الجزائر: نقابات المحامين تصعِّد ضد «إفراط القضاة» في سجن «نشطاء الحراك»

TT

الجزائر: نقابات المحامين تصعِّد ضد «إفراط القضاة» في سجن «نشطاء الحراك»

قررت نقابات المحامين في الجزائر التصعيد ضد القضاة بسبب «الإفراط» في إصدار أوامر إيداع الحبس الاحتياطي ضد الناشطين الذين يعارضون سياسات السلطة الجديدة، وخصوصاً مسعى تنظيم الانتخابات الرئاسية، المقررة في 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأفرجت محكمة بالجزائر العاصمة، أول من أمس، عن بلال زيان، وهو واحد من المتهمين بـ«المس بالأمن العام»، أو «التأثير على معنويات الجيش»، بسبب متاعب صحية يعاني منها. وقال محاميه لـ«الشرق الأوسط» إنه ضيّع عدة مواعيد للعلاج الكيميائي، منذ دخوله السجن في 13 من الشهر الماضي.
وثار ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي غضباً، بعد تداول خبر «سجن مريض بالسرطان، ناشد قاضي التحقيق تركه يعالج خارج السجن، مع تعهده بأنه يبقى تحت تصرفه في حال استدعائه، غير أن القاضي رفض».
وبمجرد أن أفرج عن بلال، تلقى اتصالات من عدة أشخاص يريدون مساعدته بالمال ليكمل علاجه، ولأنه يعيش ظروفاً مادية صعبة. ويقيم بلال ببلدة مفتاح جنوبي العاصمة، وهي منطقة عاشت جحيم الإرهاب في تسعينات القرن الماضي.
وفي سياق الاعتقالات المكثفة التي تطال نشطاء الحراك، أصدرت نقابة المحامين بالعاصمة بياناً شديد اللهجة ضد القضاة، دانت فيه «الإفراط في اللجوء إلى الحبس الاحتياطي» ضد نشطاء سياسيين. وقال المحامون الغاضبون إن هناك أكثر من 30 ناشطاً رفضت محاكم العاصمة أول من أمس طلب الإفراج المؤقت عنهم، مشيرين إلى «توفر الشروط القانونية التي تتيح للمعتقلين أن يخضعوا للمتابعة القضائية خارج السجون». وبحسب هؤلاء المحامين، فإن «قانون الإجراءات الجزائية»، يفيد بأن الحبس الاحتياطي «ينبغي أن يكون استثناء، بينما جعل القضاة منه قاعدة».
وقاطع محامو رجل الثورة لخضر بورقعة جلسات التحقيق القضائي، التي أجريت معه خلال الشهرين الماضيين، احتجاجاً على «متابعة ذات أبعاد سياسية». وتم سجن بورقعة (86 سنة) بسبب تصريحات حادة ضد الجيش وقائده الفريق أحمد قايد صالح، الذي يقف وراء سجن عدد كبير من وجهاء النظام والنشطاء المعارضين، وهو من حدد تاريخ الانتخابات، كما هدد الناشطين المعارضين بالسجن، إن هم حاولوا عرقلة التحضيرات للاستحقاق.
ويحكم قائد الجيش سيطرته بشكل كامل على كل أجهزة الدولة، بما في ذلك البرلمان، وقد سجن رئيسي وزراء وعدة وزراء وعشرات رجال الأعمال، كانوا من أبرز وجوه «الحكم البوتفليقي». كما سجن لاحقاً عشرات من النشطاء السياسيين؛ لأنهم عارضوا سياسته وهاجموه بشدة. وفي سابقة أثارت جدلاً كبيراً، حدد صالح تاريخ الرئاسيات المقبلة 12 ديسمبر المقبل، وهدد باعتقال كل من يعمل في الميدان للحؤول دون تنظيم الاستحقاق الذي رفضته المعارضة، وأعلن قادتها عزوفاً عن الترشح.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».