قلق محلي وخارجي من «نهاية التعليم» في إدلب... و«ضياع جيل» من السوريين

TT

قلق محلي وخارجي من «نهاية التعليم» في إدلب... و«ضياع جيل» من السوريين

تعاني محافظة إدلب في شمال غربي سوريا من تدهور وضع المدارس بشكل يكاد أن يكون «نهاية التعليم» وسط أنباء عن تراجع الدعم عن القطاع التعليمي التابع لـ«مديرية التربية الحرة» التابعة للمعارضة.
تمتلك محافظة إدلب مع ريفي حماة وحلب ما يقارب أكثر من 840 مدرسة بحسب إحصائيات «منسقي الاستجابة» التابعة للمعارضة في المنطقة التي تضم نحو ثلاثة ملايين شخص نصفهم من النازحين.
وبحسب خبراء ومتابعين، تعاني هذه المدارس من انعدام الخدمات في البنية التحتية بسبب تعرضها خلال سنوات الحرب للقصف بكل أشكاله، إضافة إلى أنها كانت سابقاً أماكن اشتباكات مستمرة ومقرات لقوات النظام السوري. وبعد خروج المنطقة عن سيطرة النظام لم تتوفر جهات قادرة على إصلاح تلك المؤسسات التعليمية من جديد. وقال خبير: «لذلك تفتقر المدارس بشكل كبير لأبواب ونوافذ ومقاعد وغيرها من المستلزمات الأساسية للتعليم، بالإضافة إلى نقص كبير بالكتب المدرسية اللازمة للمناهج حيث لا تتوفر منها إلا قلة قليلة في بعض المدارس والغالبية العظمى من الكتب مهترئة وقديمة، وما زالت المناهج القديمة تُدرس إلى الآن في غالبية المدارس، لكن نسبة قليلة جداً من المدارس والتي تقدر بأكثر من 100 مدرسة موزعة على كافة مناطق الشمال، ضمنتها منظمات بشكل كامل من تجهيزات البنية التحتية إلى قاعة أنشطة الدعم النفسي الاجتماعي بما في ذلك رواتب المعلمين».
وبحسب إحصاءات، فإن الحملة الأخيرة من القصف دمرت أكثر من 115 منشأة تعليمية وهذا أدى إلى نقص كبير في المنشآت التعليمية واكتظاظ المدارس بعدد غير طبيعي من الطلاب. غير أن حركة النزوح التي اجتاحت المنطقة أدت إلى زيادة عدد الطلاب بنسبة ما يزيد عن 40 في المائة لمرحلة التعليم الأساسي و20 في المائة للمرحلة الثانوية، بحسب إحصائيات مديري المدارس على حساب المدارس التي لم تتعرض للقصف بعد.
وبدأت المنحة الأوروبية - البريطانية (كومنيكس) بتغطية المعاشات الشهرية للمدرسين في مدارس الشمال السوري الخارج عن سيطرة النظام في عام 2015. براتب قدره 100 دولار أميركي. وفي عام 2018 أضافت لرواتب المدرسين 20 دولاراً ليصبح راتب المدرس 120 دولاراً. ويعتبر راتب المدرس من أضعف الرواتب المخصصة للموظفين في المنطقة وهذا بدوره أدى إلى تململ واستياء المدرسين وأصبحت مهنة التدريس مهنة يزهد فيها الكثير من أصحاب الشهادات والكفاءات العلمية مما ينعكس سلباً على المجتمع في تلك المناطق.
وبعد دعم دام لمدة أربع سنوات قررت المنحة الأوروبية – البريطانية إيقاف الدعم عن المؤسسات التعليمية. وقال مدير المكتب الإعلامي لمديرية التربية مصطفى حاج علي لـ«تلفزيون حلب اليوم» بأن المنحة كانت تموّل 70 في المائة من المدارس التابعة للمديرية، حيث كانت هذه المنحة يتقاضاها المدرس من شهر سبتمبر (أيلول) حتى نهاية أبريل (نيسان) .
وانقطاع هذه المنحة قد يؤدي إلى خسارة الكوادر التدريسية ومنها إلى تسرب مدرسي بشكل كبير حيث إن نحو 350 ألف طالب وطالبة معرضون للانقطاع الدراسي، بحسب إحصاءات فريق منسقي الاستجابة وهذا يؤدي إلى تهديد مجتمع بأكمله بخسارة حقّه في التعليم والتراجع في المستوى الثقافي والتعليمي وبالتالي جيلٌ ضائع مستقبله مجهول.
لذلك تُناشد الكوادر التدريسية كاملة منظمات العمل الإنساني في الداخل السوري والمهتمين بالشأن التعليمي في الخارج المسارعة في حل المشكلة قبل أن يتفاقم الوضع ويُصبح خارج عن السيطرة.
وكانت منظمة «إنقاذ الطفل العالمية» حذرت من أن آلاف الأطفال يواجهون خطر عدم الالتحاق بالعام الدراسي الجديد في شمال غربي سوريا نتيجة التصعيد العسكري المستمر في المنطقة منذ أشهر. ويسود هدوء نسبي، منذ نهاية أغسطس (آب)، منطقة إدلب نتيجة وقف لإطلاق النار أعلنت عنه موسكو بعد أكثر من أربعة أشهر منذ أن بدأت قوات النظام بدعم روسي تصعيدها العسكري، ما دفع بمئات الآلاف للنزوح من منازلهم. وذكرت المنظمة أنه من أصل 1193 مدرسة في المنطقة، لا تزال 635 منها فقط في الخدمة، فيما تضررت 353 منها جراء القصف أو تم إخلاؤها، كما تستخدم أكثر من 200 مدرسة كملاجئ للنازحين. وأشارت المنظمة إلى أن المدارس المتبقية قادرة على استيعاب 300 ألف من أصل 650 ألف طفل يبلغون العمر المناسب للدراسة.
والمحافظة ومحيطها مشمولة باتفاق أبرمته روسيا وتركيا في سوتشي في سبتمبر 2018، والتي نصت على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل، على أن تنسحب منها المجموعات المتشددة. إلا أنه لم يستكمل تنفيذه.
ومنذ نهاية أبريل، وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل أكثر من 950 مدنيا جراء القصف الذي طال بشكل خاص جنوب إدلب وشمال حماة، وترافق مع تقدم ميداني لقوات النظام وسيطرتها على مناطق استراتيجية. وأجبر التصعيد، وفق الأمم المتحدة، أكثر من 400 ألف شخص على النزوح ولجأ معظمهم إلى المنطقة الحدودية مع تركيا في شمال إدلب. ويخشى الكثير من الأهالي اليوم إرسال أطفالهم إلى المدارس. وقالت مسؤولة الملف السوري في المنظمة سونيا كوش: «أبلغنا الأساتذة أن الأهالي يطلبون منهم إغلاق المدارس خشية من تعرضها لهجوم».
وأعلنت الأمم المتحدة، في الأول من أغسطس الجاري، موافقة أمينها العام أنطونيو غوتيريش على إجراء تحقيق في هجمات النظام السوري، التي تستهدف المنشآت الصحية والمدارس في شمال غربي سوريا.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.