الكويت: اندماج «بيتك» و«المتحد» يخلق أكبر كيان مصرفي إسلامي في العالم

بموافقة مشروطة من «المركزي»

TT

الكويت: اندماج «بيتك» و«المتحد» يخلق أكبر كيان مصرفي إسلامي في العالم

أعلن بنك الكويت المركزي، أمس، موافقته «المشروطة» على طلب بيت التمويل الكويتي الاستحواذ على البنك الأهلي المتحد – البحرين. وسيكون الكيان الجديد أكبر كيان مصرفي إسلامي في العالم.
وقال بنك الكويت المركزي إن موافقته مشروطة بمجموعة من المتطلبات الفنية والقانونية والإجرائية قبل تنفيذ الاستحواذ، وذلك «لحماية التنافسية وتحقيق أعلى مستويات الشفافية والتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية»، حسبما ذكر في بيان تلّقت «الشرق الأوسط» نسخة منه.
وقال البنك بأن قراره «يقوم على أساس فني ومهني مستقل، حيث كلف بنك الكويت المركزي جهة استشارية عالمية متخصصة لدراسة عملية الاستحواذ، وتقديم التوصيات».
وأضاف، أن الدراسة المستقلة «انتهت إلى أن مؤشرات السلامة المالية للكيان الجديد تقع ضمن النطاق الآمن وأنه لا توجد موانع تحول دون الموافقة على الاستحواذ». مضيفاً: «جاء قرار الموافقة المشروطة بعد تقييم آثار الاستحواذ المتوقعة على الأطراف ذات الصلة، وكذلك على القطاع المصرفي والاقتصاد الوطني». واشترط بنك الكويت المركزي «ألا تمس عملية الاستحواذ بالعمالة الوطنية لا من حيث العدد ولا من حيث النسبة»، كما قال، كما اشترط «أن يقدم بيت التمويل الكويتي خطة شاملة لتحول الأصول التقليدية لما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، وأن تكون الخطة معتمدة من الهيئة الشرعية للبنك، على أن تخضع إجراءات التنفيذ للرقابة الشرعية المستمرة، لضمان سلامة التطبيق».
كما اشترط بنك الكويت المركزي «الإبقاء على البنك الأهلي المتحد – الكويت ككيان منفصل» وذلك «حفاظا على التنافسية في القطاع المصرفي الإسلامي».
وقال بنك الكويت المركزي بأن الكيان الجديد الناجم عن عملية الاستحواذ سيكون «أكبر كيان مصرفي إسلامي في العالم» وبالتالي أقدر على تمويل المشاريع التنموية، والإنفاق على عمليات البحث والتطوير، لتعزيز ريادة الكويت في المالية الإسلامية. وقال البنك: «لتحقيق أعلى درجات الشفافية، نص قرار بنك الكويت المركزي على ضرورة أن يعقد بيت التمويل الكويتي مؤتمرا إعلاميا مفتوحا للجمهور، بحضور أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والهيئة الشرعية، للإجابة على استفسارات الحضور في مختلف المجالات الفنية والشرعية».
وفي هذا الصدد، صرح الدكتور محمد يوسف الهاشل محافظ بنك الكويت المركزي بأن مجلس إدارة البنك المركزي ناقش بجلسته المنعقدة أمس طلب بيت التمويل الكويتي الموافقة على استحواذه على البنك الأهلي المتحد – البحرين. وقال الهاشل إن بنك الكويت المركزي كلّف مكتب استشاري عالمي متخصص في الاستحواذات والاندماجات (شركة ماكينزي) لدراسة عملية الاستحواذ المقترح، بالتوازي مع الدراسات التي يقوم بها بيت التمويل الكويتي، وذلك بناءً على شروط مرجعية تفصيلية محددة من بنك الكويت المركزي لهذا الغرض، على أن ترتكز هذه الدراسة على أوضاع البنك الأهلي المتحد – البحرين بشكل أكبر.
وقال إن دراسات مستشاري بيت التمويل الكويتي «خلصت إلى أن عملية الاندماج ستخلق قيمة مالية مباشرة للكيان المصرفي الجديد، وستسمح لكلا البنكين بتبادل الخبرات والقدرات واختيار أفضل ما لديهما مما سيؤدي في النهاية إلى إنشاء بنك موحد أفضل، وليس مجرد بنك أكبر»، مضيفاً: «كما أنه من المتوقع أن يكون للكيان الجديد ميزانية أقوى وأكثر استقراراً مما سيتيح له تلبية احتياجات العملاء بشكل أفضل، وسوف يسمح ذلك في النهاية لبيت التمويل الكويتي بزيادة حصته في السوق وضمان استدامة أدائه على المدى الطويل».
وأضاف أن الدراسات المقدمة سواء من جانب بيت التمويل الكويتي أو شركة (ماكينزي) المكلفة من بنك الكويت المركزي، خلصت إلى أن عملية الاستحواذ المقترحة يتوقع أن يكون لها مزايا ومنافع من بينها، أنه «سيكون الكيان الجديد أكبر بنك إسلامي في العالم، وبالتالي أقدر على تمويل المشاريع التنموية الكبرى، وأقدر على المنافسة عالمياً مع الانتشار في (11) سوقاً مما يمنحه فرصاً لتعزيز أعماله في عدد من الأسواق ذات النمو السريع»، «كما يساهم في تحسين إيرادات البنك من المصادر الخارجية. وكذلك أقدر على تطوير الصيرفة الإسلامية من خلال توظيف أفضل العناصر والإنفاق على البحث والتطوير»، مضيفاً أن «مؤشرات السلامة المالية للكيان الجديد بعد الاندماج من حيث جودة الأصول ومعدلات الربحية والسيولة وكفاية رأس المال ومخاطر السوق تقع ضمن النطاق الآمن».



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.