الجزائر: موجة اعتقالات جديدة تطال المتظاهرين من طلبة الجامعات

بالتزامن مع الإفراج عن 11 ناشطاً في غرب البلاد

TT

الجزائر: موجة اعتقالات جديدة تطال المتظاهرين من طلبة الجامعات

شهدت المظاهرات المستمرة بالجزائر منذ قرابة 8 أشهر، أمس، موجة جديدة من الاعتقالات، طالت بالأساس طلبة الجامعات خلال احتجاجهم الأسبوعي. وفي غضون ذلك، أفرجت قوات الأمن عن 11 متظاهرا بغرب البلاد، تم اعتقالهم بسبب حؤولهم دون إجراء مراجعة للوائح الناخبين بإحدى البلديات.
ولأول مرة منذ 33 أسبوعا من المظاهرات، منعت قوات الأمن الطلبة تنظيم احتجاجهم المعهود في شوارع العاصمة المحاذية لـ«الجامعة المركزية». وشوهد رجال الأمن وهم ينهالون بالهراوات على متزعمي المظاهرات، وتم اقتياد كثير منهم إلى مراكز الشرطة، التي لا تخلو يوميا من المحتجزين تحت النظر، ممن يبيتون يوما أو يومين بداخلها، ثم يحالون إلى النيابة، التي غالبا ما تضعهم في الحبس الاحتياطي.
وانتشرت صور الطلبة وهم في حالات إغماء، بفعل التدافع القوي الذي شهدته مظاهرتهم، على إثر محاولات رجال الأمن منعها التقدم في أهم شوارع العاصمة وساحاتها، وبالخصوص ساحة البريد المركزي وساحة «موريس أودان»، وشارع «العربي بن مهيدي»، الذي يقود إلى ساحة «بور سعيد»، حيث تجمع عدد كبير من المتظاهرين، محاطين برجال الشرطة. كما شوهد «نشطاء الإسعاف» من شباب الحراك الشعبي وهم يساعدون المصابين على استعادة الوعي والوقوف من جديد، بعضهم حملتهم سيارات إلى المصحات القريبة.
وكان لافتا منذ أيام أن السلطات الأمنية بدأت تضيق ذرعا بالمظاهرات، وقد عبرت عن ذلك بشن حملة اعتقالات مست المتظاهرين الأكثر قدرة على التعبئة والتجنيد، وخصوصا قيادات تنظيم قوي يسمى «تجمع - عمل - شبيبة»، المقرب من التيار الديمقراطي المعارض لسياسات السلطة.
وتعرض عدة صحافيين لمضايقات أثناء تغطية مظاهرات أمس، بعضهم تم اعتقاله مثل الكاتب الصحافي مصطفى بن فوضيل، أحد كبار صحافيي جريدة «الوطن» الفرانكفونية، والذي عرف عام 2014 بنشاطه ضمن تنظيم «بركات»، المعارض لترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة في العام نفسه.
كما أصيب مراسل فضائية «روسيا اليوم» حمزة عقون بجروح في يده، وكتب بحسابه على «فيس بوك» عن الحادثة: «لقد تعرضت اليوم لتعنيف وضرب واعتداء جسدي ولفظي، من طرف أعوان الشرطة أثناء تغطية مظاهرات الطلبة. أنا حمزة عقون، مراسل معتمد لقناة روسيا اليوم في الجزائر، أدين كل أشكال الاعتداء على الصحافيين».
من جهته، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي ناصر جابي إن الحركة الطلابية «تشهد عهدا جديدا بعد هذه الاعتقالات... ستنتج الجزائر نخبتها السياسية التي طالما انتظرتها».
أما عبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامية، الذي أعلن عزوفه عن الترشح لرئاسية 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فكتب بحسابه في شبكة التواصل الاجتماعي بأنّ ثورة الشعب السلمية «لا يمكن اليوم القضاء عليها لأنّها ليست ثورة حزب، ولا نقابة ولا أي تنظيم من التنظيمات السياسية أو الاجتماعية، المتميز بوضوح قياداته ومؤسساته وإمكاناته وسائر مناضليه، فيسهل على النظام بسط يده عليه، وإبعاده من الساحة، وإنما هي ثورة شعب يئس من خير النظام وعدله، فثار ثورة سلمية تلقائية». مضيفا أن «هذا الشعب يريد رحيل النظام واستعادة حقه في السلطة والثروة، فالثورة السلمية قائمة بمجهود جماعي غير معروف، استعمل الوسائط الاجتماعية، واستغل ظلم النظام وفساده وفشله في تحقيق طموحات الشعب في الشرعية، والحرية والعدل والمساواة والتقدم والرفاه، فثار مطالبا بالتغيير الشامل الذي يتأسس على الإيمان الصادق بأنّ الشعب هو صاحب الحقّ في السلطة والثروة والرقابة».
وكان نحو 100 معتقل دخلوا أول من أمس في إضراب عن الطعام، احتجاجا على سجنهم. وطالب محاموهم في مؤتمر صحافي بإطلاق سراحهم، وانتقدوا بشدة «حملة القمع غير المسبوقة التي يشنها النظام ضد الناشطين». وبات واضحا حسب مراقبين أن السلطة تريد أن تزيح من طريقها كل معارض بارز لتنظيم الانتخابات الرئاسية.
وأفرجت سلطات أمن ولاية تلمسان (أقصى غرب)، عن 11 متظاهرا اعتقلتهم الأحد الماضي، عندما كانوا يحاولون غلق مكتب الانتخاب ببلدية تلسمان، بهدف منع «السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات الرئاسية»، من بدء تحضيراتها للموعد الذي يقسم الجزائريين بين مؤيد ومعارض.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».