ميليشيا تابعة لـ«الوفاق» تعيّن «مطلوباً دولياً» رئيساً للاستخبارات العسكرية

TT

ميليشيا تابعة لـ«الوفاق» تعيّن «مطلوباً دولياً» رئيساً للاستخبارات العسكرية

أعلنت ميليشيات مسلحة، محسوبة على فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق الوطني» الليبية، أن قائدها المطلوب دولياً بتهمة ارتكاب جرائم حرب في البلاد، سيترأس جهاز الاستخبارات العسكرية التابع للحكومة، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة.
وقال «لواء الصمود»، وهو أحد الميليشيات المنتمية إلى مدينة مصراتة بغرب البلاد، الذي يقوده صلاح بادي المثير للجدل، والموالي لجماعة «الإخوان المسلمين»، في بيان مقتضب، أصدره مساء أول من أمس، إنه سيتم تعيين بادي رئيساً لجهاز الاستخبارات العسكرية، اعتباراً من غد الأحد.
ولم يذكر «الصمود» عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أي تفاصيل، لكنه أكد أن تكليفاً رسمياً بالخصوص سيصدر.
والتزمت حكومة السراج وبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا الصمت حيال هذه المعلومات، علماً بأن البعثة توعدت في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، ميليشيات بادي بالملاحقة الدولية بسبب خرق وقف إطلاق النار.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، فرض عقوبات على بادي، أسوة بعقوبات مماثلة من لجنة عقوبات ليبيا بمجلس الأمن الدولي، متهمة إياه بتقويض الأمن عبر توجيه هجمات على جماعات موالية لحكومة السراج. وطبقاً لواشنطن، فإن قوات بادي استخدمت صواريخ «غراد» الشديدة التدمير في مناطق كثيفة السكان خلال الجولة الأخيرة من القتال بالعاصمة طرابلس في سبتمبر من العام الماضي؛ حيث اعتبرت سيجال ماندلكر وكيلة وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية أن «الهجمات التي شنّتها ميليشيا صلاح بادي لفترة طويلة في عاصمة ليبيا دمرت المدينة وعرقلت السلام».
كما اتهمت حكومة السراج أيضاً بادي، ومعه قائد آخر لفصيل مسلح، بالمسؤولية عن الهجوم في طرابلس في مايو (أيار) من العام قبل الماضي.
إلى ذلك، اعتبر رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، أنه لن يكون هناك حل في ليبيا إلا بعد تحرير العاصمة طرابلس، وأنه لا يمكن أن يكون هناك صُلح تحت السلاح، وفي ظل وجود إرهابيين مطلوبين محلياً ودولياً، وما يرتكبونه من خطف وابتزاز وقتل ونهب للمال العام.
ورأى صالح في تصريحات بثّها أمس الموقع الإلكتروني الرسمي للبرلمان، الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقراً له، أنه «لا يمكن الوصول إلى أي حل إلا بعد خروج هذه الميليشيات المسلحة من العاصمة طرابلس»، مؤكداً أن «(الجيش الوطني) هو القادر على إنجاز هذه المهمة الوطنية».
وبعدما لفت إلى أن سبب قتال هذه الميليشيات المسلحة هو سيطرتها على المال، وعلى مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، أوضح أنه «لا يمكن أن يكون هناك حل في ظل سيطرة تلك الميليشيات على العاصمة».
إلى ذلك، أعلنت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها ميليشيات السراج، عن مصرع ليبي ومغربي بسبب قصف عشوائي شنته قوات الجيش، مساء أول من أمس، ببلدية أبو سليم في العاصمة طرابلس.
وكانت عملية «بركان الغضب» تحدثت الأسبوع الماضي، عن مقتل 8 من «مرتزقة شركة فاغنر الروسية»، ونقلت أول من أمس عن صحيفة «ميدوزا» الإلكترونية الروسية، أن عدد الضحايا في المرتزقة الروس المشاركين في الحرب دعماً لحفتر، يتراوح بين 10 و35 قتيلاً.
إلى ذلك، أعلن المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة السراج إطلاق سراح عضو المجلس مصطفى التريكي، بعد جهود مشتركة لم يكشف عن تفاصيلها، وقال في بيان أول من أمس، إنه «عاد سالماً إلى أهله، بعدما قامت مجموعة مسلحة مجهولة بخطفه من أمام منزله بمدينة الزاوية»، القريبة من طرابلس.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.