي مطالبهم التي اتسع نطاقها مع مرور الوقت. وبات المحتجون يطالبون خصوصاً بعفو عن آلاف المحتجين الموقوفين، وبتحقيق حول سلوكيات الشرطة العنيفة؛ وفقاً لهم، أو حتى بإقرار نظام الاقتراع العام.
وجاءت تصريحات لام مع عودة المركز المالي الآسيوي إلى العمل بعد عطلة نهاية الأسبوع، واستؤنفت خدمات المترو جزئياً، وحذرت السلطات السكان من احتمال مواجهة عراقيل في الحركة والتنقل بسبب أعمال التخريب واسعة النطاق التي تعرضت لها البنية التحتية.
وناشدت رئيسة المدينة التنفيذية شركات التطوير العقاري وأصحاب العقارات والأراضي تقديم العون لصغار المتعاملين الذين تأثرت أعمالهم. وقالت: «في الأيام الستة الأولى من أكتوبر الحالي، خلال ما تسمى (عطلة الأسبوع الذهبي)، تراجع عدد السياح الوافدين إلى هونغ كونغ بنسبة 50 في المائة». وأضافت أن شركات التجزئة والمطاعم وقطاع السياحة والفنادق، تضررت بشدة، كما تضرر نحو 600 ألف شخص.