«الجيش الوطني» الليبي يقصف «ميليشيات سرت»... و«الوفاق» تندد باستهداف مطارين

TT

«الجيش الوطني» الليبي يقصف «ميليشيات سرت»... و«الوفاق» تندد باستهداف مطارين

واصلت قوات «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أمس، لليوم الثاني على التوالي، تحقيق تقدم ميداني على الأرض داخل العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى تكرارها قصف أهداف عسكرية في مدينتي مصراتة وسرت. بينما سجلت حكومة الوفاق التي يترأسها فائز السراج احتجاجاً رسمياً لدى مجلس الأمن الدولي على قصف الجيش مطاري معيتيقة ومصراتة الدوليين، أول من أمس. وقصفت مقاتلات حربية تابعة للجيش الوطني أمس مجدداً مقر الكلية الجوية بمدينة مصراتة غرب البلاد؛ حيث يشتبه في إقامة خبراء عسكريين أتراك لغرف عمليات لصالح حكومة السراج.
وأدانت إيطاليا على الفور الهجوم، وأعربت في بيان أصدرته سفارتها لدى ليبيا عن قلقها للغارات الجوية على ما أسمته بالقسم المدني لمطار مصراتة الدولي، وأكدت مجدداً أنه «استناداً للقانون الدولي فلا يجب أن يكون المدنيون هدفاً». وجددت السفارة دعوتها للامتناع عن التسبب في أي إتلاف للبنية التحتية المدنية، معتبرة أن «الوقت حان لوقف الخسائر الفادحة التي لا هدف من ورائها في الأرواح والموارد الليبية». وأضافت: «لا يوجد حل عسكري للأزمة الليبية، هناك حاجة إلى التزام صادق بعملية برلين للسماح بالتخفيف من التصعيد ولاستئناف العملية السياسية بقيادة الأمم المتحدة».
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الجيش نجحت أمس في السيطرة على وسط مدينة العزيزية التي تبعد نحو 40 كيلومتراً جنوب العاصمة»، مشيرة إلى أن «القوات واصلت تفوقها الميداني على حساب الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة السراج». وطبقاً لما أعلنه اللواء 73 مشاة التابع للجيش الوطني عبر مركزه الإعلامي، فإن وحدات الجيش استمرت في التحرك في نقاط جديدة في كل محاور القتال، وإن «الانتصارات مبهرة»، وسط ما وصفه بتقهقر كبير في صفوف الميليشيات أمام ضربات الجيش بغطاء سلاح الجو، الذي نجح في استهداف العدو في أكثر من منطقة بشكل مستمر.
بدورها، ادّعت عملية بركان الغضب التي تشنّها ميليشيات حكومة السراج أن الطيران الحربي الأجنبي الداعم لحفتر استهدف مساء أول من أمس الأحياء المدنية في محيط طريق المطار بطرابلس، ما تسبب في أضرار بمحطة كهرباء وعدد من منازل المدنيين وإصابة 4 نساء نقلن إلى المستشفى لتلقي العلاج.
في غضون ذلك، قال بيان أصدرته إدارة الإعلام الخارجي التابعة لحكومة السراج، إن وزارة الخارجية بالحكومة تقدمت أول من أمس باحتجاج رسمي لمجلس الأمن على قصف قوات الجيش مطاري معيتيقة ومصراتة الدوليين.
ورأت الوزارة أن مجلس الأمن يقف مكتوف الأيدي أمام ما تقوم به قوات حفتر، الذي كان آخره قصف مطار مصراتة الدولي المدني، ما أدى إلى إصابة أحد العاملين بجروح وعدد من طائرات نقل الركاب.
بدورهم، أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب المنشقين عنه والموالين لحكومة السراج قبول الدعوى القضائية المرفوعة في محكمة أميركية فيدرالية من قبل مواطنين ليبيّين، ضد المشير حفتر. وكانت عائلات ليبية موالية لجماعة «الإخوان»، أقامت دعوى جنائية ضد حفتر أمام المحكمة الفيدرالية في الولايات المتحدة التي اشترطت في المقابل قبول مجلس النواب الدعوى أولاً. وقال منشقون على مجلس النواب في بيان مقتضب من طرابلس إن مجلسهم الذي لا يحظى بأي اعتراف دولي، قبل الدعوى القضائية المرفوعة على خلفية الادعاء بمقتل أقارب لبعض العائلات خلال القصف العشوائي لقوات الجيش الوطني على طرابلس.
إلى ذلك، رحبت مؤسسة النفط الموالية لحكومة السراج بتأكيد المجتمع الدولي على حقها الحصري في استيراد وتصدير النفط في عموم ليبيا. وأعربت المؤسسة في بيان لها عن ترحيبها ودعمها لبيان بعثة الأمم المتحدة بتأكيد المجتمع الدولي على حق المؤسسة الحصري في استيراد وتصدير النفط الخام ومشتقاته، وقالت إن هذه المبادرة «خطوة مهمة لإفشال المحاولات الرامية إلى تقسيم البلاد». وقالت حكومة السراج إنها خصصت 1.5 مليار دينار ليبي (1.06 مليار دولار) لمؤسسة النفط لمواصلة إنتاج الخام في 2019 - 2020.
وبحسب قرار أصدرته الحكومة، فقد تقرر تخصيص 1.2 مليار دينار «للمشروعات التي تساهم في المحافظة على معدلات الإنتاج الحالي وزيادة القدرة الإنتاجية لقطاع النفط والغاز». وجرى تخصيص 300 مليون دينار أخرى «لسداد الالتزامات القائمة على شركات التشغيل التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط». ونصّ القرار على أن يتولى مصرف ليبيا المركزي إيداع المبلغ المنصوص عليه في «حساب الطوارئ» لتتمكن مؤسسة النفط من الإنفاق كما هو مخطط لها.
وأوضح القرار أنه سيجري سحب المبلغ من عائدات الرسم المفروض على مبيعات النقد الأجنبي منذ 2018، في محاولة لسد الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق الموازية. وسبق أن اشتكت المؤسسة مراراً من أنها لا تتلقى تمويلاً كافياً من حكومة السراج في طرابلس، وفي الأسبوع الماضي، قالت المؤسسة في بيان إنه من المتوقع أن يتأثر الإنتاج بشدة إذا لم تحصل على التمويل الذي تحتاجه من الحكومة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.