اليمن يندد بعرقلة الحوثيين لعمل المنظمات الدولية

TT

اليمن يندد بعرقلة الحوثيين لعمل المنظمات الدولية

أعاد منع الميليشيات الحوثية أخيراً موظفاً أممياً رفيعاً من دخول العاصمة اليمنية المختطَفة، إلى الواجهة، الأساليب القمعية التي تتبعها الجماعة للضغط على المنظمات الدولية، من أجل خدمة أجندتها الانقلابية.
وكانت الجماعة أجبرت، الاثنين، طائرة ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أحمد العبيد على مغادرة مطار صنعاء، بعد هبوطها مباشرة، بعد اقتحامها وسحب تأشيرة الموظف الأممي.
وفي هذا السياق، دانت وزارة خارجية الجمهورية اليمنية استمرار الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران في عرقلة عمل المنظمات الدولية العاملة في صنعاء، ونددت في بيان رسمي بطرد ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وسحب تصريح سفره، وإرغامه على مغادرة صنعاء.
وقالت الوزارة إن مثل هذه الممارسات توضح للعالم بجلاء الدور الذي تقوم به الميليشيات الحوثية لإضعاف عمل المنظمات الدولية العاملة في اليمن، من خلال إرهاب موظفي هذه المنظمات وممارسة الضغوطات عليهم، في ظل سكوت وصمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة.
وأضاف البيان أن «حكومة الجمهورية اليمنية وحرصاً منها على التخفيف من معاناة المواطنين ومن أجل حفظ وتعزيز حقوق الإنسان في عموم مناطق اليمن، ورغم ملاحظاتها على أداء مكتب مفوضية، فإنها - ورغم ذلك - قدَّمت وما زالت تقدّم كل الدعم لمكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في اليمن، وتسمح لكافة مكاتب الأمم المتحدة بالعمل في صنعاء، رغم وقوعها تحت سيطرة ميليشيات الحوثي الانقلابية».
وأكدت وزارة الخارجية اليمنية حرص الحكومة على توسيع العمل مع المفوضية من خلال افتتاح مكتب للمفوضية في العاصمة المؤقتة عدن حرصاً وتأكيداً من حكومة الجمهورية اليمنية على تنفيذ تعهداتها والتزاماتها في مجال حقوق الإنسان.
وأشار البيان إلى أن حكومة الجمهورية اليمنية تدعو المجتمع الدولي والأمم المتحدة للوقوف بحزم، وإدانة هذه الممارسات والانتهاكات التي تهدف إلى عرقلة وتخويف وإرهاب العاملين الدوليين في صنعاء وفي المناطق التي ما زالت ترزح تحت وطأة هذه الميليشيات الإرهابية... مشددةً على ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة لضمان عدم المساس بأمان وسلامة وحيادية موظفي المنظمات الدولية في اليمن.
وكانت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان أكدت أن مسلحي الجماعة الحوثية منعوا مسؤولاً رفيعاً في المفوضية من دخول صنعاء، وأمروا طائرته بالإقلاع من العاصمة بعد وقت قصير من هبوطها، يوم الاثنين الماضي.
وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن الإجراء جاء بعد تقرير لاذعٍ قدَّمه خبراء بتكليف من مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أورد فيه تفاصيل الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات في حرب اليمن، بما في ذلك العنف الجنسي ضد نساء في سجون يديرها الحوثيون.
ووفق الوكالة أفاد مسؤولو المفوضية بأنه بعد وصول ممثل المفوضية العبيد أحمد العبيد، إلى صنعاء، الاثنين، استقل مسلحون من ميليشيات الحوثي الطائرة، وسحبوا تصريح سفره، وأمروا قائد الطائرة بالمغادرة، وهو ما أكده رسمياً روبرت كولفيل، المتحدث باسم المفوضية.
وجاء التنديد اليمني بالتزامن مع تصريحات إيرانية جديدة اعترفت فيها طهران بجزء من حقيقة الدعم الذي تقدمه للميليشيات الحوثية، في سياق إسناد الجماعة وتحويلها إلى ذراع ميليشياوية في الخاصرة العربية.
وفي أول تعليق حكومي، قال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني إن تصريحات رئيس هيئة الأركان الإيراني محمد باقري لقناة صينية عن تقديم الاستشارات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية، وما يقدمه «الحرس الثوري» لدعم الميليشيات الحوثية تحت ما سماه «محور المقاومة»، هو إقرار صريح واعتراف رسمي يصدر لأول مرة عن دعم عسكري تقدمه طهران لميليشيات الحوثي الإرهابية.
وأصاف الإرياني في تصريح رسمي بقوله إن «الدعم الإيراني للميليشيات الحوثية لا يقتصر على الاستشارات العسكرية والاستخباراتية، بل إن النظام الإيراني يتحكم بالقرار السياسي والعسكري ويدير الميليشيات لتنفيذ أجندته، ويزودها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والأسلحة والخبراء في الصناعات العسكرية والألغام والعبوات الناسفة».
واعتبر الإرياني تصريحات قائد الجيش الإيراني تأكيداً لما ذهبت إليه الحكومة اليمنية من أن ميليشيات الحوثي أداة للنظام الإيراني، وأن قرارها السياسي والعسكري بيد طهران، وليس للحوثي أي قرار، وأن من يدفع ثمن هذه الحرب التي شنتها الميليشيات هو الشعب اليمني الذي قتل وجرح وشرّد مئات الآلاف منه في سبيل تنفيذ أجندة إيران.
وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي، وفي مقدمته الأمم المتحدة، والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بتحمل مسؤوليته في الضغط على النظام الإيراني لرفع يده عن اليمن ووقف جميع أشكال الدعم التي يقدمها للميليشيات الحوثية، واستخدامها أداة لاستهداف الجارة السعودية، وتنفيذ أجندته التخريبية، وتهديد خطوط الملاحة الدولية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.