البرلمان العراقي يقر توصيات بشأن مطالب المتظاهرين

رئيسه: ما حدث جرح غائر يصعب نسيانه أو تجاهله

TT

البرلمان العراقي يقر توصيات بشأن مطالب المتظاهرين

صوت مجلس النواب في جلسته التي ‏عقدت أمس برئاسة محمد ‏الحلبوسي وحضور ‏‏212 ‏نائبا على توصيات اللجنة النيابية الخاصة بطلبات المتظاهرين.
وفي مستهل الجلسة لفت الحلبوسي إلى ‏أن «أياما عصيبة مرت على العراق فالدماء التي سالت والأرواح التي أزهقت لأبنائنا من المتظاهرين والقوات الأمنية الذين أصيبوا في مجريات الأحداث تضع علينا مسؤولية كبيرة وجرحا غائرا من الصعب نسيانه أو تجاهله»، لافتا إلى أن «الجميع أمام مفترق طرق حقيقي إما أن نكون مع شعبنا وإما أن نكون في خندق الذات والمنصب وحسمت أمري منذ اللحظة الأولى بشكل قاطع ونهائي بأن أكون مع الشعب وكلي ثقة بأنكم ستقفون هذا الموقف المشرف والتاريخي».
وأوضح الحلبوسي أن «كل الخيارات المطروحة في جلسة اليوم مفتوحة أمامكم من أجل إنصاف شعبكم وإعادة حقه الدستوري والقانوني بالعيش الكريم وجميع الحريات والحقوق كاملة بلا نقص»، مشيرا إلى أن «وقت الجلسة مفتوح إلى حين استكمال كافة المناقشات واتخاذ القرارات التي من شأنها أن تكون بمستوى الحدث وحجم التضحيات وألا يتم وضع سقف للطروحات إزاء المعالجات المناسبة حتى وإن كانت قاسية جدا».
ونوه الحلبوسي إلى سلسلة اللقاءات التي عقدت مع الرئاسات خلال الأيام الماضية لبحث مطالب المتظاهرين التي قال إنها «تمثل حقوقا تأخر تلبيتها»، مشيرا إلى أن مجلس النواب سيقدم الحزمة الأولى من الإجراءات التي تأتي لتلبية المطالب على أن يتم تقديم الحزمة الثانية لتنفيذ المطالب قريبا، لافتا إلى أن الإصلاح «يمثل إجراء وسلوكا ستطبقه السلطتان التشريعية والتنفيذية وليس رد فعل على المظاهرات».
وصوت المجلس على المضي بالإجراءات التشريعية المتمثلة بتعديل القانون الذي أتاح عمل مجالس المحافظات لغاية الأول من مارس (آذار) أو تعديل المادة 20 من قانون مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم.
بعدها استضاف المجلس باسم الربيعي وزير العمل ومحمد العاني وزير التجارة لبحث مطالب المتظاهرين والإجراءات المتخذة بشأنها. وصوت المجلس على توصيات اللجنة المشكلة في مجلس النواب والخاصة بالنظر بطلبات المتظاهرين والتي تتضمن اعتبار ضحايا المظاهرات من المدنيين والقوات الأمنية «شهداء» وتعويضهم ومتابعة الإجراءات التحقيقية للوقوف على الملابسات والأحداث التي طالت المظاهرات وإطلاق سراح المعتقلين فورا الذين لم يعتدوا على الأملاك العامة وإطلاق منحة مالية لبرنامج تأهيل العاطلين عن العمل ويمول هذه السنة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على أن يتم تأسيس صندوق تنمية لتشغيل الطلبة والعاطلين في الموازنة الاتحادية لعام 2020 ويمول من استقطاعات رواتب الدرجات العليا والتي تحدد بالقانون وشمول العوائل التي ليس لها دخل ثابت والتي تعيش تحت خط فقر براتب شهري وينظم ذلك بقانون وإعادة المفسوخة عقودهم في وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب وضم عناصر الصحوة إلى الحشد العشائري التابع لهيئة الحشد الشعبي مع احتواء حشد الدفاع والتحاقهم الفوري بوحداتهم السابقة ومعالجة احتواء أفراد حشد الدفاع فورا.
وتضمنت التوصيات إعادة موظفي هيئة التصنيع العسكري إلى الوظيفة غير المشمولين بإجراءات المساءلة والعدالة وتحويلهم إلى ملاك وزارة الصناعة والمعادن وفتح باب التطوع في وزارة الدفاع للأعمار من (18 -25) حصرا والمباشرة به فورا وإيقاف حملة إزالة التجاوزات السكنية فورا وإيجاد البديل المناسب بتخصيص مبلغ أربعة تريليونات دينار تقترضها الحكومة من المصارف العراقية تسدد من حصة تنمية الأقاليم بالمحافظات للموازنات للسنوات القادمة ابتداء من سنة 2020 ولمدة 10 سنوات لبناء مساكن متوسطة التكلفة بعدد مائة ألف وحدة سكنية توزع حسب النسب السكانية لاستيعاب المتجاوزين وعودة النازحين.
وشملت التوصيات قيام وزارة المالية بتحويل ملكية الأراضي المسجلة باسمها ومن دون بدل والتي تدخل ضمن التصميم الأساسي أو خارج التصميم إلى البلديات المختصة لتنفيذ مشاريع توزيع الأراضي أو بناء المجمعات السكنية وفقا للقانون رقم (80) والقوانين الأخرى وإعفاء المزارعين والفلاحين من بدلات إيجارات الأراضي الزراعية للسنوات السابقة من ضمنها هذا العام وتحويل المحاضرين والمتطوعين الخارجين في وزارتي التربية والتعليم العالي لعقود في موازنة 2020 والبدء بوضع برنامج وتوقيتات زمنية محددة لتثبيت جميع المتعاقدين في جميع الوزارات وعلى الجهات الرقابية ومجلس مكافحة الفساد تقديم ملفات الفساد إلى القضاء وبشكل عاجل بالإضافة إلى تفعيل قرارات مجلس الوزراء بما يخص حملة الشهادات العليا من كافة الاختصاصات وتعديل القرار (315) الخاص بتحويل الإجراء اليومي إلى عقود في وزارتي التعليم العالي والموارد المائية وفي كافة الوزارات.
وتضمنت التوصيات توفير منح مالية لعوائل المفقودين والمغيبين (من المدققين أمنيا) خلال فترة «داعش» وشمولهم بقوانين الشهداء والضحايا استثناء من التعليمات النافذة وفي الموازنة الاتحادية لعام 2020 وتوفير التخصيصات اللازمة لإعادة الاستقرار للمناطق المحررة ومنح مالية لعودة النازحين خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر وزيادة عدد اللجان الفرعية والمركزية لتعويض المتضررين وضحايا الإرهاب والعمليات العسكرية مع استثناء مشاريع لوزارتي الصحة والإسكان والبلديات واستثناء صندوق إعمار المدن المحررة وتخصيصات إعادة الاستقرار للمدن المحررة من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية والشروط العامة للمقاولات وتنفيذ قانون الموازنة في مجالات الماء والمجاري والمستشفيات بالإضافة إلى منح قروض ميسرة بضمان المشاريع الصناعية لتشغيل المعامل المتوقفة والمعطلة والبالغ عددها 50 ألف معمل وورشة بمبادرة من البنك المركزي بالإضافة إلى أن على الحكومة إعادة النظر في رواتب المتقاعدين وإرسال مشروع قانون بذلك إلى مجلس النواب.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم