سعي روسي لمحاصرة ملف توقيف صحافية في إيران

ابنتها كتبت على «فيسبوك» أن والدتها «كانت تعلم أن مثل هذا الموقف قد يحدث»

الصحافية الروسية يوليا يوزيك
الصحافية الروسية يوليا يوزيك
TT

سعي روسي لمحاصرة ملف توقيف صحافية في إيران

الصحافية الروسية يوليا يوزيك
الصحافية الروسية يوليا يوزيك

سعت موسكو وطهران أمس إلى محاصرة أزمة كادت تتسع على خلفية الإعلان عن توقيف صحافية روسية تشتبه طهران في قيامها بنشاط تجسسي لصالح أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. واستدعت الخارجية الروسية السفير الإيراني في موسكو وطالبته بتقديم «توضيح سريع»، فيما تضاربت المعطيات حول اتصالات تجريها السفارة الروسية في طهران مع السلطات الإيرانية. وفي حين أعلنت طهران عن عزمها على إطلاق الصحافية «قريباً»، قالت مصادر دبلوماسية روسية إن الجانب الإيراني لم يؤكد ذلك رسمياً للسفارة الروسية في طهران.
وكانت الصحافية يوليا يوزيك، التي عملت لسنوات مراسلة لعدد من وسائل الإعلام الروسية في طهران، توجهت الخميس الماضي إلى العاصمة الإيرانية تلبية لدعوة خاصة، لكنها فوجئت بمصادرة جواز سفرها الروسي في مطار الإمام الخميني لدى وصولها، من دون إبداء أسباب، وأُبلغت أنها ستحصل عليه بعد إجراء عملية فحص يقوم بها حرس الحدود. لكن وحدات تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني اقتحمت غرفتها في الفندق في الليلة التالية واعتقلتها بعد توجيه اتهامات لها بالقيام بنشاط تجسسي لصالح إسرائيل.
وسمحت السلطات الإيرانية ليوليا بالقيام باتصال هاتفي واحد، مدته دقيقة واحدة، إلى موسكو أبلغت خلاله ذويها أنها «تجلس على الأرض في زنزانة، وليس لديها وسائل اتصال مع أي طرف لحمايتها» وأفادت بأنها «متهمة بالعمل مع أجهزة أمنية في إسرائيل، وستعرض على المحكمة السبت (اليوم)». وأعلنت السفارة الروسية في طهران أنها سعت لدى الأجهزة الإيرانية للحصول على معلومات أوفى حول تفاصيل الاتهام ومجريات التحقيق. وقال أندريه غانينكو، المتحدث باسم السفارة الروسية في طهران، إن يوزيك اعتقلت في فندقها في يوم 2 من الشهر الحالي، وإنها لم تبلغ السفارة بوصولها إلى طهران ومصادرة جواز سفرها في المطار. وقال زوجها السابق، الصحافي الروسي بوريس فويتسيكوفسكي، إن يوليا يوزيك ستواجه عقوبة في حال تمت إدانتها، قد تصل إلى السجن لمدة 10 سنوات.
ومع الإعلان عن اتصالات مكثفة تجريها السفارة الإيرانية في طهران، أكدت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أنه تم استدعاء السفير الإيراني لدى موسكو، مهدي سنائي، إلى الخارجية أمس لـ«تقديم توضيح سريع حول ملابسات الحادث» وشددت على تأكيد موسكو ضرورة «ضمان حقوق المواطنة الروسية». واللافت أن التطورات المتسارعة حملت تبايناً في معطيات موسكو وطهران، إذ أعلنت الأخيرة أنها «ستطلق سراح الصحافية الروسية المحتجزة في إيران قريبا»، وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي «تم اعتقالها لتقديم بعض التفسيرات وسيُطلق سراحها قريبا». لكن السفارة الروسية في طهران أعلنت أن الجانب الإيراني لم يبلغها رسميا خلال الاتصالات الجارية بتوجهاته في هذا الشأن.
وسارع اتحاد الصحافيين الروس إلى التحرك أمس، وأفاد في بيان بأنه «يسعى إلى الكشف عما حدث بالفعل، لأن المعلومات تأتي متناقضة إلى حد كبير، ومصدرها هو شبكات التواصل الاجتماعية. نتواصل مع زملائنا، بما في ذلك في إيران، لإلقاء الضوء على هذا الوضع». ونقلت وكالات أنباء روسية عن مصدر في الخارجية أن السفير الإيراني أكد لنائب وزير الخارجية الروسي لدى استدعائه أن طهران «تقوم بتحقيق» في الأمر.
اللافت أن ابنة الصحافية المحتجزة كتبت على حسابها على «فيسبوك» أن والدتها «كانت تعلم أن مثل هذا الموقف قد يحدث، لكنها ذهبت (إلى إيران) رغم ذلك». ولفتت هذه العبارة الأنظار علما بأن الصحافية الروسية كانت نشطت خلال سنوات في تغطية ملفات الإرهاب، وأجرت سلسلة تحقيقات استقصائية حول النشاطات الإرهابية وظاهرة «الأرامل السود» (الانتحاريات) ونشرتها في كتاب حظي بانتشار واسع، وتمت ترجمته إلى 9 لغات، كما أصدرت كتابا آخر تضمن شهادات لناجين من مجزرة المدرسة الروسية في بيسلان عام 2004. وعملت يوزيك في طهران لصالح عدد من وسائل الإعلام بينها النسخة الروسية من «نيوزويك».
وفي روسيا برز نشاط الصحافية في صفوف التيار الليبرالي الديمقراطي الذي ينتقد أداء السلطات. وفي عام 2016 ترشحت يوزيك لانتخابات مجلس «الدوما» عن حزب «بارناس» المدعوم من تيار «روسيا المفتوحة» الذي يموله المعارض ميخائيل خودوركوفسكي، لكن اللائحة التي ضمت اسمها فشلت في تجاوز نسبة الحسم لدخول البرلمان.
وفي إسرائيل امتنع المسؤولون كالعادة عن التعليق حول الموضوع، لكنهم نشروا الخبر بإبراز شديد، كما ورد في وكالة «تاس»، لافتين إلى أن «إيران زادت من وتيرة نشر الأخبار حول ضبط جواسيس لإسرائيل والولايات المتحدة وغيرهما من دول الغرب، وذلك في أعقاب تصريح لخامنئي قال فيه إن السلطات الأمنية ضبطت عددا من الجواسيس الذين تسللوا إلى البلاد». وأكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن سفارة روسيا في طهران على علم بأمر الاعتقال وتتابع شأنه.
وذكّرت وسائل الإعلام الإسرائيلية بمحاكمة ثلاثة أشخاص، فقط قبل شهر ونصف الشهر، بتهمة التجسس لصالح الموساد الإسرائيلي، وهم: أراس أميري الإيرانية التي تعيش في لندن وتحمل الجنسية البريطانية وتعمل في مجلس الثقافة البريطاني واعتقلت لدى حضورها لزيارة ذويها في طهران، وأنوشا أشوري، وهي أيضا إيرانية تحمل الجنسية البريطانية وحضرت إلى إيران لزيارة ذويها، والمواطن الإيراني علي جوهاري. وحكم على كل منهم بالسجن 12 سنة بعد اتهامهم بنقل معلومات عن عمارة يجري بناؤها في منطقة تابعة لشركة تحمل اسم «خاتم النبيين» تابعة للحرس الثوري.
ويلاحظ أن الخبراء والمعلقين العسكريين الإسرائيليين اهتموا كثيرا أمس بإعلان رئيس استخبارات الحرس الثوري في إيران، عن محاولة اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، مشيرين إلى أنها «تتسم بالمصداقية»، ونقلوا تقديرات من المؤسسة العسكرية في تل أبيب تقول إنه «رغم التوتر المتصاعد بين إسرائيل وإيران، فإن محاولة الاغتيال هذه لن تزيد احتمالات الحرب بين الجانبين».
وكتب رون بن يشاي، الناطق الرسمي الأسبق باسم الجيش الإسرائيلي، الذي يعمل اليوم محللا عسكريا في موقع «واي نت» الإخباري، أن «إعلان طائب يبدو ذا مصداقية وليس مبالغاً به»، ورجح أن الموساد يقف وراءها، وأن هذا الإعلان جاء إثر اعتقال فريق الاغتيال، «وبالإمكان الترجيح أن ذلك يستند إلى التحقيق مع فريق الاغتيال والعتاد الذي كان بحوزته».



طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)
رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)
TT

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)
رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية، وفق ما أفادت به وكالة «إرنا» الرسمية للأنباء، السبت.

ونقلت الوكالة عن القنصلية الإيرانية في المدينة: «قام صباح الجمعة عدد من الطلاب في جامعة قازان الفيدرالية من دول مختلفة منها أوزبكستان والصين وإيران وتركمانستان... وغيرها، بزيارة (مركز تجديد التأشيرات) التابع للجامعة المذكورة لتجديد طلباتهم».

وأضافت: «بعد مشادة بين الطلاب وتفعيل جهاز الإنذار من قبل أمن المركز المذكور، تم إرسال الشرطة إلى المكان، وبعد استمرار المشادة والضرب اللاإنساني وغير المهني للطلاب من قبل الشرطة، جرى اعتقال طالبين إيرانيين».

ورداً على ذلك، قدمت إيران «مذكرة احتجاج» إلى وزارة الخارجية الروسية نددت فيها بـ«المعاملة العنيفة التي تعرض لها الطلاب الإيرانيون من قبل الشرطة، وطلبت توضيحات بشأن سبب الحادث والتورط غير المهني للشرطة المحلية في الأمر»، وفق ما أضافت وكالة الأنباء.

وأشارت إلى أن القنصلية الإيرانية العامة أكدت أنه «نتيجة الإجراءات المتخذة، تقرر إطلاق سراح الطالبين الإيرانيين وإعادتهما إلى سكنهما».

من جهته، قال المكتب الإعلامي لشرطة قازان عبر منصة «تلغرام»، الجمعة، إن مشاجرة كلامية بين طلاب تحولت إلى جسدية، مضيفا أن شرطيين «أوقفوا المحرضين» من دون ذكر جنسياتهم.

وذكرت لجنة التحقيق في قازان أنه تم توقيف مواطنَين أجنبيَين بتهمة «العنف ضد ممثل للسلطات».

وأدان السفير الإيراني في موسكو كاظم جلالي، الجمعة، على منصة «إكس»، «كل أشكال التصرف السيّئ بحق الطلاب الإيرانيين»، مطالباً بمحاسبة «السلطات الروسية المسؤولة».