تهريب السلاح الإيراني عقبة أمام وقف صراع اليمن

الحوثيون ينقلونه إلى صنعاء وصعدة بوسائل نقل مدنية

TT

تهريب السلاح الإيراني عقبة أمام وقف صراع اليمن

لا يزال تهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن يشكل التحدي الأكبر الذي يواجه أي محاولة لبدء حل الصراع اليمني وتحريك المسار السياسي، إذ تواصل طهران تزويد الميليشيات الحوثية بصواريخ وطائرات مسيّرة لاستهداف الجيش والشعب اليمني.
وذكر العميد عبده مجلي، الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية، أن عمليات تهريب الأسلحة عبر الموانئ الثلاثة التي تسيطر عليها الميليشيات في الساحل الغربي مستمرة، مشيراً إلى أن «الميليشيات تحرص على خرق أي اتفاق يجري التوصل إليه لإفشال مساعي السلام وتجنب تسليم الموانئ».
وأضاف مجلي لـ«الشرق الأوسط» أن «استمرار موانئ الحديدة والصليف وراس عيسى في قبضة الميليشيات الانقلابية سيكون له أثر سلبي وستستمر معه عمليات تهريب مختلف الأسلحة»، مشدداً على أن «هذه الميليشيات لا تعرف إلا لغة السلاح ولا يوجد حل إلا تحرير تلك الموانئ وعودتها إلى الحكومة الشرعية».
ولفت إلى أن «من يدير تهريب الأسلحة هم خبراء إيرانيون موجودون في الحديدة، إذ يتواصلون مع نظرائهم في صنعاء للاتفاق على كيفية شحنها، وعادة ما تنقلها الميليشيات في وسائل نقل مدنية تحسباً لاستهدافها، ويجري إرسالها بشكل مباشر إلى صعدة وصنعاء اللتين تشكلان نقطة تجميع تلك الصواريخ والطائرات».
وتطرق إلى أن «هذه النوعية من الأسلحة غير موجودة في القطاع العسكري اليمني، وارتفاع معدل استخدامها من قبل الميليشيات في استهداف الجيش في الداخل ودول الجوار يؤكد استمرار عمليات التهريب».
وعما إذا كانت تلك الأسلحة تؤثر على تقدم الجيش في جبهتي نهم وصعدة، قال مجلي إنها «لا تؤثر على تقدم قوات الشرعية، إلا أن هناك أسباباً رئيسية منها الطبيعة الجغرافية في الجبهتين بوجود السلاسل الجبلية شاهقة الارتفاع، إضافة إلى انتشار الألغام التي زرعتها الميليشيات بشكل كبير، كما أن الجيش يسير وفق خطة عسكرية يتريث فيها حفاظاً على سلامة جنوده، ولا يقوم بعمليات قصف لمراكز المدن التي تتحصن بها الميليشيات لقربها من المواقع السكنية، وهذا كفيل بتأخير حسم المعركة».
غير أنه شدد على أن «الوقت في صالح الجيش الوطني وهو جزء من الحسم، إذ بحسب التكتيك العسكري ينفذ الجيش جملة من التكتيكات حسب طبيعة المواجهة، وهذا ينقسم إلى 3 أنواع منها الدفاع الذي يقوم به الجيش للحفاظ على المواقع المحررة، والمعارك الهجومية التي تنشأ بين حين وآخر، إضافة إلى المواجهات المباشرة وما يطلق عليها التصادمية التي تزداد وتيرتها في الساحل الغربي».
وأوضح أن «الجيش ثابت في الجبهات كافة ويقوم بواجباته على أكمل وجه بدعم قوات تحالف دعم الشرعية وعلى رأسها السعودية التي تقدم كل أنواع الدعم بما فيها اللوجيستي للجيش اليمني، وهو ما يساعد في صد محاولات الانقلابيين التسلل إلى مواقع الجيش الوطني، كما أن لذلك أثراً في التقدم الملحوظ في مديرية حرض بمحافظة حجة وفي محافظة الضالع ومديرية عبس التي نجح الجيش فيها بالتوغل بدعم وإسناد طيران التحالف».
وفيما يتعلق بالحديدة، أوضح مجلي أن «انتهاكات الحوثيين على حالها في الحديدة من دون رصد من لجنة المراقبة، وبخلاف عمليات تهريب الأسلحة والدفع بالمقاتلين للمدينة، تطلق الميليشيات بشكل يومي قذائف على مواقع الجيش الوطني، كما تستهدف المناطق السكنية وتحديداً الأجزاء الشمالية من المدينة». وشدد على أن «الجيش لن يسمح للميليشيات بالتقدم نحو المواقع التي سيطر عليها في الحديدة والمناطق القريبة منها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.