نسخ الحمض النووي... لعلاج الأمراض

توصل علماء بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنيّة (كاوست) أخيراً إلى خطوة حاسمة بشأن عملية مضاعفة أو نسخ الحمض النووي «DNA» (قدرة الخلايا على الانتقال من جيل إلى آخر بالحفاظ على درجة عالية من الدقة والاستمرار في الوظائف). وتعد هذه العملية من أعقد العمليات الحيوية، حيث تتطلب سرعات كبيرة ودقّة متناهية، وقد يفتح اكتشاف التفاصيل المُعَقَّدة لعملية نسخ الحمض النووي الباب واسعاً أمام التوصل لمعرفة طرق جديدة لاستهداف مجموعة من الأمراض، مثل السرطان. وتجدر الإشارة إلى أن طول الحمض النووي في كل خليّة بشريّة يصل لنحو 3 مليارات زوج قاعدي (الوحدة المكونة للحمض النووي)، ويجب نسخه في كل انقسامٍ للخليّة، وهو ما يحدث نحو تريليوني مرة يومياً.
وفي حال حدوث أخطاء في نسخ الحمض النووي فقد تصبح الخلايا غير سويَّة مما يتسبب في حدوث الأمراض، فعلى سبيل المثال قد يؤدي حدوث طفرة في شفرة الحمض النووي بما يسمح للخلية بالانقسام بلا سيطرة إلى الإصابة بالسرطان. وهذا يجعل من الضروري فهم كيفيّة نسخ الإنزيمات للحمض النووي وكيفية إصلاحها له، حسب قول منال زاهر، طالبة الدكتوراه ضمن مجموعة البروفسور سمير حمدان، أستاذ العلوم البيولوجية المشارك في قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية بكاوست، والباحثة الأولى في الدراسة.
درست زاهر الإنزيمات التي تسمح لجدائل الحمض النووي القصيرة المتكوّنة في أثناء نسخ الحمض النووي، والمسمّاة «شظايا أوكازاكي Okazaki fragments»، بالارتباط معاً لتكوين شريطٍ متواصل منه. و«شظايا أوكازاكي»، التي سميت باسم مكتشفها العالم الياباني بريجي أوكازاكي خلال أبحاثه على بكتيريا إشريكية قولونية عام 1966، هي شظايا الحمض النووي للحبل المتقطع، الذي تم توليفه في أثناء تكرار الحمض النووي الكروموسومي.
ومن خلال عملية تسمّى «إنضاج شظايا أوكازاكي - Okazaki fragments maturation»، يقصّ إنزيم «FEN1» -هو إنزيم يشارك في ربط أجزاء الحمض النووي معاً، والتفاعل مع الحمض النووي المثبت- سدائل «شظايا أوكازاكي» التي تنبغي إزالتها قبل أن تندمج الشظايا. وتوضح زاهر أن الانتقائيّة المعتمدة على التسلسل تُفسِّر جزئياً سرّ الدقّة في النسخ، إلا أننا نفتقر إلى معلومات مهمّة عن أساس عمليّة القصّ المعتمدة على البنية بواسطة إنزيم «FEN1» المطلوبة عند نحو 50 مليون موقع من مواقع شظايا أوكازاكي خلال نسخ الحمض النووي البشريّ. وفي عدّة أنواع من السرطان، تحدث تغيّرات في إنزيم «FEN1» ويجري إنتاجه بإفراط، وقد أرادت زاهر دراسة الدور الفعلي لهذا الإنزيم.