يناقش البرلمان التركي مذكرة رفعتها الحكومة إليه تطلب السماح بالتدخل العسكري في سوريا والعراق، والتعاون مع قوات التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم «داعش» في البلدين، فيما كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يكرر رفض «الحلول المؤقتة»، مؤكدا أن تركيا «لن تسمح باستخدامها لهذه الغاية»، وجدد التأكيد على رغبة أنقرة في الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وكشفت مصادر تركية رسمية لـ«الشرق الأوسط» عن توجه لدى أنقرة لفتح معسكرات تدريب للمقاتلين السوريين المناوئين للنظام السوري وتنظيم «داعش» على أراضيها، أو في الداخل السوري، إذا ما أقرت المنطقة العازلة، لتمكينهم من «مواجهة الخطرين معا». وقالت المصادر أن تركيا التزمت منذ بداية الأحداث في سوريا باستضافة العسكريين السوريين المنشقين عن جيش النظام في معسكرات أقيمت لهم، لكنها كانت مخصصة للإقامة فقط، فيما يجري التفكير حاليا في إقامة مراكز تدريب للمقاتلين السوريين المعتدلين، بغية تحسين مهاراتهم القتالية ومساعدتهم على تنظيم أنفسهم بشكل يمكنهم من مواجهة المخاطر المتزايدة جراء نمو التنظيمات الإرهابية وتمددها.
وكشفت مصادر تركية أمس عن أن أنقرة وضعت بالفعل مخططات لـ«منطقة آمنة» في سوريا، لكنها أشارت إلى أن هذه الخطط تستثني المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» والتنظيمات الكردية السورية. وأوضحت المصادر أن المنطقة الآمنة قد تكون في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر أو الجبهة الإسلامية. وأوضحت أن أنقرة طالبت قوات التحالف الدولي بإقامة هذه المنطقة، وتفضل عدم التفرد بهذا القرار، لكنها قد تقدم عليه لمواجهة أزمة النازحين التي تزداد شدة يوما بعد يوم. وقالت إن تركيا تريد نقل اللاجئين السوريين من الأراضي التركية إلى مخيمات جديدة في شمال سوريا.
ودمجت الحكومة التركية المذكرة التي تقر سنويا للسماح لها بالتدخل في شمال العراق لملاحقة مقاتلي تنظيم «حزب العمال الكردستاني» (بي.كي.كي) المحظور، مع مذكرة تسمح لها بالتدخل في سوريا أقرت في عام 2012، وجددت مرة ثانية في عام 2013. وأكّدت الحكومة، بعدما ضمّت مذكرتي العراق وسوريا معا، أن «الخطر الذي يهدد تركيا، هو منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية والمنظمات الإرهابية الموجودة في العراق وسوريا»، في حين أنها لم تشر على الإطلاق في مذكرتي العراق وسوريا، العام الماضي، اللتين قدمتهما منفصلتين، ووافق عليهما البرلمان، إلى أي «منظمة إرهابية» في المنطقة سوى منظمة حزب العمال الكردستاني. والجديد في المذكرة هو فتح الأراضي التركية للقوات المسلحة الأجنبية لمكافحة «المنظمات الإرهابية» في كل من العراق وسوريا.
ويتوقع أن يقر البرلمان التركي المذكرة، على الرغم من إعلان الحزب المعارض الرئيس، الشعب الجمهوري عزمه التصويت ضدها، لتمتع الحزب الحاكم بأغلبية مريحة. كما أن حزب الحركة القومية المعارض قد يصوت أيضا لصالح المذكرة وفق ما أفادت به المعلومات.
إلى ذلك، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: «نحن منفتحون ومستعدون لأي تعاون على صعيد مكافحة الإرهاب، ولكن ليعلم الجميع أننا لن نسمح باستغلال بلدنا من أجل التوصل إلى حلول مؤقتة». ونفى إردوغان في أول كلمة يلقيها بالجمعية العامة للبرلمان التركي، بصفته رئيسا للجمهورية بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية، وجود أي رغبة لدى تركيا بالتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد جار لها أو يقع في منطقتها، أو أي مطمع في أراضي جيرانها، مبينا أن بلاده لا تنظر إلى تلك البلدان من منطق الباحث عن مصلحته الخاصة فقط. وقال: «سنقاتل بفاعلية تنظيم الدولة الإسلامية وكل المنظمات الإرهابية الأخرى في المنطقة. ستكون هذه هي أولويتنا دائما. وسنواصل أيضا إعطاء الأولوية للإطاحة بالنظام السوري والمساعدة في حماية وحدة الأراضي السورية والتشجيع على نظام حكومي دستوري وبرلماني يشمل كل المواطنين». ورأى إردوغان أن أطنان القنابل من الجو ستؤخر التهديد والخطر فحسب. وأضاف: «نحن منفتحون ومستعدون لأي تعاون في محاربة الإرهاب. لكن يجب أن يفهم الجميع أن تركيا ليست دولة تسعى لحلول مؤقتة ولن تسمح للآخرين باستغلالها».
ورفض رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو الاتهامات التي وجهت لتركيا خلال الفترة الماضية، بالتعاون مع «داعش» ودعم الإرهاب، واصفا تلك الاتهامات بـ«المغرضة»، وأضاف «ونحن نعرف جيدا من يروج لها، فهي اتهامات لا أساس ولا مسند لها». وقال: «يفترون بهذه التهم على حكومة أعلنت من قبل (داعش) تنظيما إرهابيا بموجب قرار لمجلس الوزراء، ونحن كدولة مستعدون لاتخاذ كافة الخطوات من أجل إخماد هذه النيران، ووقف قتل الأبرياء، والتخلص من الإرهاب بشكل كامل».
وأشار إلى أن تركيا مستعدة لأخذ أي دور في بناء مشترك مع المجتمع الدولي، على أن يكون ذلك وفق 3 شروط: «أولها الأمن القومي، ومصالحنا القومية، وهذا هو أهم شرط، فنحن مستعدون لاتخاذ كافة الخطوات من أجلهما، ولا يمكن لأي فرد أن يسألنا عما نفعل سوى شعبنا الحبيب، ثانيها الاهتمام بكل أصدقائنا الوافدين من دول الجوار دون أي تمييز على أساس مذهب أو عرق أو دين، ثالثها الاستقرار الإقليمي، فنحن نريد في هذه المنطقة مستقبلا آمنا ممتلئا بالرفاهية والاستقرار، ومستعدون للتعاون مع المجتمع الدولي في أي عمل يخدم ذلك، لكن لا بد من تطوير استراتيجية متكاملة من أجل التوصل لحل نهائي، لأن أنصاف الحلول تؤدي حتما إلى مشكلات أكبر».
وفي سياق متصل، أوقفت الشرطة التركية، أمس، 3 طلاب من جامعة إسطنبول عُدُّوا مقربين من تنظيم داعش بعد صدامات وقعت خلال مظاهرة ضد التنظيم.
وتدخلت قوات الأمن صباح أمس في كلية الآداب والعلوم في مقاطعة بايزيد بإسطنبول إثر هجوم شنته مجموعة من الطلاب الإسلاميين مسلحة بهراوات وحجارة على مجموعة شبان كانوا ينددون بممارسات «داعش» في سوريا والعراق. وكان الطلاب الثلاثة يرتدون أقنعة وقبعات سوداء بلون علم «الدولة الإسلامية»، بحسب صحيفة «حريت». وانتشر العشرات من أفراد الشرطة والآليات المدرعة وخراطيم المياه في الجامعة «لاستتباب الهدوء».
أنقرة تبحث إنشاء معسكرات تدريب للمعارضة السورية وإردوغان يرفض استغلال بلاده لـ«حلول مؤقتة»
مصادر تركية لـ {الشرق الأوسط} : سنقيم «منطقة آمنة» حتى لو رفضها التحالف
أنقرة تبحث إنشاء معسكرات تدريب للمعارضة السورية وإردوغان يرفض استغلال بلاده لـ«حلول مؤقتة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة