وزير خارجية قطر: سياستنا قد تبدو للوهلة الأولى حالة يستعصي فهمها

أقر بأنها قد تكون مصدر إزعاج لما وصفه بـ«الأطراف المهتمة بالحفاظ على الوضع الراهن»

الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية القطري
الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية القطري
TT

وزير خارجية قطر: سياستنا قد تبدو للوهلة الأولى حالة يستعصي فهمها

الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية القطري
الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية القطري

أقر الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية القطري بأن سياسة بلاده الخارجية قد تكون مصدر إزعاج لما وصفه بالأطراف المهتمة بالحفاظ على الوضع الراهن، «لأنها لا تندرج تلقائيا ضمن مجموعة آيديولوجية واحدة، أو لا تستجيب تلقائيا لاعتبارات اصطفاف عفا عليها الزمن»، موضحا أنه غالبا ما يكون الانتقاد هو الثمن الذي يتعين دفعه لقاء اتخاذ موقف ثابت واتباع مبادئ يؤمن بها أصحابها. ولكن لسوء حظ الجهات المناوئة لنا، فإن استقلال السياسة الخارجية لقطر هي، ببساطة، أمر غير قابل للتفاوض.
جاء ذلك في كلمة له بكلية «وودرو ويلسون» للشؤون العامة والدولية بجامعة «برنستون» في ولاية نيوجيرسي الأميركية ونقلتها وكالة الأنباء القطرية وتحدث فيها عن سياسات بلاده قائلا إن «دولة قطر بلد طموح يزخر بالشباب، تواق إلى التنمية والتقدم، تحيط به في الوقت نفسه النزاعات والمصالح الخارجية، حريص على العمل من أجل الاستقرار والسلام في المنطقة».
وقال «قد تبدو قطر، للوهلة الأولى، حالة يستعصي فهمها بالكامل.. لا سيما في سياق الهجوم الإعلامي المتواصل الذي تفبركه أقلام مأجورة وحفنة من جماعات الضغط»، مضيفا أن «قطر بتطلعاتها القوية إلى النمو والانخراط وإلى إسماع صوتها.. هذه الدولة التي تنتهج منظورا مختلفا في التعاطي مع القضايا السياسية وحل النزاعات.. تشكل، من نواح عدة، تشبيها مثيرا للاهتمام للشرق الأوسط ومستقبله.. فهي بلد طموح يزخر بالشباب، تواق إلى التنمية والتقدم، تحيط به في الوقت نفسه النزاعات والمصالح الخارجية».
وقال الدكتور خالد بن محمد العطية لقد اتخذت قطر ببساطة موقفا مختلفا في أعقاب الربيع العربي، بدعمها الشعوب والحكومات التي تمخضت عنها هذه الثورات. لقد اختارت قطر مواكبة ومساعدة العمليات الديمقراطية التي كانت تظهر في العالم العربي، والتي ركزت على تحسين حياة الناس اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. ثمة أطراف أخرى نظرت إلى الأمر بشكل مختلف، ونحن نحترم ذلك.
وأضاف أننا «بكل بساطة، نعتقد أن الخلاف البناء والاختلاف الصادق في الرأي يحملان معهما قيمة كبيرة. ومع أننا نأسف للانتقاد غير المنصف الموجه إلينا، فنحن نشعر أنه يحق لنا أسوة بغيرنا أن تكون لنا آراؤنا الخاصة بنا، وأن يكون لنا منظورنا الخاص بنا، وأن نتخذ قراراتنا الخاصة بنا».
وأكد في كلمته «أن دولة قطر لا يمكنها إلا أن تنتهج سياسة خارجية فخورة ومستقلة، بمعزل عن أي تأثير خارجي»، متحدثا عن أنها «لا تتبع ما وصفه بعقلية الكتل السائدة في الشرق الأوسط أيا تكن الأطراف التي تختار الانضمام إلى معسكر أو آخر، بشكل مباشر أو غير مباشر».
وتابع قائلا «قطر هي من تصنع قراراتها وهي من تشق دربها» فكما قال أميرنا: «نحن لا نعيش على هامش الحياة، ونحن لا نمشي على غير هدى. نحن شعب صاحب رؤية». وشدد على أن الدبلوماسية القطرية لا ترسمها وسائط الإعلام، أو مراكز الفكر المتحيزة، أو أي شخص آخر، مضيفا أن «دبلوماسيتنا مستقلة وترتكز على مبادئ راسخة. وقد تكون قطر موضع الكثير من الهجمات، لأنها ترفض أن تتبع سيناريو محددا مسبقا أو أن ترغم على أداء دور معين – سواء كان ذلك على الصعيد الإقليمي أو الدولي».
وتطرق وزير الخارجية إلى الدور الأميركي في ظل الحالة الراهنة في تلك المنطقة من العالم بالغة الخطورة، مضيفا أن «دولة قطر، شأنها شأن عدد من البلدان العربية الأخرى، تؤمن إيمانا قويا بالدور المحقق للاستقرار الذي يمكن أن تضطلع به الولايات المتحدة في المنطقة لذا من الطبيعي أن يتعاون وينسق بلدانا بين بعضهما البعض بشكل وثيق في المسائل العسكرية والأمنية».
وفي هذا الإطار أشار إلى توقيع البلدين في يوليو (تموز) الماضي اتفاق معدات عسكرية بقيمة 11 مليار دولار، مما يرسخ بشكل إضافي شراكتنا الاستراتيجية.
وكان وزير الخارجية القطري قد نفى في رده على أسئلة أي علاقة لبلاده بالجماعات المتطرفة أو دفع فدى للإفراج عن رهائن. وفي كلمته تطرق إلى هذا الموضوع متحدثا عن العمل الصامت ولكن الفعال الذي تقوم به قطر من أجل الإفراج عن الكثير من الرهائن على مر السنين، وشمل ذلك، من جملة أمور تحرير الراهبات السوريات مؤخرا و45 فردا فيجيا من أفراد قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وبطبيعة الحال، مواطنكم بيتر ثيوكورتس، مؤكدا أن هذا الدور المهم والمعقد الذي كان في بعض الأحيان عرضة للانتقاد، ينبغي ألا يكون موضع تشكيك وألا يعتبر أمرا مسلما به.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.