الزراعة في لبنان ضحية التهريب ورسوم التصدير الباهظة

الحريري: نحتاج إلى استراتيجيات واضحة وتنظيم وقدرة على المنافسة في الأسواق

TT

الزراعة في لبنان ضحية التهريب ورسوم التصدير الباهظة

قال رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إن «قطاع الزراعة في لبنان يحتاج إلى تنظيم وقدرة على المنافسة في الأسواق»، في ظل شكاوى المزارعين من أنهم باتوا ضحية للتهريب ورسوم التصدير الباهظة، علماً بأن القطاع الزراعي يشكل ثالث أهمّ القطاعات الاقتصادية في لبنان بعد قطاعي الخدمات والصناعة.
وأشار الحريري، خلال ورشة عمل عن «تحول الزراعة في لبنان - التحديات والفرص» عُقدت في السراي الحكومي، إلى «أننا لا نزال نعمل وفق الطريقة القديمة. والمطلوب تطوير القطاعات المتعلقة بالسياسات الزراعية. لدينا أفضل أنواع الفاكهة ونحتاج إلى أجندة موحدة تشكل خريطة طريق لتطوير القطاع». وتابع أن «الزراعة تشكل نسبة 4 في المائة من الاقتصاد اللبناني. ونجاح القطاع الزراعي يؤدي إلى انحسار التمدد السكاني إلى المدن ويعيد المزارعين إلى قراهم». وشدد على أنه «مع الدعم الذي يفيد المزارع، وليس الدعم العشوائي. المطلوب أن يعود الدعم (المقدم) إلى القطاع الزراعي على الاقتصاد اللبناني بمردود مقنع. والأمر يتطلب إزالة العقبات ووضع الخطط على الطاولة بالاتفاق مع الجهات المختصة. نحتاج إلى استراتيجيات واضحة لنصل إلى الحل الذي نريد. والتغيير هو السبيل الوحيد لقيام الزراعة في البلد». وأشار الحريري إلى «عشوائية رش المبيدات التي تؤثر على نوعية الإنتاج وتحول دون تصديره».
ويشكل القطاع الزراعي ثالث أهمّ القطاعات الاقتصاديّة في لبنان بعد قطاعي الخدمات والصناعة، غير أنه يعاني من مشكلات عدّة يحتاج علاجها إلى تضافر الجهود، وعدم السماح بالتهريب. وميزانية الزراعة اللبنانية تمثل 8 في المائة فقط من إجمالي الميزانية اللبنانية. ويعمل في قطاع الزراعة اللبناني نحو 200 ألف أسرة، أي أنه يشغّل ما بين 20 في المائة إلى 30 في المائة من اليد العاملة. أما كلفة الإنتاج الزراعي فتعد الأعلى في المنطقة مع ارتفاع كلفة الري، بالإضافة إلى صغر مساحات الحيازات الزراعية وضعف المكننة وتقنيات الزراعة وارتفاع كلفة الأيدي العاملة والنقل وعدم توافر البنية التحتية المناسبة. ويشكو المزارعون من غياب الدعم الرسمي المباشر، وإغراق الأسواق بمنتجات مستوردة. كما أن الأسمدة والأدوية الزراعية مرتفعة الأسعار.
وتدخل العوامل الطبيعية على خط «نكبة المزارعين». ففي شتاء العام الحالي تسبب الطقس الماطر والمثلج بإتلاف موسم التفاح والبطاطا. كما أن عدم المساواة بين الاستيراد والتصدير في قطاع الزارعة علة العلل. إذ تفرض الدول التي تستورد المنتجات الزراعية اللبنانية دفع ضريبة «TVA» على المصدرين اللبنانيين، في حين لا يفرض لبنان أي ضريبة على من يدخل منتجاته الزراعية إلى لبنان.
ويقول رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم ترشيشي لـ«الشرق الأوسط» إن «التهريب يحطم القطاع الزراعي ويقضي عليه مع العوامل الأخرى. فلبنان يصدّر إلى سوريا 30 ألف طن من الموز، مقابل ما يستورده منها. في التبادل الرسمي هناك تعادل. لكن المشكلة في التهريب. وعندما يحظى المزارع بموسم جيد، تأتي الأصناف المشابهة من حيث لا ندري، وتغرق الأسواق بأسعار أقل من سعر المنتجات اللبنانية. الحياة الزراعية في سوريا أو أوروبا أفضل منها في لبنان. اليد العاملة أرخص والأسمدة أرخص ومياه الري متوافرة. بالتالي المزروعات اللبنانية مكلفة أكثر، سواء ثمن السماد والمبيدات وكلفة الري وثمن الوقود وما إلى ذلك. كما أن تكاليف الحياة في لبنان أغلى إجمالاً مما هي عليه في دول أخرى».
ويضيف: «إذا استثنينا دعم الدولة عبر مؤسسة (إيدال) للتصدير، فلا أحد يساعد المزارع اللبناني. (إيدال) تقدم 100 ليرة عن كل كيلو تفاح يتم تصديره، و65 ليرة لكل كيلو بطاطا. الدعم كان مقبولاً في البداية، لكنه اليوم لم يعد يلبي التحديات».
ويشير ترشيشي إلى أن «تكاليف التصدير ترهق المزارع. فعبور الشاحنات إلى العراق من ممر البوكمال على الحدود السورية - العراقية يكلف 4 آلاف دولار رسوماً لكل شاحنة. أما معبر نصيب (على الحدود مع الأردن) فيكلف 1000 دولار للشاحنة. بالتالي لا يبقى للدعم أي مفعول». ويوضح أن «العراق كان سوقاً واسعة للمنتجات الزراعية اللبنانية. لكن التصدير تراجع بعد أحداث العراق. أما الأسواق الخليجية فهي لا تزال واعدة. وعمرها من عمر التصدير، وإن جفت القوة الشرائية وبرزت الصعوبات المتعلقة بالمنافسة. ففي الماضي كانت الأسواق لنا وللسوريين. أما اليوم فالبضائع تتدفق على الخليج من أوروبا والهند وباكستان وغيرها. وبعد أن كنا نصدّر 550 ألف طن سنوياً من المنتجات الممتازة والمستوفية للشروط، حالياً بسبب العوائق على معبر نصيب وتوقف الدولة عن دعم التصدير البحري وضعف الاستهلاك قياساً لما كان عليه، أصبحنا نصدّر نحو 200 ألف طن سنوياً. إلا أن بضاعتنا لا تزال ملائمة للسوق الخليجية».
ويعتبر ترشيشي أن «الخسارة الكبرى على المزارع هي في صعوبة تصدير الفاكهة والخضار في مواسمها المحددة، وبالتالي نلاحظ عدم ارتفاع أسعارها في الأسواق اللبنانية». ورأى أن «الدولة مقصّرة في حفظ حقوق المزارعين، إذ لا تعامل بالمثل الدول التي تُدخل منتجاتها الزراعية إلى لبنان. حقنا مهدور في الاتفاقات. يتحكم بنا الآخرون بما يناسب مصلحتهم، ويرضى المسؤولون اللبنانيون بذلك».



توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
TT

توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)

تعتزم الجماعة الحوثية في اليمن تأسيس كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس والمناسبات في العاصمة المختطفة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة.

جاء ذلك خلال دعوة وجهتها ما تسمى الغرفة التجارية والصناعية الخاضعة للحوثيين في صنعاء لمُلاك صالات الأعراس والمناسبات تحضهم على حضور ما تسميه اللقاء التأسيسي لقطاع صالات الأعراس والمناسبات تحت إدارة ورعاية وإشراف قيادات في الجماعة.

جانب من اجتماع قيادات حوثية تدير أجهزة أمنية في صنعاء (إعلام حوثي)

يتزامن هذا التحرك مع شن الجماعة مزيداً من حملات فرض الإتاوات والابتزاز والاعتقال لمُلاك صالات الأعراس والفنانين والمُنشِدين بذريعة حظر الغناء والتصوير وكل مظاهر الفرح، ضمن مساعيها لإفساد بهجة السكان وتقييد حرياتهم.

ووضعت قيادات حوثية تُدير شؤون الغرفة التجارية في صنعاء شروطاً عدة للانضمام والمشاركة في اللقاء التأسيسي المزعوم، من بينها امتلاك مالك القاعة الذي سيحضر سجلاً تجارياً، وأن تكون بطاقة عضويته في الغرفة الحوثية مُجدَّدة لعام 2024، كما حدّدت الجماعة يوم 11 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، موعداً لانعقاد اللقاء التأسيسي لمُلاك صالات الأعراس.

وسبق للجماعة الحوثية أن داهمت في أواخر مايو (أيار) العام الماضي، مقر الغرفة التجارية والصناعية في صنعاء، وعيّنت أحد عناصرها رئيساً لها بالقوة، وأزاحت رئيس وأعضاء مجلس الإدارة المنتخبين.

ويقول ناشطون حقوقيون في صنعاء إن إنشاء هذا الكيان الرقابي يندرج ضمن توجه الجماعة لفرض كامل السيطرة على القطاع، وإرغام الصالات على الالتزام بالتعليمات فيما يخص حظر الأغاني، ودفع مزيد من الإتاوات والجبايات.

دهم وخطف

أكدت مصادر محلية في محافظة عمران (شمال صنعاء) قيام الجماعة الحوثية باختطافات وإجراءات تعسفية ضد ملاك صالات الأعراس والمنشدين، كان آخرها قيام القيادي في الجماعة أبو داود الحمزي المعيّن مديراً لأمن مديرية خمر باعتقال المُنشد محمد ناصر داحش، وثلاثة من أعضاء فريقه الإنشادي من صالة عُرس وسط المدينة.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الحمزي ومسلحيه اقتحموا صالة العُرس، وباشروا بمصادرة ونهب ما فيها من أجهزة ومعدات، وخطف مالك الصالة والمُنشد وفريقه، والزج بهم في أحد السجون.

حالة هلع بحفل زفاف اقتحمه حوثيون لمنع الغناء في عمران (إكس)

ويتهم القيادي الحمزي، وفق المصادر، المُنشد داحش بتحريض الفنانين والمُنشدين وملاك قاعات الأفراح والسكان بشكل عام على رفض القرارات التعسفية الصادرة عن جماعته، التي تشمل منع الأغاني في الأعراس.

وصعدت الجماعة على مدى الفترات الماضية من عمليات الدهم والمصادرة والخطف التي ينفّذها عناصر تابعون لها تحت اسم «شرطة الأخلاق»، ضد قاعات الأفراح والفنانين.

وأرغم الحوثيون، أخيراً، نساء يمنيات في مناطق بمحافظة إب على ترديد «الصرخة الخمينية»، والاستماع إلى الزوامل الحوثية داخل صالات الأعراس، مقابل السماح لهن بإقامة الأفراح في الصالات بعد الالتزام بالشروط كافة.

كما فرض الانقلابيون في منتصف الشهر الماضي قيوداً مُشددة على مُلاك قاعات الأعراس في ريف صنعاء، حيث حددوا وقت أعراس النساء في الصالات إلى الساعة الثامنة مساءً، ومنعوا التصوير ومكبرات الصوت، كما حظروا دخول العريس للقاعة لأخذ عروسه، ومنعوا استدعاء الفنانين والفرق الغنائية في الأعراس.