المغرب: «التقدم والاشتراكية» يصادق على قرار انسحابه من الحكومة

صادقت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية المغربي (الشيوعي سابقاً)، الليلة قبل الماضية، بغالبية الأصوات على قرار الانسحاب من حكومة سعد الدين العثماني، التي يرتقب أن تخرج في نسختها المعدلة في غضون الأسبوع المقبل، قبيل افتتاح البرلمان، الجمعة المقبل.
وبعد نقاش سياسي دام أكثر من سبع ساعات، زكّى أعضاء اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية (برلمان الحزب) في دورة استثنائية قرار فك الارتباط مع الغالبية الحكومية، والالتحاق بصفوف المعارضة، الذي أعلنه المكتب السياسي للحزب، الثلاثاء الماضي. وحظي قرار الخروج من الحكومة بدعم 235 عضواً من مجموع 275 حضروا الاجتماع، فيما صوت ضد القرار 34 عضواً، وامتنع ستة أعضاء عن التصويت، وهي النتيجة التي أعلنت تدشين مرحلة جديدة في مسار «التقدم والاشتراكية»، بعد 21 سنة من المشاركة في الحكومات المتعاقبة، والتي كانت بدايتها مع حكومة عبد الرحمن اليوسفي سنة 1998 المعروفة بحكومة «التناوب التوافقي».
ورغم الغالبية الساحقة التي حازها القرار، فإن اجتماع اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية شهد «مناوشات واشتباكات بالأيدي بين بعض العناصر المعارضة للقرار والمؤيدة له»، حيث عاينت «الشرق الأوسط» أطوار الخلاف، الذي «كاد يحوّل الاجتماع إلى ساحة معركة بين الطرفين».
وبدا لافتاً في الاجتماع أن قرار مغادرة حكومة سعد الدين العثماني لم يرُقْ وزير الصحة أنس الدكالي، القيادي في الحزب، الذي دافع بقوة من أجل الاستمرار في الحكومة، ودعا للتراجع عن القرار الذي رأى أنه «لا يحمل أي جرأة، ولا ينسجم مع طبيعة المرحلة».
من جهته، اعتبر مولاي إسماعيل العلوي، رئيس مجلس الرئاسة في حزب التقدم والاشتراكية، أن قرار مغادرة الحكومة مبنيٌّ على معطيات موضوعية وعبَّر عن موقفه المؤيد له، مؤكداً أن حزبه «لا يجد نفسه في السياسة التي تنتهجها هذه الحكومة».
وفي عرضه السياسي أمام أعضاء اللجنة المركزية للحزب، أكد نبيل بنعبد الله، أمين عام «التقدم والاشتراكية»، أن قرار مغادرة الحكومة «لم يكن سهلاً ولا اعتباطياً»، موضحاً أن إرهاصاته بدأت تظهر بقوة منذ مدة، موجهاً في الآن ذاته انتقادات لاذعة للغالبية الحكومية ورئاستها. وقال بنعبد الله: «سنتجه بثقة في المستقبل نحو المعارضة البناءة، وليس هناك أي وسط منزعج من توجهنا نحو المعارضة، وحذاري من الترهات». في إشارة إلى انتقادات بعض قياديي الحزب للقرار، مؤكداً أن القيادة «تعرف طقوس هذا البلد العريق، وكيف ينبغي التعامل من داخل هذا البلد». مشدداً على ضرورة الاجتهاد والاستعداد لانتخابات 2021 البرلمانية من أجل تعزيز موقع الحزب في المشهد السياسي وتقوية حضوره.
ورأى بنعبد الله أن المشاركة في الحكومة «شكَّلت بالنسبة إلى حزبه طيلة هذه السنوات حاجزاً لتأطير المجتمع، ووجودنا أصبح مرتبطاً أساساً بحضورنا السياسي الحكومي، ومثّل لقواعدنا وهياكلنا دافعاً إلى الكسل»، وحث مناضلي حزبه على الاستعداد لإحياء هياكل الحزب وهيئاته الموازية، وتكثيف الحضور الميداني في القضايا المختلفة.كما سجل بنعبد الله أن حزبه سيمارس «المعارضة في ظروف سياسية مختلفة، ولن نكون في موقع ستوجّه إلينا فيه الضربات»، مشدداً على أن حزبه رفض الاستمرار في حكومة «متهالكة تتلقى ضربات عديدة... ويتبين عجزها، وسيصبح من الصعب علينا أن نبرر وجودنا فيها». في سياق ذلك، أفاد أمين عام «التقدم والاشتراكية» بأن التجربة الحكومية عرفت منذ البداية «اختلالات داخلية، وواجهت صعوبات وعراقيل من داخل مكوناتها في الكثير من المحطات، ودخلت في جدل عقيم، ساهم في تعطيل الإصلاحات وعرقل اعتماد بعض القوانين المهمة، مثل قانون إصلاح التعليم والأمازيغية وبعض القوانين التنظيمية». مكرراً أن «التقدم والاشتراكية» دعا في العديد من المرات إلى «تجاوز الأوضاع، ودفع الحكومة لملء الساحة وتنزيل الإصلاحات».
كما جدد بنعبد الله تأكيد أن حزبه لم يتلقَّ «أجوبة سياسية واضحة من رئيس الحكومة سعد الدين العثماني خلال مرحلة المفاوضات حول التعديل الحكومي».
في غضون ذلك، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر متطابقة أن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، رفع لائحة أسماء مقترحاته للتعديل الحكومي للديوان الملكي، مساء أول من أمس، حيث يُرتقب أن تشهد النسخة الجديدة من الحكومة تغييرات واسعة في الأسماء والهندسة، والتي ستضم 22 وزيراً، بدلاً من 39. كما توقعت ذات المصادر أن يتم حسم موضوع التعديل الحكومي المرتقب في غضون الأسبوع المقبل.