السيناريوهات المحتملة إذا فاز القروي بالرئاسية التونسية وهو في السجن

نبيل القروي (أ.ف.ب)
نبيل القروي (أ.ف.ب)
TT

السيناريوهات المحتملة إذا فاز القروي بالرئاسية التونسية وهو في السجن

نبيل القروي (أ.ف.ب)
نبيل القروي (أ.ف.ب)

يستعد ملايين التونسيين للانتخابات البرلمانية، المقررة غدا الأحد، وللدور الثاني من الانتخابات الرئاسية المقررة في 13 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، والذي يتنافس فيه الحقوقي المستقل قيس سعيد، ورجل الأعمال نبيل القروي، الموقوف في السجن منذ أغسطس (آب) الماضي بتهم تبييض الأموال، والتهرب من الضرائب.
ولأن استطلاعات الرأي ترجح بقوة فوز حزب القروي بالمرتبة الأولى أو الثانية في البرلمان، بما يمكنه من التحكم في عملية اختيار رئيس الحكومة الجديد، والوزراء الجدد، فإن ثمة تساؤلات قانونية باتت تفرض نفسها داخل المشهد السياسي التونسي، وفي مقدمتها السؤال التالي الذي يشغل بال جل الناخبين: ماذا سيحدث لو فاز القروي بالمرتبة الأولى في الدور الثاني للرئاسة؟ هل سيغادر السجن نحو قصر قرطاج؟ أم أن القضاء سيرفض مجددا الإفراج عنه فتدخل البلاد تبعا لذلك في أزمة دستورية وسياسية جديدة، بعد أن استفحلت التجاذبات بين أنصاره ومعارضيه، وبينهم عدد من كبار المسؤولين في الدولة، كرئيس الحكومة يوسف الشاهد، وقيادات كبرى الأحزاب الحاكمة والمعارضة؟
- الفوز يضمن حصانة تلقائية
أستاذ العلوم السياسية والقانون العام في كلية الحقوق بتونس هيكل بن محفوظ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الدستور التونسي يمنح رئيس الدولة حصانة آلية بمجرد الإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مبرزا أن كل القضايا المرفوعة ضده «تعلق بصفة آلية» طوال الدورة الرئاسية التي تمتد لخمسة أعوام. وتبعا لذلك فلن يحتاج الفائز في الانتخابات إلى حضور موكب اليمين الدستورية أمام البرلمان لتأكيد فوزه، وتمتعه بالحصانة، حسب بن محفوظ.
هذا الموقف يدعمه أيضا المقرر العام للدستور وعضو البرلمان عن حركة النهضة الحبيب خضر، الذي اعتبر بدوره أن حضور موكب أداء اليمين الدستورية «ليس شرطا لممارسة الرئيس المنتخب لمهامه، ولا يعد مبررا قانونيا للخلط بين الصفة والمهام»، حسب تعبيره.
- من السجن إلى قصر الرئاسة
لكن ماذا لو تمسكت السلطة القضائية بمواقفها المعارضة بشدة لإطلاق سراح القروي، ووقف الملاحقات ضده، بحجة خطورة الاتهامات الموجهة إليه، والتي طالب الخبير القانوني الجامعي جوهر بن مبارك بتوظيفها لإلغاء نتيجة القروي، وإسقاط حقه في الترشح ثم محاكمته بحزم؟
في هذا السياق، كشف نبيل بافون، رئيس الهيئة العليا للانتخابات، أنه زار القروي في السجن مع عدد من رفاقه، وأعلن أن الهيئة سوف تعلن اسم الفائز. فإذا فاز المرشح قيس سعيد فإنه سيتولى مهامه في قصر قرطاج، حسب ما ينص عليه القانون، أما إذا تفوق القروي، فإن الهيئة ستعلن عن النتائج للشعب التونسي، وتتابع الموضوع لاحقا مع البرلمان والسلطات القضائية. لكن الخبير القانوني العميد الصادق بلعيد يرفض سيناريوهات الاعتراض على فوز القروي في صورة حدوثه، ويستدل على ذلك بالفصل 87 من الدستور الذي ينص بوضوح على تعليق كل الملاحقات ضد الرئيس طوال الدورة الرئاسية، التي تبدأ بالإعلان عن النتيجة الرسمية.
وحسب هذا السيناريو، فإن انتخاب القروي سيعني مغادرة زنزانته في اتجاه قصر قرطاج. أما إذا فاز منافسه قيس سعيد فيبقى القروي في السجن، ولا يمكنه أن يتمتع بعفو رئاسي إلا بعد أن تصدر المحاكم قرارها.
- الطعن في العملية الانتخابية
في المقابل لوحت مجموعات من المحامين والحقوقيين المناصرين للمرشحين قيس سعيد ونبيل القروي بالطعن في نتيجة الانتخابات، والمطالبة بإعادتها، حيث صعد أنصار القروي لهجتهم بحجة وجود مرشحهم في السجن، وتعرضه لحملة إعلامية شرسة، اتهمته وأنصاره بالتورط في مخالفات خطيرة، من بينها حصوله على تمويلات أجنبية عبر شركات وأرصدة تابعة له في عدد من الدول العربية والغربية، بينها اللوكسمبورغ، وبشراكة مثيرة للجدل مع رئيس الحكومة الإيطالية السابق برلسكوني، وأثرياء عرب وأجانب لديهم بدورهم ملفات فساد أمام المحاكم الدولية.
من جهته، قال الرئيس التونسي المؤقت محمد الناصر أمس إن وضع المرشح الرئاسي المسجون نبيل القروي، وعدم تمكنه من التواصل مع ناخبيه قبل أسبوع من جولة الإعادة، سيكون له تداعيات خطيرة على مصداقية الانتخابات وعلى صورة تونس أيضا. وفي أول تعليق على الموضوع المثير للجدل، قال الناصر، بحسب تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء أمس، إنه سيواصل بذل جهود لإيجاد ما وصفه بأنه «حل مشرف» لضمان حق القروي في التواصل مع ناخبيه، معتبرا أن الوضع «غريب»، ويثير الاهتمام والانتقاد في تونس وخارجها.
وقال الناصر في خطاب للأمة، بثه التلفزيون الرسمي أمس: «هناك مشكل وهو أن أحد المترشحين الاثنين في السجن، ولا يتمتع بحريته في مخاطبة الناخبين، وهي وضعية غريبة، وهي محل اهتمام وانتقاد في تونس وفي الخارج». مضيفا «قمنا باتصالات مع وزير العدل ورئيس هيئة الانتخابات ..وسنواصل مساعينا لإيجاد حل مشرف لنتجاوز الوضع غير العادي».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.