لقاء «ممتاز» بين الحريري وباسيل

نقابة الصحافة تدين «التعرض للرؤساء» ونقابة المحررين ترفض تحميل الإعلام مسؤولية الأزمة

محتجون في العاصمة اللبنانية ينددون بالفساد والأوضاع الاقتصادية المتدهورة أواخر الشهر الماضي (رويترز)
محتجون في العاصمة اللبنانية ينددون بالفساد والأوضاع الاقتصادية المتدهورة أواخر الشهر الماضي (رويترز)
TT

لقاء «ممتاز» بين الحريري وباسيل

محتجون في العاصمة اللبنانية ينددون بالفساد والأوضاع الاقتصادية المتدهورة أواخر الشهر الماضي (رويترز)
محتجون في العاصمة اللبنانية ينددون بالفساد والأوضاع الاقتصادية المتدهورة أواخر الشهر الماضي (رويترز)

عقد رئيس الحكومة سعد الحريري، أمس، لقاء مع وزير الخارجية جبران باسيل، بحثا خلاله في موازنة عام 2020 والإصلاحات التي يتم العمل عليها. ووصفت مصادر الطرفين اللقاء بـ«الممتاز».
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية عن الحريري نفيه أن يكون قد تم تعليق العمل في مشروع قانون الموازنة للعام 2020، بانتظار الاتفاق على الإصلاحات اللازمة. وقال: «نحن نعمل على كل الملفات في وقت واحد، ولذلك ترون في هذه الأيام تركيزاً على الإصلاحات، لمعرفة ما يمكن إدخاله ضمن الموازنة المقبلة».
وفي دردشة مع الصحافيين، وصف الرئيس الحريري لقاءه مع الوزير باسيل، بـ«الجيد جداً»، وقال: «أنا أرى أن هناك بالفعل هجمة غير طبيعية على البلد. صحيح أن لدينا مشكلات، لكن الحكومة تعمل لكي تجد حلولاً لهذه المشكلات، وأتمنى على من يتحدث بالاقتصاد أن ينطلق من الواقع الذي نعيشه. هناك جهد كبير تقوم به الحكومة، وإن شاء الله سنخرج من هذه الأزمة». وسئل عن «ترميم العلاقة» مع الوزير باسيل، فأجاب: «أصلاً لم يحصل شيء لهذه العلاقة لكي يتم ترميمها».
وفي الإطار ذاته، نقلت قناة «إل بي سي» عن مصادر مطلعة قولها إن لقاء الحريري وباسيل أكد مرة جديدة أن لا مشكلة بين الطرفين، حيث تخلله تنسيق عادي شمل ملفات عدة.
ونقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر مقربة من باسيل تأكيدها أن اللقاء يأتي في مستهل سلسلة من الاتصالات ‏يجريها وزير الخارجية لتزخيم العمل الحكومي وإنجاز موازنة عام 2020 على «الأسس الإصلاحية المطلوبة و‏وضع خطة الكهرباء موضع التنفيذ». وأشارت مصادر باسيل إلى أن ‏اللقاء مع الحريري «كان مثمراً والجو أكثر من ممتاز وتخلله تبادل الأفكار للدفع بالأمور في الاتجاه الصحيح والعمل على تحقيق إيجابيات في المرحلة المقبلة». وتابعت أن باسيل بادر ‏منذ عودته من جولته الأميركية والأوروبية إلى التواصل مع أكثر من طرف وعقد اجتماعات عدة، و‏هو يستعد لاستكمال مشاوراته لتشمل «جميع مكونات الحكومة».
في غضون ذلك، أكدت نقابة الصحافة في لبنان أن التعرض للرؤساء «أمر مرفوض»، فيما دعت نقابة المحررين إلى عدم تحميل الصحافة مسؤولية الأزمة التي تعيشها البلاد. وجاء موقف النقابتين بعد أيام من احتجاجات واسعة اندلعت بسبب الوضع الاقتصادي الرديء للبنان وسط غضب متفاقم تجاه طبقة كاملة من السياسيين الذين قادوا البلد إلى أزمة، بحسب ما كتبت وكالة «رويترز».
وأشارت الوكالة إلى أن المظاهرات لم تكن كبيرة لكنها اندلعت من بيروت إلى سهل البقاع ومن صيدا في الجنوب إلى طرابلس في الشمال. ففي طرابلس، انتقد المحتجون رؤساء الوزراء السابقين والحاليين، وجميعهم من المسلمين السنة وفقاً لترتيبات الحكم في لبنان. وفي بلدة بريتال النائية، جرى إنزال علم «حزب الله» الشيعي. أما في بيروت فقد هتف المحتجون ضد جميع القادة اللبنانيين، بمن فيهم رئيس البرلمان نبيه بري (شيعي) ورئيس الدولة ميشال عون (مسيحي).
وقال نقيب الصحافة عوني الكعكي بعد لقائه أمس وزير الإعلام جمال الجراح على رأس وفد من النقابة: «هناك استياء كبير من بعض وسائل الإعلام التي تحاول أن تبث الأخبار الكاذبة والتي تضر الاقتصاد اللبناني، وخصوصاً في موضوع العملة، حيث كثرت الإشاعات التي تطال استقرار العملة. لا يمكن لأي لبناني أن يقبل أن تنهار عملته من وراء هذه الإشاعات». وأكد «أن التعرض للرؤساء الثلاثة مرفوض». ولفت الكعكي إلى أن الجراح أكد ضرورة «أن نبرز الأشياء الجميلة في البلد، فلبنان من أجمل بلدان العالم، فلماذا الإساءة وإبراز موضوع النفايات وزحمة السير مثلاً؟ فالإعلام يتحمل هنا جزءاً كبيراً من المسؤولية لجهة إلقاء الضوء على السيئات، فلماذا لا يسلط الضوء على الأشياء الإيجابية والجميلة؟».
واعتبر أن «أهم ما قاله وزير الإعلام بأنه يضع المسؤولية على الجميع، ليس على الإعلام فقط بل على الوزراء والنواب وبعض السياسيين، وقد كان عادلاً في هذا الطرح».
من جهتها، دعت نقابة المحررين إلى عدم تحميل الصحافة مسؤولية الأزمة التي تعيشها البلاد. وأكدت، في بيان، تقديسها للحريات الصحافية والإعلامية، والحريات العامة التي يكفلها الدستور اللبناني وترعاها القوانين، مشددة على أنه «لا ذنب للإعلام المكتوب والمرئي والمسموع والإلكتروني إذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي، أو بعضها على الأقل، تسهم في إشاعة مناخات لا تخدم الصالح العام، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان».
وتعليقا منها على النقاشات الجارية حول مسؤولية الصحافة والإعلام في الأزمة الضاغطة، رأت نقابة المحررين أنه «من الإجحاف أن تلقى على القطاع الصحافي والإعلامي اتهامات تصوره وكأنه المتسبب الرئيسي بالحال التي بلغتها البلاد، مع تأكيدها على أن يتمتع الصحافيون والإعلاميون بقدر عال من المسؤولية في هذه الأوضاع الدقيقة ويبتعدوا عن كل ما يفاقم التوترات، ويثير الحساسيات والمخاوف التي تنعكس سلباً على كل المجالات». وأشارت إلى أهمية أن «يراعي الصحافيون والإعلاميون القوانين المرعية، ولا سيما قانون المطبوعات مع احتفاظهم بكامل الحق في ممارسة حرياتهم في النقد وكشف الفساد والمفسدين، والمرتكبين، ومنابع الهدر والمخالفات»، مشدّدة على أن النقابة ستدافع عن حقهم هذا.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.