تبادل محتجزين بين إيران وأستراليا

إبنة زغاري راتكليف ستعود من طهران إلى لندن

صورة بثتها قناة تلفزيونية إيرانية للطالب رضا دهباشي لدى وصوله إلى طهران أمس (أ.ف.ب)
صورة بثتها قناة تلفزيونية إيرانية للطالب رضا دهباشي لدى وصوله إلى طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

تبادل محتجزين بين إيران وأستراليا

صورة بثتها قناة تلفزيونية إيرانية للطالب رضا دهباشي لدى وصوله إلى طهران أمس (أ.ف.ب)
صورة بثتها قناة تلفزيونية إيرانية للطالب رضا دهباشي لدى وصوله إلى طهران أمس (أ.ف.ب)

أفرجت السلطات الإيرانية أمس، عن مدوّنين أستراليين كانا محتجزين بتهم تتعلق بالتجسس وسمحت لهما بالعودة إلى بلدهما، في عملية تبادل مهّدت لعودة طالب إيراني كان محتجزاً في أستراليا ومطلوباً لدى الولايات المتحدة، إلى بلاده في اليوم ذاته. وكانت جولي كينغ وصديقها مارك فيركن المتحدران من بيرث يوثّقان تفاصيل رحلتهما من أستراليا إلى بريطانيا على وسائل التواصل الاجتماعي على مدى العامين الماضيين. لكنهما توقفا عن النشر بعد بثهما رسائل من قرغيزستان وباكستان قبل نحو 3 أشهر.
وأفاد متحدث باسم السلطة القضائية في إيران الشهر الماضي، بأن المدوّنين اللذين لديهما عشرات آلاف المتابعين على «فيسبوك» و«إنستاغرام» و«يوتيوب» اتّهما باستخدام طائرة مسيّرة لالتقاط صور «مواقع عسكرية ومناطق محظورة».
وأكّدت وزيرة الخارجيّة الأسترالية، ماريز باين، أمس، أن السلطات الإيرانية أفرجت عنهما على أثر «مفاوضات حسّاسة للغاية» وأنهما التقيا بأفراد عائلتيهما في أستراليا. وقال المدوّنان في بيان صدر عن وزارة الخارجية في كانبيرا: «نشعر بسعادة وارتياح بالغين لعودتنا بسلامة إلى أستراليا للانضمام لأحبائنا». وأضافا: «بينما كانت الأشهر الكثيرة الماضية صعبة للغاية، نعرف أنها كانت قاسية كذلك على من شعروا بالقلق من أجلنا».
وبعد ساعات من الإعلان عن الإفراج عن المدوّنين الأستراليين، ذكرت وسائل إعلام رسمية في طهران أن طالباً إيرانياً احتجز في أستراليا على مدى 13 شهراً بتهم الالتفاف على العقوبات الأميركية عبر نقل معدات عسكرية، أُفرج عنه وعاد إلى بلاده. وأفاد النائب العام في أستراليا، كريستيان بورتر، في بيان، بأنه منع تسليم رضا دهباشي إلى الولايات المتحدة. لكنه نفى «التكهنات» المرتبطة بالقضية وسط تقارير أوردتها وسائل إعلامية عدة بينها «سيدني مورنينغ هيرالد» بأن الإفراج عنه قد يكون جزءاً من اتفاق لتبادل السجناء شمل المدونين.
ورفض بورتر إعطاء كثير من التفاصيل «خصوصاً عندما يحمل أي رد أدلي به من هذا النوع خطر التقليل من قدرة حكومتنا على التعامل مع مسائل مستقبلية من هذا القبيل»، على حد تعبيره. وكانت السلطات الأسترالية أوقفت رضا دهباشي، وهو طالب دكتوراه في جامعة كوينزلاند في بريزبين، «لمحاولته شراء ونقل أجهزة رادار أميركية متطورة إلى إيران»، بحسب موقع التلفزيون الإيراني الرسمي. وذكر الموقع أن دهباشي نفى التهم بحقه التي عدّ أنها «غير منصفة» وناجمة عن «سوء تفاهم».
وأظهرت تسجيلات مصوّرة، بثها التلفزيون الرسمي، دهباشي لدى وصوله إلى مطار الإمام الخميني الدولي في طهران، حيث عانق امرأة كانت تبكي يبدو أنها من أفراد عائلته. وأما المدوّنان الأستراليان ففضلا الخصوصية. وقالا في بيانهما إن التغطية الإعلامية المكثّفة للقضية «قد لا تساعد» المفاوضات للإفراج عن أسترالية ثالثة تعتقلها إيران في قضية منفصلة. واعتُقلت الأكاديمية المتخصصة في سياسة الشرق الأوسط بجامعة ملبورن كايلي مور - غيلبرت، قبل «أشهر عدة» من توقيف كينغ وفيركن.
وسُلطت الأضواء كذلك على قضيتها الشهر الماضي، وتتهمها السلطات الإيرانية بـ«التجسس لصالح دولة أخرى». وقالت باين إن المفاوضات بشأن مصير المحاضرة في الجامعة «طويلة الأمد»، وأفادت بأنها «اعتُقلت منذ مدة طويلة وواجهت النظام القضائي الإيراني وتمّت إدانتها وصدر حكم بحقها». وأضافت: «لا يمكننا القبول بالتهم التي أدينت بها وسنسعى لإعادتها إلى أستراليا»، رافضة الإدلاء بتصريحات أخرى بشأن القضية. وشددت باين مراراً في الماضي على أن قضايا المعتقلين غير مرتبطة بالتوتر الدبلوماسي.
وجاء الإعلان عن إطلاق سراح كينغ وفيركن بعد أسابيع من عودة إيرانية تم توقيفها في أستراليا والحكم عليها في الولايات المتحدة. والشهر الماضي، حَكَم قاضٍ في مينيابوليس على نيغار غودسكاني بالسجن 27 شهراً، لكنّه قرّر أنّها أتمّت عقوبتها بالنّظر إلى الوقت الذي قضته قيد الاحتجاز في أستراليا والولايات المتحدة. وبعد تسليمها إلى الولايات المتحدة، اعترفت غودسكاني بأنها شاركت في مخطط لتصدير التكنولوجيا بشكل غير قانوني إلى إيران في خرق للعقوبات المفروضة على إيران، بحسب وزارة العدل الأميركية. وكانت حاملاً عند اعتقالها في أستراليا عام 2017، ووضعت مولودها في السجن في أستراليا وأرسل ابنها إلى إيران للإقامة مع والده.
وفي أبريل (نيسان)، طرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فكرة تبادل السجناء للإفراج عن بريطانية - إيرانية موقوفة في طهران، واقترح مبادلة غودسكاني بنازانين زغاري راتكليف المسجونة في طهران بتهم إثارة الفتن. وفصلت زغاري راتكليف كذلك عن ابنتها أثناء احتجازها.
وصرح زوج نازانين زغاري راتكليف لوكالة «الصحافة الفرنسية» بأن طفلتهما التي كانت تعيش في إيران منذ اعتقال والدتها قبل أكثر من 3 أعوام ستعود إلى بريطانيا. وقال ريتشارد راتكليف والد الطفلة غابرييلا: «نعتقد أن الوقت حان» لذلك، موضحاً أن زوجته اتخذت هذا القرار «بصعوبة بالغة». وأضاف راتكليف، الذي لم يشاهد ابنته منذ مارس (آذار) 2016: «أشعر بمزيج من الحزن والفرح. سأسعد بلقائها مجدداً»، لكنه يخشى في الوقت نفسه «تداعيات» هذا القرار على زوجته التي لا تزال سجينة.
وكانت غابرييلا تقيم في منزل جديها لأمها وتواظب على زيارة والدتها في السجن. وفي رسالة نشرت هذا الأسبوع على موقع مركز حقوق الإنسان في إيران، أكدت زغاري راتكليف أنها تشعر بالأسى لمغادرة طفلتها ابنة الأعوام الخمسة. وقالت: «خسرت الأمل والحافز بعد مغادرة طفلتي. إن معاناتي لا حدود لها». وكانت أمضت في يوليو (تموز) أياماً عدة في وحدة للعلاج النفسي داخل أحد المستشفيات. وزغاري راتكليف كانت تعمل في مؤسسة «تومسون رويترز»، وأوقفت في أبريل (نيسان) 2016 فيما كانت تغادر إيران بصحبة طفلتها (22 شهراً) بعدما زارت عائلتها. وحكم عليها بالسجن 5 أعوام بعدما أدينت بمحاولة قلب النظام الإيراني.
وتزيد هذه القضية من التوتر بين لندن وطهران. واعتبرت منظمة العفو الدولية أنه «حان الوقت لتضع إيران حداً لهذا العقاب الوحشي» وتفرج عن زغاري راتكليف.



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».