حملة اعتقال ناشطين تفجّر العلاقة بين عون وجنبلاط

TT

حملة اعتقال ناشطين تفجّر العلاقة بين عون وجنبلاط

فتح رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، النار مجدداً على رئيس الجمهورية ميشال عون، وعلى فريقه السياسي والأمني، متهماً إياهم بحكم البلد والاستبداد والسرقة والجوع وخنق الحريات العامة، وذلك على خلفية اعتقال بعض الأجهزة الأمنية لعدد من الناشطين أغلبهم من الحزب «الاشتراكي»، على خلفية تغريدات لهم هاجمت عهد عون وسياساته الاقتصادية والمالية.
وأفادت جريدة «الأنباء» التابعة لـ«الاشتراكي» بأنه وبعد استجواب الناشط الموقوف سلطان منذر من قِبل القاضي المنفرد الجزائي في بيروت القاضية ناديا جدايل، قررت الأخيرة تخلية سبيله أمس لقاء كفالة مالية، على أن تعقد جلسة في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري للمرافعة.
وقال جنبلاط في تغريدة له: «ليطمئن العهد وأزلامه، فكلما اعتقلتم فرداً منا زاد الكره تجاههم وتجاه (جهاز) أمن الدولة وعصابته». وأضاف: «لا يا سادة، لا تُحكم البلاد بالقهر والاستبداد والسرقة والجوع، من حق كل مواطن أياً كان التعبير الحر». وبعدما أشار إلى أن «الكيل طفح» بكثيرين، أضاف: «علّموا جماعتكم الأدب أولاً».
ورأى عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، أن موقف جنبلاط «رسالة واضحة وصريحة ومباشرة لإعادة الأمور إلى نصابها في موضوع الحريات». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحصل اليوم يشبه الأنظمة الديكتاتورية البالية»، مشيراً إلى أن لبنان «سيبقى واحة للتنوع والحريات، وما نشهده من اعتقالات للشباب والناشطين والطلاب هو استحضار بشع لعهد الوصاية السورية». ولفت إلى أن كلام جنبلاط «يعد جرس إنذار: التزموا حدودكم، واعلموا أننا لن نقبل بالتعاطي مع الأحرار عبر الرسائل البوليسية، فليذهبوا لمعالجة الخلل والهدر في الدولة».
وينذر كلام جنبلاط بتفجير العلاقة مع رئيس الجمهورية، ونسف اتفاق بعبدا الذي تم التوصل إليه بعد أزمة حادثة قبرشمون التي تسببت بها زيارة وزير الخارجية جبران باسيل، لجبل لبنان. لكن النائب أبو الحسن رد على هذا الاحتمال قائلاً: «نحن نبني جسور التواصل ولا ننسفها، لكن الممارسات التي يقومون بها هي التي تنسف الجسور مع كل القوى السياسية. نحن لا نستجدي موقفاً من أحد بل نعطي رأينا بكل صراحة. الدستور اللبناني كفل الحريات، غير أن الفريق الآخر بدأ الاعتداء على الإعلام عبر ملاحقة بعض الصحف والإعلاميين ويستهدف الأصوات الحرة. نحن مع الحرية المسؤولة. فليطبقوا القانون ويحيلوا المخالفين على محكمة المطبوعات بدل زج الجيش والقوى الأمنية بعملية قمع الحريات».
في المقابل، أوضحت مصادر «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه جبران باسيل، أن الملاحقات التي حصلت لبعض الناشطين «تأتي ترجمةً لتحذير مجلس الوزراء من التعرض لهيبة الدولة ولرئيس البلاد أياً يكن الرئيس وعدم المس بالاستقرار المالي والاقتصادي». ورفض مصدر في «التيار» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» اتهام العهد بقمع الحريات. وقال: «الرئيس عون يقدّس حرية التعبير شرط أن تكون حرية مسؤولة». وأضاف: «لم نحمّل الإعلام مسؤولية الأزمة بل نراهن على دور الإعلام الأساسي والمسؤول، وهذا يختلف عن التطاول على الدولة وعلى رئيس الجمهورية وعلى رئيس الحكومة، وعن إشاعة أجواء البلبلة التي تمس مالية الدولة في مرحلة حساسة جداً».
ورغم الاعتراف بقسوة كلام رئيس الحزب الاشتراكي، شددت مصدر «التيار الحر» على أن «العلاقة مع جنبلاط لن تعود إلى الوراء وستكون هناك اتصالات في الأيام المقبلة وسيكون هناك تعاون بشأن الوضع الاقتصادي الحساس، والعمل على إنجاز موازنة فيها كل الإصلاحات المطلوبة، وتبدأ بعملية مكافحة الفساد الذي نعوّل عليه مع كل مكونات الحكومة».
واعتبر النائب مروان حمادة، في تعليق على توقيف الناشطين، أن «الممارسات الشائنة لدى بعض القضاة وأحد الأجهزة الأمنية من المحسوبين لا بل المرتمين في أحضان أهل البلاط، بلغت حداً لم يعد من الجائز التغاضي عنها، ذلك أن الكيدية والقهر والاستبداد متى ترسّخت في كيانات رسمية يُفترض أن عملها قائم حصراً على حماية العدالة والابتعاد عن كل ما يسيء إلى الأمانة الموكلة بها، لا بد من مواجهتها بحزم، منعاً لتفشي غددها السرطانية». وقال: «إن هذا الجور القضائي – الأمني المشترك الذي على ما يظهر يحنّ إلى عهد الوصاية البائدة ويستمدّ منها البطش والظلم، لن يثنينا عن مقارعته وهزمه سياسياً وإعلامياً بالكلمة الحرة... ولا بد في هذا السياق من العمل على إطلاق حال من الطوارئ تجمع كل الأحرار، مهمتها الوحيدة صون الحريات والدفاع عنها في وجه الواقع المأساوي الذي يدفع إليه البعض ممن ضاق صدره وضمُر ضميره وحسه الوطني».
وقدّم النائب بلال عبد الله، باسم كتلة «اللقاء الديمقراطي»، سؤالاً خطياً إلى الحكومة، عبر رئاسة مجلس النواب، أشار فيه إلى «تكرار التوقيفات والملاحقات للمدونين على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب نشرهم آراءهم وانتقاداتهم لممارسات السلطة، بشكل يناقض مبدأ حرية التعبير وإبداء الرأي الذي كرسه الدستور والذي تميز به لبنان منذ تأسيسه».
وأضاف: «بما أن الأجهزة الأمنية والقضائية مستمرة بناءً على توجيهات السلطة السياسية بملاحقة وتوقيف المواطنين بسبب مجاهرتهم بمواقف منتقدة لأداء السلطة وللأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة التي وصلنا إليها... لكل ما تقدم، نسأل الحكومة عن تماديها في ممارسة القمع وخنق الأصوات المعارضة والتضييق على الحريات وعلى الإعلام».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.