توتر أمني في تعز ودعوات لنزع فتيل الأزمة

TT

توتر أمني في تعز ودعوات لنزع فتيل الأزمة

على وقع توتر أمني متصاعد ينذر بنشوب صدام مسلح بين فصائل من القوات الموالية للحكومة الشرعية في محافظة تعز، شدد المحافظ نبيل شمسان على أهمية إعادة نشر القوات في مواقعها السابقة وإحالة المتورطين في مقتل اثنين من مرافقيه الخميس الماضي إلى الجهات القضائية المعنية.
جاء ذلك في وقت تشهد فيه مدينة التربة الواقعة جنوب محافظة تعز توتراً غير مسبوق بين القوات الموالية للواء 35 مدرع الذي يقوده العميد عدنان الحمادي وقوات اللواء الرابع مشاة جبلي.
وأمر المحافظ شمسان، في مذكرة رسمية اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، بسحب القوات التي انتشرت أخيراً في مدينة التربة وما جاورها وعودتها إلى ثكناتها العسكرية والانسحاب خلال مدة أقصاها 24 ساعة.
وطالب المحافظ قائد المحور العسكري في تعز اللواء الركن سمير الصبري، بسرعة القبض على الأفراد المتهمين بقتل المرافقين لحراسة المحافظ الشخصية وإصابة آخرين الخميس الماضي، وتسليمهم للجهات المختصة للتحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وفق ما جاء في المذكرة.
وشدد المحافظ على أن تتولى مسؤولية استتباب الأمن في مدينة التربة المناط بها عناصر الشرطة والقوات الخاصة، في مقابل أن تنسحب القوات العسكرية المتصارعة من المدينة إلى أماكن انتشارها عملياتياً.
وتسود في المناطق الخاضعة للشرعية من محافظة تعز تجاذبات سياسية وعسكرية بين الأطراف الموالية للحكومة الشرعية، ففي حين تتهم الأطراف المساندة لقوات اللواء 35 مدرع عناصر حزب «الإصلاح» بالسيطرة على مدينة التربة ومناطق «الحجرية» من خلال قوات اللواء الرابع مشاة جبلي على حساب قوات اللواء 35 مدرع، يتهم خصوم اللواء قيادته بأنها تسعى للتمرد على قيادة المحور في تعز لفرض أجندة حزبية مناهضة للشرعية.
ويقول ناشطون سياسيون في محافظة تعز لـ«الشرق الأوسط»، إن استمرار التوتر قد يؤدي إلى مواجهات بينية بين الفصائل الحكومية نفسها على غرار ما حدث سابقاً في المدينة بين كتائب القيادي في اللواء 35 مدرع أبي العباس والقوات الموالية للواء 22 التابع للمحور العسكري قبل أشهر.
وطالب الناشطون بضرورة التدخل العاجل لقيادة الشرعية من أجل إعادة ترتيب وضع القوات الحكومية في تعز بما يضمن انسجامها وتوحيد الجهود لمواجهة الميليشيات الحوثية التي لا تزال تسيطر على أجزاء واسعة من محافظة تعز بما فيها الأحياء الشرقية من المدينة في منطقة الحوبان.
وفي حين تواصل الأطراف الحزبية في المدينة عملية التراشق السياسي وتبادل الاتهامات، دعت قيادة حزب «المؤتمر الشعبي» في المحافظة إلى الإسراع في نزع فتيل الأزمة، وفق بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط».
وقال البيان إن القيادة المحلية للحزب الذي ينتمي إليه الرئيس عبد ربه منصور هادي تابعت بقلق عميق ما جرى من أحداث في مدينة التربة، مشيرة إلى أنها على تواصل مع أجهزة السلطة المحلية والأمنية والعسكرية لغرض إنهاء التوتر وتسليم المتهمين بقتل مرافقي المحافظ للجهات المعنية.
ودعت قيادة الحزب في المحافظة إلى تنفيذ الاتفاقات السابقة القاضية بانسحاب جميع المعسكرات إلى مسرح العمليات المحدد لها من وزارة الدفاع وهيئة الأركان، والانسحاب من المواقع المستحدثة وتسليم النقاط والمدينة لقوات الأمن العام والقوات الخاصة.
وتوعد الحزب بأنه سيكون له موقف واضح مع بقية الأحزاب في شأن تحديد الأطراف المعرقلة إذا لم يتم تسليم المتهمين في قتل مرافقي المحافظ إلى الجهات المعنية بموجب القانون.
وكانت قوات تابعة للواء 35 مدرع أقدمت السبت على قطع طريق القريشة - التربة، وهي الطريق البديلة عن طريق هيجة العبد التي تصل بين تعز والعاصمة المؤقتة عدن، قبل أن تعود لاحقاً للسماح بمرور العربات والشاحنات وحافلات نقل الركاب.
وبينما تقول قوات اللواء 35 مدرع إن مدينة التربة ومناطق الحجرية ضمن المناطق الطبيعية لانتشارها، ذكرت مصادر محلية أنها عززت وجودها في مديريات الشمايتين والمواسط وحيفان، في حين عززت قوات اللواء 17 مشاة واللواء الرابع جبلي مواقعها في مناطق البيرين والأصابح في الشمايتين نفسها.
ويدعو مراقبون يمنيون الحكومة الشرعية إلى الإسراع بإعادة ترتيب الأوضاع العسكرية محافظة تعز بما يضمن ولاءها المطلق للحكومة وقيادة الشرعية بعيداً عن التجاذبات السياسية والحزبية.
ويؤكد المراقبون أن استمرار الهيمنة الحزبية على القوات الحكومية من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الصراع في المحافظة، وهو ما يصب في مصلحة الميليشيات الحوثية التي تتربص بالمدينة وأريافها لاستعادة السيطرة عليها.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.