التحالف يغير استراتيجيته ويقصف «داعش» قرب كوباني نهارا

مسؤول كردي لـ {الشرق الأوسط}: نشهد المعارك الأعنف منذ 17 يوما.. ومستعدون لـ«حرب شوارع»

صورة وزعت أمس لمواطنة من أكراد تركيا تتابع معارك كوباني من داخل الأراضي التركية (أ.ب)
صورة وزعت أمس لمواطنة من أكراد تركيا تتابع معارك كوباني من داخل الأراضي التركية (أ.ب)
TT

التحالف يغير استراتيجيته ويقصف «داعش» قرب كوباني نهارا

صورة وزعت أمس لمواطنة من أكراد تركيا تتابع معارك كوباني من داخل الأراضي التركية (أ.ب)
صورة وزعت أمس لمواطنة من أكراد تركيا تتابع معارك كوباني من داخل الأراضي التركية (أ.ب)

في هجوم صباحي نادر من نوعه لقوات التحالف، شنت غارات جوية على مقاتلي «داعش» الذين يحاصرون مدينة كوباني (عين العرب) على الحدود السورية مع تركيا، بعدما كانت تعتمد في الأغلب على الغارات الليلية وتهدف إلى تدمير قواعد وقوات التنظيم الذي سيطر على أجزاء كبيرة من أراضي العراق وسوريا. وفي حين استمرّت المعارك الطاحنة، أمس، بين القوات الكردية ومقاتلي «داعش» الذين باتوا على بعد كيلومترات قليلة من المدينة، قال مسؤول كردي من داخل كوباني إن القوات الكردية باتت «على جهوزية كاملة لحرب الشوارع في حال نجح داعش في دخول المدينة».
وشنت طائرات التحالف، أمس، أولى غاراتها على التنظيم على تخوم كوباني في وضح النهار، في تغيير واضح لاستراتيجية التحالف في توقيت ضرب «داعش»، الذي كان مقاتلوه ينكفئون ليلا مع انطلاق الغارات ويتقدمون نهارا باتجاه المدينة بعد مغادرة مقاتلات التحالف سماء المنطقة.
وكان نائب مسؤول الهيئة الخارجية في الإدارة الذاتية في كوباني، إدريس نعسان كشف في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن مقاتلي «داعش»: «يستغلون غياب الضربات الجوية للتحالف في النهار لشن الهجمات وإطلاق القذائف البعيدة المدى باتجاه أحياء الآمنين».
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، أمس، أن مقاتلاتها قصفت مرة جديدة أمس مواقع التنظيم حول كوباني للحؤول دون وقوعها بأيدي عناصره. وقالت القيادة العسكرية الأميركية المكلفة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في بيان إن مقاتلات أميركية وطائرات من دون طيار وجهت الثلاثاء والأربعاء ثلاث ضربات جوية على مواقع قرب المدينة، وإن تلك الغارات دمرت آليات عسكرية لمقاتلي «داعش» ومدفعا ودبابة.
وتواصلت المعارك الطاحنة، أمس، بين مقاتلي التنظيم والقوات الكردية على أطراف كوباني المتاخمة للحدود التركية والتي «يدافع عنها الأكراد بشراسة». ووصف رئيس الهيئة التنفيذية في مقاطعة كوباني، أنور مسلم لـ«الشرق الأوسط»، من داخل المدينة، المعارك بـ«الأعنف» منذ 17 يوما. وقال مسلّم، الذين لا يزال يقيم في كوباني، إنّ «داعش» أصبح على بعد ما بين 3 و5 كيلومترات، «ويحاول، دون جدوى، اقتحام المدينة بفعل المقاومة الشرسة من قبل قوات حماية الشعب الكردي والمدنيين». ولفت إلى أنّ ضربات التحالف التي استهدفت نحو 6 مواقع لـ«داعش» تساهم إلى حد كبير في الحؤول دون تقدم التنظيم.
وكشف مسلّم لـ«الشرق الأوسط» عن أنّ الأكراد باتوا مستعدين منذ 4 أيام للدخول في حرب شوارع مع داعش، إذا استطاع الدخول إلى كوباني، موضحا أنّ المعركة عندها لن تكون لصالح مقاتلي التنظيم، لأسباب عدّة أهمّها جهل مقاتليه بتفاصيل المنطقة ومناطقها وأحيائها، إضافة إلى الخبرة التي باتت تمتلكها قوات حماية الشعب في حربها قبل ذلك في حلب ورأس العين.
وأضاف أنّ «انسحاب قوات حماية الشعب من القرى التي سيطر عليها داعش، منعا لارتكاب مجازر في صفوف المدنيين ساهم في عدم استنزاف قوة المقاتلين الأكراد، وهو أمر إيجابي». وتابع: «لم نستخدم كامل قوتنا لغاية الآن، قوتنا الحقيقية ستظهر في حرب الشوارع»، مشيرا في الوقت عينه إلى أنّ استمرار الضربات ضدّ التنظيم يساهم كذلك في تقليص قدرات مقاتليه في المعركة.
وبينما طالب مسلّم المجتمع الدولي بمد الأكراد بالسلاح اللازم، أشار إلى أن المعركة «غير متكافئة» وقوات حماية الشعب تحصل على الأسلحة بتمويل ذاتي ومن خلال بعض التجار الموالين لها. وقال إنّ عدد المقاتلين الفعليين من حماية الشعب يبلغ نحو 5 آلاف، لكن هناك أيضا المئات من الشباب المدنيين المتطوعين والمستعدين للقتال في أي لحظة. وأكّد أنّه وبفعل العمليات النوعية والمعارك التي تخوضها قوات حماية الشعب، استطاعت ومنذ بدء الهجوم على كوباني قتل العشرات من القياديين والعناصر.
ودارت ليل الثلاثاء/ الأربعاء معارك طاحنة بين مقاتلي التنظيم والقوات الكردية على أطراف المدينة أسفرت عن مقتل 9 مقاتلين أكراد ومقاتل واحد من التنظيم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن إلى أن «مقاتلي قوات الحماية الكردية رفضوا الانسحاب (خلال الاشتباكات) ويدافعون بشراسة عن البلدة رغم قلة عددهم وعتادهم»، مضيفا أنها «قضية حياة أو موت».
وقام التنظيم الذي ظهر في سوريا عام 2013 ويبث الذعر في كل من العراق وسوريا، بشن هجوم مباغت في منتصف سبتمبر (أيلول) على مناطق بالقرب من كوباني سيطر خلاله على نحو 67 قرية، ما دفع قرابة 160 ألف شخص من المدنيين الأكراد إلى الفرار إلى تركيا. ولمواجهة تقدم داعش، وصل حوالي 300 مقاتل كردي من تركيا إلى سوريا لمساعدة إخوانهم المحاصرين في سوريا. ويسعى التنظيم إلى الاستيلاء على المدينة من أجل تأمين تواصل جغرافي بين المناطق التي يسيطر عليها والحدود التركية.
وأشار عبد الرحمن إلى أن «مئات المقاتلين الأكراد يواجهون آلاف الجهاديين الذين يملكون المدافع الثقيلة وراجمات صواريخ عيار 220 مم بالإضافة إلى الدبابات، فيما يتكون عتاد الأكراد من بنادق الكلاشنيكوف ورشاشات ثقيلة من طراز دوشكا وقاذفات آر بي جي».
وفي غضون ذلك، قال المرصد السوري إن عناصر تنظيم «داعش» ذبحوا 7 رجال و3 نساء على بعد 14 كيلومترا إلى الغرب من كوباني، وأضاف أن مدنيا كرديا ذبح أيضا.
وقال إنه لا يعلم لماذا اعتقلوا أو ذبحوا، مضيفا أن تنظيم «داعش» وحده الذي يعرف، وأن ذلك ضمن سياسة ترويع الناس.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».