عباس يبحث عن بديل في ظل صعوبة استمرار الوضع الفلسطيني ـ الإسرائيلي على حاله

بعدما أكد نتنياهو أنه {يجب تحديث الخطة السابقة للسلام}

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث أمام مسؤولين فلسطينيين في رام الله أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث أمام مسؤولين فلسطينيين في رام الله أمس (إ.ب.أ)
TT

عباس يبحث عن بديل في ظل صعوبة استمرار الوضع الفلسطيني ـ الإسرائيلي على حاله

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث أمام مسؤولين فلسطينيين في رام الله أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث أمام مسؤولين فلسطينيين في رام الله أمس (إ.ب.أ)

أراد الرئيس الفلسطيني محمود عباس من خلال خطابه في الأمم المتحدة التمهيد لمرحلة جديدة، عنوانها التحرر من الرعاية الأميركية للمفاوضات مع إسرائيل، رغم غياب بديل ملموس، في حين يقر الجانبان أن مواصلة جهود السلام في الظروف الحالية لا تجدي نفعا، حسب ما يفيد محللون وسياسيون.
فقد قال عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة الماضي إنه «من المستحيل العودة إلى دوامة مفاوضات تعجز عن التعامل مع جوهر القضية». وكرر القول بأن «التفكير بأنه من الممكن ببساطة العودة إلى نمط عمل سابق تكرر فشله، هو أمر ساذج في أحسن الأحوال، وخاطئ في جميع الأحوال». وبدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة أول من أمس بأنه يجب «تحديث الخطة السابقة للسلام».
ويسعى الفلسطينيون والإسرائيليون منذ سنوات إلى التوصل إلى تسوية سلمية، من خلال مفاوضات ترعاها في الغالب الولايات المتحدة. لكن هذه المفاوضات أثبتت أنها غير مجدية، وهو ما كان واضحا مع فشل الجولة الأخيرة التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي، بعد تعثر استمر عدة أشهر. ويترافق ذلك مع استفحال التوتر والتصعيد في الأراضي الفلسطينية، وتوقيف المئات من الشبان الفلسطينيين، واستمرار مصادرة الأراضي وتوسيع الاستيطان، وصولا إلى الحرب على قطاع غزة في الشهرين الماضيين، والتي أوقعت أكثر من 2100 قتيل فلسطيني، معظمهم من المدنيين، و70 قتيلا في الجانب الإسرائيلي، معظمهم من العسكر.
في هذه الظروف إذن، ذهب محمود عباس إلى الأمم المتحدة يحمل بداخله مرارة عميقة، عبر عنها بلهجة حادة قلما لجأ إليها أمام المحافل الدولية، وذلك عندما اتهم إسرائيل بارتكاب «إبادة وجرائم حرب» في غزة. وسعيا للخروج من الطريق المسدود، يأمل عباس في اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي. وفي هذا الصدد قال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في الأمم المتحدة باشرت اتصالات تحضيرا للتوجه إلى مجلس الأمن لإصدار قرار بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وأضاف أن «أهم شيء هو أن الرئيس أوضح للعالم بأنه لم يعد مقبولا البقاء تحت الرعاية الأميركية للمفاوضات التي لم تثمر عن شيء خلال السنوات الماضية.. لقد حدد الرئيس في خطابه معاناة الشعب الفلسطيني بشكل عام، وقال في اجتماعات القيادة إنه سيتوجه إلى مجلس الأمن للمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية». وأوضح أبو يوسف أن «المشاورات مع الكتلة الإسلامية في الأمم المتحدة ودول عدم الانحياز ومع روسيا والصين ودول أميركا اللاتينية بدأت الآن للتشاور بشأن مشروع القرار الذي سيقدم إلى مجلس الأمن».
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت معارضتها المسبقة لمثل هذا القرار، وذلك عندما التقى كبير المفاوضين صائب عريقات ومدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج وزير الخارجية الأميركي جون كيري الشهر الماضي في الولايات المتحدة، وعرضا عليه الخطة الفلسطينية. وفي هذا الشأن أوضح أبو يوسف أن «الولايات المتحدة أعلنت لنا رسميا في ردها على الخطة الفلسطينية بأنها تعارض أي خطوات أحادية الجانب».
والمشكلة، حسب بعض المراقبين، أن أي قرار سيطرحه الفلسطينيون سيواجه بـ«فيتو» من واشنطن، التي أبدت استياء شديدا من خطاب عباس واعتبرته «استفزازيا»، وقالت إنه يقوض الجهود الرامية إلى خلق مناخ من الثقة مع إسرائيل.
وتابع أبو يوسف: «عباس أبلغ القيادة الفلسطينية أنه في حال إفشال القرار في مجلس الأمن، فإنه سيقدم على التحرر من الاتفاقيات السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية مع إسرائيل». وأشار إلى أن عباس أبلغهم أنه سيتوجه أيضا للانضمام إلى 520 منظمة ومعاهدة دولية، ومن ضمنها محكمة الجنايات الدولية، وهو ما كرره عباس مرارا بهدف ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين عن جرائم حرب محتملة.
ولكن المحلل كريم بيطار، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، قال إن «تهديدات عباس لطالما بقيت حبرا على ورق لأن السلطة الفلسطينية هي في الواقع حبيسة الاتفاقات المبرمة، وتابعة سياسيا لواشنطن، واقتصاديا لأوروبا وللمؤسسات الدولية». أما سلمان الشيخ، مدير مركز بروكنغز الدوحة، فقد اعتبر أن عباس فقد شعبيته بعد الحرب في غزة الذي تسيطر عليها حركة حماس، وقال إنه انتظر 12 يوما ليعلن موقفه منها.
على صعيد متصل، بين استطلاع للرأي، نشر أول من أمس، أن 29 في المائة من الفلسطينيين فقط يعتبرون المفاوضات مع إسرائيل وسيلة مجدية لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، واعتبر 44 في المائة أن المقاومة المسلحة هي التي ستعيد لهم حقهم. أما نتنياهو فيعتبر أن الدول العربية وإسرائيل تواجه التحديات نفسها، والتي تتمثل، برأيه، في إيران والتطرف الإسلامي، كما يعتبر أن التقارب العربي الإسرائيلي سيسهل التسوية مع الفلسطينيين.
إلا أن صحيفة «هآرتس» علقت على ذلك بقولها إنها «مجرد عظمة ناشفة يرميها نتنياهو للعالم العربي، محاوره الوهمي». وأضافت أن الحوار بين عباس ونتنياهو اللذين لا يكنان الاحترام لبعضهما لن تستأنف في المدى المنظور. كما أجمع المعلقون الإسرائيليون على القول إن نتنياهو لم يقدم شيئا ملموسا، ولم يتحدث مرة واحدة عن «الدولة الفلسطينية».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.