العراق: حزمة قرارات استجابة للمتظاهرين... واستقالة محافظ بغداد

منح للعاطلين وبرنامج لبناء 100 ألف وحدة سكنية... وعبد المهدي يتعهد بمحاسبة الفاسدين

متظاهرون عراقيون خلال الاحتجاجات في بغداد (رويترز)
متظاهرون عراقيون خلال الاحتجاجات في بغداد (رويترز)
TT

العراق: حزمة قرارات استجابة للمتظاهرين... واستقالة محافظ بغداد

متظاهرون عراقيون خلال الاحتجاجات في بغداد (رويترز)
متظاهرون عراقيون خلال الاحتجاجات في بغداد (رويترز)

فيما صوت مجلس محافظة بغداد على قبول استقالة المحافظ فلاح الجزائري، أصدر مجلس الوزراء العراقي حزمة قرارات وصفت بـ«المهمة» خلال جلسة استثنائية دعا إليها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، عقدت مساء أمس (السبت) «استجابة لمطالب المتظاهرين وعموم المواطنين»، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية (واع). 
وشهد العراق احتجاجات دامية على مدار الأيام الأخيرة، إذ قتل نحو 100 شخص، وأصيب نحو 4 آلاف بجروح، في 5 أيام من المظاهرات التي بدأت في بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية وتوفير فرص عمل، ثم امتدت إلى مدن جنوبية، وارتفع سقف المطالب ليصل إلى استقالة الحكومة وتغيير النظام برمته. 
وذكر التلفزيون العراقي الرسمي في خبر عاجل اليوم أن «مجلس محافظة بغداد صوت على قبول استقالة المحافظ فلاح الجزائري من منصبه». وأفادت وسائل إعلام عراقية بأنه المجلس فتح باب الترشح للمنصب.
ووفقاً لما نشرته «واع» في وقت مبكر، اليوم (الأحد)، فقد أصدر مجلس الوزراء (الحزمة الأولى) من القرارات بإجمالي 17 قرارا، أبرزها كما يلي:
- فتح باب التقديم على الأراضي السكنية المخصصة لذوي الدخل المحدود، والفئات الأخرى في المحافظات كافة.
- استكمال توزيع 17 ألف قطعة سكنية للمستحقين من ذوي الدخل المحدود في محافظة البصرة، خلال فترة زمنية لا تتجاوز 4 أسابيع.
- إعداد وتنفيذ برنامج وطني للإسكان يشمل بناء 100 ألف وحدة سكنية موزعة على المحافظات، مع منح الأولوية للمحافظات والمناطق الأكثر فقراً.
- منح 150 ألف شخص من العاطلين، ممن لا يملكون القدرة على العمل، منحة شهرية قدرها 175 ألف دينار (نحو 150 دولاراً) لكل شخص، لمدة 3 أشهر.
- إنشاء مجمعات تسويقية حديثة (أكشاك) في مناطق تجارية في بغداد والمحافظات تتوزع على المشار إليهم في الفقرة السابقة خلال مدة 3 أشهر، بتكلفة كلية قدرها 60 مليار دينار، على أن يتعهد صاحب الكشك بتشغيل اثنين من العاطلين عن العمل لضمان توفير ما لا يقل عن 45 ألف فرصة عمل للمواطنين، مع مراعاة إعطاء الأولوية لمن أزيلت أكشاكهم.
- وتضم القرارات الأخرى إعداد برنامج لتدريب وتأهيل العاطلين عن العمل، بعدد 150 ألفاً من شباب الخريجين، وغير الخريجين مع صرف منحة مالية خلال فترة التدريب البالغة 3 أشهر، ومنح الناجحين في تلك الدورات التدريبية قروضاً ملائمة لتأسيس مشروعات متوسطة أو صغيرة.
- تتولى وزارة الدفاع فتح باب التطوع للشباب من عمر (18 - 25)، وتتخذ وزارتا الدفاع والداخلية «الإجراءات الأصولية» لإعادة المفسوخة عقودهم في المحافظات كافة.
وشملت القرارات اعتبار الضحايا من المتظاهرين والأجهزة الأمنية «شهداء»، وشمولهم بالقوانين النافذة، ومنح عوائلهم الحقوق والامتيازات المترتبة على ذلك.
وتتولى وزارة الصحة تقديم الخدمات العلاجية للجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية وتوفير كامل الاحتياجات على نفقة الحكومة.
ووجه المجلس الوزارات والجهات المعنية الأخرى بتنفيذ القرارات السابقة بحسب الاختصاص. كما قرر مناقشة الحزمة الثانية من القرارات المتعلقة بالإصلاحات ومطالب المتظاهرين خلال الجلسة المقبلة.
ونقل التلفزيون العراقي، كلمة لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي خلال جلسة الحكومة، أفاد فيها بأن الحكومة تلتزم بتقديم الفاسدين للقضاء. وأضاف: «ندعو القوى السياسية إلى التعاون لتوفير جميع شروط الإصلاح».
ونوه عبد المهدي بأنه كانت هناك مقترحات لتقديم حزمة من إصلاحات تشريعية ومالية وأخرى إدارية، مضيفاً: «سنبحث دعم المشاريع وتخصيص قروض للمشاريع الصغيرة وفتح التطوع للجيش».
وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي أكد، أنه سوف يتم النظر في تعديل وزاري إذا طلب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ذلك. وأضاف في تصريح خاص له مع «العربية» و«الحدث»: «إذا لم يتم تنفيذ مطالب المتظاهرين، سوف أنزل معهم للشارع». وتابع أنه يجب وضع «الحيتان الكبيرة» من الفاسدين في السجون.
وكان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، قد دعا، الجمعة، حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، للاستقالة وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف أممي.
وارتفع عدد قتلى الاحتجاجات التي يشهدها العراق منذ أيام إلى أكثر من 100. معظمهم من المتظاهرين، وأصيب نحو 4 آلاف آخرين، وفق ما أفادت مفوضية حقوق الإنسان، السبت.

 



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.